بغداد- وكالات-نظم آلاف المقاتلين الشيعة أمس استعراضات مسلحة في عدة مناطق من العراق، معلنين جهوزيتهم لمقاتلة الجهاديين السنة الذين وسعوا هجومهم الكاسح عبر السيطرة على مناطق جديدة في غرب البلاد بينها معبر القائم الحدودي مع سورية.
ووسط هذه التطورات الميدانية المتسارعة في العراق، يعود وزير الخارجية الأميركي جون كيري اليوم الى الشرق الأوسط لبحث النزاع في هذا البلد الذي غادرته القوات الأميركية نهاية 2011 وتستعد للعودة اليه ضمن تدخل عسكري محدود ومحدد الهدف.
وسارت أمس في منطقة مدينة الصدر التي تسكنها غالبية شيعية في شرق بغداد شاحنات محملة بقاذفات صواريخ بين آلاف المقاتلين الذين ارتدى بعضهم ملابس عسكرية، بينما ارتدى آخرون ملابس سوداء حاملين أسلحة رشاشة وأسلحة خاصة بالقناصة وقذائف "ار بي جي".
ويسيطر مسلحون من تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وتنظيمات سنية متطرفة اخرى منذ اكثر من عشرة أيام على مناطق واسعة في شمال العراق بينها مدن رئيسية مثل الموصل (350 كلم شمال بغداد) وتكريت (160 كلم شمال بغداد).
وقد اعلن تنظيم "الدولة الإسلامية"، أقوى التنظيمات المتطرفة التي تقاتل في العراق وسورية، عن نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.
وبينما تصارع القوات العراقية لاستعادة مناطق من المسلحين، وسعت هذه الجماعات المسلحة نفوذها أمس نحو مناطق جديدة في محافظة الأنبار غرب العراق.
وقال ضابط برتبة مقدم في شرطة مدينة القائم (340 كلم شمال غرب بغداد) لوكالة فرانس برس ان "المسلحين سيطروا بالكامل على القائم ووسعوا صباح اليوم سيطرتهم نحو مناطق محيطة بها جنوباً وشرقاً".
وتابع: إن المسلحين الذين كانوا يسيطرون على معبر القائم الحدودي مع سورية لأيام "انسحبوا منه اليوم"، مضيفاً إن مسلحي "الدولة الإسلامية" والتنظيمات التي تقاتل الى جانبه "لم يدخلوا المعبر خوفاً من ان يكون مفخخاً من قبل المسلحين الذين غادروه".
من جهته، قال ضابط في حرس الحدود العراقي "انسحبنا من مواقعنا نحو مدينة راوة" القريبة، والتي يتوجه اليها آلاف النازحين من القائم منذ الجمعة إضافة الى مدينة عنة المجاورة.
وسيطرت مجموعة من المسلحين الموالين للجيش السوري الحر و"جبهة النصرة" على معبر القائم بعد انسحاب الجيش والشرطة من محيطه الثلاثاء قبل ان ينسحبوا منه امس، علما ان عناصر "الجيش السوري الحر" يسيطرون منذ اشهر على الجهة السورية المقابلة من المعبر في مدينة البوكمال.
ويخوض تنظيم "الدولة الإسلامية" معارك ضارية في محافظة دير الزور السورية حيث تقع مدينة البوكمال مع كتائب معارضة للنظام السوري في محاولة للسيطرة على هذه المحافظة المحاذية للعراق.
وفي محافظة كركوك، قتل 17 مسلحاً في اشتباكات وقعت بين "الدولة الإسلامية" و"جيش رجال الطريقة النقشبندية" السني المتطرف القريب من عزة الدوري في الحويجة غرب مدينة كركوك (240 كلم شمال بغداد)، حسبما أفاد مصدر أمني رفيع المستوى.
وقال المصدر الأمني لوكالة فرانس برس ان "اشتباكات وقعت مساء امس (الجمعة) اثر رفض عناصر "النقشبندية" تسليم أسلحتهم الى تنظيم الدولة الإسلامية الذي اصدر تعليمات بهذا الخصوص وفرض على الجماعات المسلحة الأُخرى مبايعته".
سياسياً، يعود وزير الخارجية الأميركي جون كيري اليوم الاحد الى المنطقة لبحث النزاع في العراق واستعداد بلاده لإرسال 300 عسكري بصفة مستشارين الى هذا البلد الى جانب القيام بعمل عسكري محدد الهدف.
ووسط تزايد الانتقادات الى نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي من قبل مسؤولين أميركيين يتهمونه باعتماد سياسة تهميش بحق السنة، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما لشبكة سي ان ان "ليست هناك قوة نار أميركية ستكون قادرة على إبقاء البلد موحدا"، مضيفا "قلت هذا بوضوح لنوري المالكي ولكل المسؤولين الآخرين في داخل" البلاد.
في هذا الوقت، أكدت وزارة الدفاع الأميركية ان إيران أرسلت "عددا قليلا من العناصر" الى العراق لمساعدة الحكومة في مواجهة الجهاديين، في أول تأكيد علني للحكومة الإميركية لوجود عناصر إيرانيين في العراق.
وذكر دبلوماسيون غربيون في وقت سابق ان قائد فيلق القدس قاسم سليماني توجه الى بغداد لتقديم المشورة للمالكي في هذه الأزمة، علما أن طهران التي أبدت نيتها لمساعدة العراق ومناقشة ذلك مع واشنطن شددت على رفضها التدخل العسكري في هذا البلد المجاور.


