غزة حسن دوحان غدرتهم التهدئة الانسانية في اول ايام عيد الفطر المبارك، فعادوا ادراجهم الى منزلهم في حي الجنينة شرقي رفح، لينعموا بالنوم والراحة في بيتهم بعد خمسة ايام من اللجوء والمعاناة في مدرسة أ للاجئين ..
وما ان انتصف الليل حتى فوجئوا بقصف من قبل طائرات الحرب الاسرائيلية على منزلهم فهرعوا للهرب الا ان الصواريخ لم تمهلهم وباغتتهم وهم امام منزلهم ليقضوا شهداء..
هذه قصة استشهاد ثمانية مواطنين في قصف اسرائيلي استهدف منزلا يعود لعائلة أبو زيد في حي الجنينة بمدينة رفح جنوب القطاع.
وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية أغارت على منزل عائلة أبو زيد دون سابق إنذار موقعة 7 شهداء وعشرات الاصابات بينهم اطفال ونساء.
والشهداء هم: احمد عبد الله حسن ابو زيد، وداد احمد سلامة ابو زيد، شمة وائل ابو زيد، مريم مرزوق ابو زيد، فلسطين محمد ابو زيد، الطفل عبد الله نضال ابو زيد، بيسان اياد ابو زيد.
تلك الحوادث دفعت الالاف العائلات القاطنة بالقرب من الشريط الحدودي الشرقي والشمالي لقطاع غزة لترك منازلهم تحت القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي المكثف، فمع دخول الليل بدأت الدبابات والمدفعية الإسرائيلية بقصف عشوائي على طوال الحدود من رفح وحتى بيت حانون ما خلق حالة من التوتر في صفوف الذين تركوا منازلهم على عجل حتى وصلوا مناطق أكثر أمناً، قبل ان يستقروا في مدارس وكالة الغوث على بعد نحو 7 كيلومترات قطعوها مشياً على الأقدام.
وقد وصل عدد النازحين في قطاع غزة قرابة 400 الف مواطن لم يعد هناك متسع لايوائهم في مدارس الاونروا فلجئوا الى اقاربهم ومدارس الحكومة والمؤسسات الاخرى، وجزء منهم لا زالوا في الشوارع بحثاً عن مأوى لهم..
ووصف النازحون الجدد في مدارس غوث وتشغيل اللاجئين ساعات الليلة الأولى من بدء العدوان الإسرائيلي البري في قطاع غزة بالصعبة والمؤلمة، وقالوا لقد كان الموت يطاردنا ونحن نجري في الطرق والطائرات وقذائف المدفعية الإسرائيلية تتساقط علينا، مشيرين إلى ان تلك الليلة تعيدهم لما سمعوه من أجدادهم حول نكبة عام 1948.
ويقول راغب احمد "65 عاما" لقد اضطررت مع أسرتي وعددها 20 فردا لمغادرة منزلنا في منطقة الجنينة شرق رفح بعدما واجهنا الموت أكثر من مرة، جراء القصف الإسرائيلي المتواصل بشكل عشوائي بالقذائف المدفعية والتي كانت تنهال على جانبي الطريق التي سلكناها مع عشرات العائلات التي تسكن نفس المنطقة، ويضيف لقد تركنا منازلنا متوكلين على الله وكان الجميع ينطق الشهادتين.
وتتشابه روايات الموت للنازحين الجدد في المضمون مع الاختلاف في الوصف، فالبعض نجا من الموت، والبعض الآخر خلف وراءه شهداء وجرحى من أقاربه وأصدقائه وجيرانه، بينما يتواجد من نجوا وغادروا منازلهم في مراكز إيواء مؤقتة بمدارس "أونروا"، في أوضاع بائسة، من دون توفر أبسط مقومات الحياة.
وتقول صفية عامر "36 عاما" من رفح "لقد تركنا منزلنا الكائن بالقرب من مطار غزة الدولي منتصف الليل تحت وابل من القصف المدفعي وصواريخ الطائرات"، وتشير الى انها فوجئت بالقصف ينهال على منزلها والمنازل المجاورة بلا توقف، فهربت دون ان ملابس وترك فلوسها وكافة مقتنياتها".
استشهاد العشرات منهم..
شهادات مروعة لحياة "غير إنسانية"
ويقول المواطن عبد الحميد وافي ان مسلسل التهجير القسري ما يزال مستمرا بحق المدنيين من أبناء شعبنا في قطاع غزة.
ويضيف وأعتقد لو أن الناس لجأوا لمقر الأمم المتحدة في قطاع غزة أو المقر الرئيس لوكالة الغوث سوف تلاحقهم قذائف وصواريخ العدو الصهيوني. ولن يجدوا الحماية التي ينشدونها.
وكانت قوات الاحتلال استهدفت بالقصف عدد من مراكز الايواء في قطاع غزة مما ادى الى لا طعام ولا دواء ولا فراش وانتشار الأمراض الخطيرة بين النازحين.
وتتواصل مأساة أهالي قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل لليوم الواحد والعشرون والذي راح ضحيته وفقا للمصادر الطبية الرسمية أكثر من 1100 شهيدا إضافة إلى ما يزيد عن الخمسة آلاف جريح معظمهم أطفال ونساء وشيوخ.
المجازر الإسرائيلية بحق العائلات الغزية دفعت الآلاف للنزوح من مناطق القتال على حدود قطاع غزة واللجوء إلى مراكز الإيواء كمدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين أو جميعات ومؤسسات أهلية فلسطينية تقدم خدمات للمشردين بإمكانيات متواضعة لا تكفي الحاجة أو حجم وهول الكارثة.
عيسى العالم منسق حملة شارك شعبك (أصوات من غزة) عن المحافظة الوسطى حجم الكارثة يفوق إمكانياتنا المتواضعة فلدينا 180 متطوع موزعين على مراكز إيواء بالمنطقة الوسطى ولكن عدد النازحين كبير جدا ويحتاج لجهود دولة" ويضيف العالم :" وفرنا الكثير من المساعدات للأسر المشردة ولكن لدينا أكثر من 15 ألف نازح لا يسأل بهم أحد والاونروا لا تقدم شيء وتتجاهل طلباتنا بمساعدة هؤلاء المشردين".
الحاجة أم سعيد تقيم في أحد مراكز الإيواء بالمنطقة الوسطى:" حصلن من الاونروا على فرشة واحدة ويتناوب جميع أفراد العائلة على النوم عليها , الأمر الذي دفع ابنتي صاحبة الـ15 عام للتوجه إلى منزلنا على الحدود الشرقية لقطاع غزة لجلب أمتعتنا من المنزل ولكن استهدفتنا قذيفة إسرائيلية فمزقت جسدها وأردتها شهيدة " مضيفة :" ناشدنا كثيرا بتوفير الفراش والغطاء والطعام لنا ولكن لا أحد يستمع وتوسلت للجميع بالبحث عن إبني المفقود ولا حياة لم تنادي من لنا غيرك يا الله يا الله يا الله" ختمت الحاجة أم سعيد والدموع تنهمر على وجنتيها اللاتي بدت عليهن ملامح البؤس والمأساة.
المريض أحمد (17 عاما) يقيم في احد مراكز الإيواء بالمنطقة الوسطى ويعاني من آلام في الجانب الأيمن من البطن وبعد تشخيصه تبين بأن لديه "الزائدة الدودية" وتم نقله للمستشفى ولكن الفاجعة أنه عاد بعد نصف ساعة دون أن يكشف عليه الأطباء في المستشفى حيث صرفوه وقال له الطبيب :" إحنا عنا إصابات مش فاضيين الك الآن".
ويروى المواطنون في مركز إيواء مدرسة المزرعة بدير البلح أن ثلاثة شبان صغار استشهدوا أول أمس بقذيفة إسرائيلية بسبب خروجهم من المركز للبحث عن مياه للشرب بعد أن نفذت المياه داخل المركز ورفضت الأونروا تعبئتها بعد طلبات متكررة من طرف النشطاء القائمين على مركز الإيواء".
وفقا لإحصائيات وكالة الغوث وتشغيل الاجئين فيوجد أكثر من 185 الف نازح فروا من مناطق الصراع على الحدود الشرقية لقطاع غزة إضافة الى الآلاف الذين فضلوا الإقامة لدى أقاربهم وأبنائهم في مناطق أكثر أمنا لحين انتهاء الحرب العدوانية على القطاع.


