خبر : شيماء حسنين.. وحكاية ملالا

الثلاثاء 01 يوليو 2014 02:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
شيماء حسنين.. وحكاية ملالا



شيماء حسنين.. وحكاية ملالا

غزة منال ياسين سما

حين نتخطى الحدود والمسافات .. وتجمعنا المأساة والعبرات .. فبين فلسطين والباكستان حكايات تروى من أفواه الثكالى والمعذبين.. ويتفجر الإبداع من ريشة وألوان وقلم رصاص.. يختلط الأبيض بالأسود لينتج الرماد.. فيتعارك الفن مع الألم وتهيج الفرشاة لتنسج عبر خيوطها قصة ملالا يوسف زاي بعيون شيماء حسنين.. 

 

ما بين الرسم والفنون الجميلة

شيماء حسنين، فتاة فلسطينية تقطن في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، تبلغ من العمر 21 عاماً، تدرس في جامعة الأقصى مستوي ثالث، تخصص فنون جميلة، تقول شيماء :" كنت أحب الرسم منذ كنت في رياض الأطفال، فقد كنت أعشق الألوان.

  وتؤكد أن الموهبة متأصلة بعائلتها،  سواء في مجال التخطيط أو الرسم، مشيرة إلى أن استمرارها بالرسم دون انقطاع كان بتشجيع كبير من الأهل للمضي قدماً في مسيرتها الفنية.

شيماء:" كنت أقول دائماً أريد أن أدرس رسم، ولكن حينما كبرت وكبرت أحلامي تنامى هذا المصطلح داخلي وأصبحت أعي تماماً أنه يسمى فنون جميلة، فقد حددت مساري  والتحقت بكلية الفنون الجميلة دون أي تردد".

وحول الصعوبات التي واجهتها شيماء حين دخولها أبواب الجامعة في ذات التخصص الذي أرادت كما أردت :"واجهت بعض الصعوبات من حيث خوف أهلي كون مقر الجامعة في مدينة خانيونس وأنا أقطن في مدينة غزة، ولكني تجاوزت هذا الموضوع ووصلت للسنة الثالثة والحمد لله".

أفكار تتفتح .. المعرض الأول

في التاسع عشر من فبراير من العام الجاري كانت الفرصة بافتتاح المعرض الأول الذي شاركت فيه شيماء، والذي كان بعنوان "أفكار تتفتح" حيث جاء هذا المعرض بالتعاون مع المركز الفرنسي وبيت التقاء الفنانين.

أما عن مدى نجاح المعرض تقول شيماء :"يعد المعرض من أكثر المعارض نجاحاً على مستوى فلسطين، كون الناس متعطشة لتري شيء جديد، فاسم المعرض أفكار تتفتح والذي يتعلق بالفنون المعاصرة كان مغري مما جذب الجميع".

البورتريه.. وجه وقصة

بالبداية كانت ميول شيماء تتجه نحو المشاركة  في المعرض بالنحت التجريدي بقصة معينة، ولكن سرعان ما تغيرت الفكرة بعدما شاهد بعض الفنانين في بيت التقاء الفنانين لوحاتها الفنية خاصة بالتون "الشغل على درجة واحدة من اللون".

"أميل لاستخدام الأبيض والأسود والرمادي من أقلام الرصاص، وقد دفعني تشجيع الجميع  للمشاركة بلوحة في مجال رسم البورتريه "رسم الوجه والشخصية " كوني قوية في هذا الاتجاه من الفن، وكون تجاربي بالنحت قليلة مقارنة بالرسم خصوصاً البورتريه، فالفنان يجب أن يكون ذكياً في اختيار المادة التي يريد المشاركة بها، ومن هنا خرجت فكرة وجه وقصة"..

ثلاثة وجوه.. وقصة واحدة

"كانت الفكرة أن أقوم برسم 3 بورتريهات لكل واحد قصة مختلفة، لكنني فضلت أن تكون الثلاثة لقصة واحدة، وقد شجعني على هذه الفكرة الفنان محمد الحواجري الذي أشكره كل الشكر على تشجيعه لي بالخوض في هذه التجربة".

أما فيما يتعلق بماهية اختيار الشخصية تقول شيماء :"المعرض قائم على فكرة الفنون المعاصرة الحديثة مثل فن الأنستليشن "فن التركيب" والفيديو أرت، لكنني قمت بربط الشي القديم ألا وهو قلم الرصاص بموضوع معاصر تسرد قصته ملالا يوسف زاي..

ملالا يوسف زاي

ملالا يوسف زاي شخصية باكستانية تعيش في منطقة وادي سوات، بدأت القصة عام 2007 منذ استولت حركة طالبان على المنطقة التي تعيش فيها ملالا، ففي عام 2009 كان عمر ملالا حوالي 11 سنة حين أقدمت حركة طالبان على إحراق جميع مدارس البنات، مما حرم ملالا وصديقاتها من التعليم. وقد استفز ملالا الإعدامات العلنية التي كانت تراها من شرفة منزلها،  لكن بشخصية ملالا الطموحة والتي لا تستسلم حولت هذا الاستفزاز إلي شيء إيجابي حيث قامت بكتابة مدونات عبر الإنترنت للــــ BBC  البريطانية تحت اسم مستعار.

 استمرت ملالا حتى عام 2012 بكشف جرائم طالبان للعالم والتي كانت تترجمها من اللغة الأردية إلي الانجليزية ليعلمها الجميع في كافة أنحاء العالم، إلى أن تم الاتفاق بين حركة طالبان والجيش الباكستاني على عقد اتفاقية سلام فيما بينهم على أن يتم اخلاء منطقة وادي سوات لتعود تحت سيطرة الحكومة الباكستانية.  

حقيقة (غول ماكاي)

فحين خروج حركة طالبان من المنطقة تم الكشف عن حقيقة (غول ماكاي)، وهو الاسم المستعار الذي كانت تطلقه ملالا على نفسها في مدوناتها عبر الانترنت فكانت صدمة كبيرة للعالم، خاصة لحركة طالبان كون ملالا طفلة لا يتجاوز عمرها الــــــــ 15 عاماً، وعلى إثر ذلك أقدمت حركة طالبان على اغتيال ملالا واثنتين من صديقاتها، فقد وجهوا رصاصة لرأسها فقدت من خلالها السمع، ناهيك عن كسر جميع عظام جمجمتها، حيث الأمل في أن تظل ملالا على قيد الحياة كان مفقود.

تبنت دولة الامارات العربية علاجها، ثم نقلت إلى لندن لاستكمال علاجها هناك، وهي لاتزال حتى العام الجاري مقيمة في بريطانيا وتمارس جميع حقوقها في التعليم.

شهر ملالا .. وجائزة نوبل للسلام

تعتبر ملالا أصغر شخص في العالم يعقد مؤتمر صحفي للشباب والسلام والتعليم في الولايات المتحدة الأمريكية،  وقد كانت ملالا معتزة جدا بجنسيتها الباكستانية، وترتدي الزي الباكستاني باللون الوردي، لتقف بكل ثقة وحب للسلام، حتى أن الشهر الذي قامت بإلقاء خطابها فيه سُمي بشهر ملالا.

 كما رشحت لجائزة نوبل للسلام للأطفال، فقد سلمتها الجائزة شخصية توكل اليمنية، لكن ملالا استغلت جميع الدعم المادي الذي حصلت عليه بفتح مكتبة بمدينة بير منجاهام لتحث الناس على التعليم خصوصاً الإناث.

ملالا.. بعيون شيماء

"أنا اعتبر ملالا معجزة من معجزات هذا العصر، كونها طفلة استطاعت فعل ما لم يستطع الكبار فعله بمجرد الخوف خاصة وأن ملالا أنثى".

تتابع شيماء :"على صعيدي الشخصي استفزتني شخصية ملالا بالشكل الإيجابي، وأحببتها كثيراً وأكون سعيدة جداً حين الحديث عنها، فملالا بوجهها البريء الملائكي المليء بالقصص والحكايا عاشت نفس المأساة التي عايشناها ولا زلنا نعايشها يوماً بعد الآخر".

ولكن هنا توقفت شيماء على أجمل حركة قامت بها ملالا دون قصد والتي تجلت في توحد الجميع على إدانة واستنكار الجريمة التي اقترفتها حركة طالبان في حق ملالا، فالشعب الباكستاني كله أحزاب وحركات متفرقة مختلفين بالرأي إلا أن اغتيال ملالا وحد الصف.

الإبداع والتحدي

"مجرد أن أقوم برسم شخص وأكرره مرة أخري فهذا الشيء مستفز بالنسبة لي، كوني لا أحب تكرار البورتريه، فكان تحدي برسم الشخصية ذاتها 3 مرات، مع الحفاظ على وحدة الاحساس والملامح".

بعد تلقي ملالا العلاج كانت تعاني خلل من الناحية اليسرى من وجهها، حيث الأنف والفم ونظرة العيون التي كان يظهر فيها الجحوظ قليلاً.

تقول شيماء :"تعمدت أن أظهر ذلك الخلل من خلال لوحاتي حتى تستفز الجمهور للسؤال عن سبب وقصة هذا التشوه، كما وتعمدت أن أرسم البورتريهات يمين ويسار ووسط، لأبين أن القصة بأكملها يدور محورها حول ملالا".

وحول السواد الموجود في اليمين واليسار تقول :"هو الظلم الذي كان يحيط بملالا، وتعمدت أن يكون وجهها في المنتصف ملاكي جداً، أبرزت ملامحها الطفولية وأنه رغم السواد المحيط بها إلا أنها استطاعت أن تحقق شيء عظيم، وممكن أن أعتبر الشخصية التي على اليمين وعلى اليسار هما صديقات ملالا الذين لم يستطعن فعل شيء".  

وفيما يتعلق بغصن الزيتون وحمامة السلام تقول :"قررت أن أعبر في لوحة المنتصف عن السلام، فرسمت حمامة السلام وغصن الزيتون ليس لشي إلا لأن ملالا استطاعت توحيد الشعب".

أمنيات تعانق المستقبل

"أتمنى أن أكون فنانة ناجحة بغض النظر عن الشهرة، كما أنني أرغب بالتوجه ناحية النحت لأنه يلامس شغفي كثيراً، فحين تداعب يداي الطينة وأنحت بالجبس وتتسخ ملابسي هذا يشعرني بقمة السعادة".

وحول التدريب الذي حصلت عليه خلال المعرض، والمتخصص في الفنون المعاصرة تقول :"كانت فرصة رائعة بالنسبة لي وأتمنى المشاركة في معارض أخري".