من لا يذكر مسابقة "القاء السيرة الذاتية الى القمامة" التي كانت جزء من حملة نشر ايجابية وجديدة اصدرتها الحكومة في محاولة لتشجيع أرباب العمل على عدم الامتناع عن القبول للعمل أناسا من قطاعات مختلفة، بما في ذلك العرب والاصوليون؟ وها هو بعد أسابيع من ذلك يأتي وزير المالية يئير لبيد ويلقي بنفسه بكل الحملة الى سلة المهملات. من ناحية لبيد، قد يكون الجمهور مطالبا بان يفضل تشغيل الاصوليين والعرب، ولكنه هو، وزير المالية، يفضل تعريف هؤلاء المواطنين كمواطنين من الدرجة الثانية، والتمييز بحقهم حسب القانون.
في خطوة ديماغوجية ومتزلفة للجمهور، وانطلاقا من الرغبة لنيل تأييد الجماهير مرة اخرة، يعلن لبيد على رؤوس الاشهاد بان خطته لانتهاج الاعفاء من ضريبة القيمة المضافة على الشقة الاولى ستميز بين خريجي الجيش واولئك الذين لم يخدموا وستقيد بشكل كبير ثمن الشقة التي ينطبق عليها الاعفاء من ضريبة القيمة المضافة لمن لم يخدموا في الجيش او في الخدمة الوطنية. يعرف يئير لبيد بان استخدام اصطلاح "الخدمة العسكرية" أو "المدنية" هو الرمز الواضح للتمييز بين السكان ولاستيعاب العرب والاصوليين عن باقي أجزاء الجمهور. وبالذات في الفترة الحساسة التي بلا وازع من خوف يدعو حاخامون وزعماء جماهيريون الى عدم تأجير الشقق للعرب أو للدفع الى الامام "بالعمل العبري" بالذات في الايام التي تصبح فيها أعمال شارة الثمن وجرائم الكراهية جزء من نمط حياتنا – بالذات الان يضيف يئير لبيد الزيت الى الشعلة ويطلق رسالة خطيرة تقول ان التمييز شرعي.
كيف ستلوم الدولة اصحاب الشقق والحاخامين الذين يدعون الجمهور الى "تفضيل" خريجي الجيش وعدم تأجير الشقق للعرب؟ كيف ستلوم الدولة أرباب العمل الذين يفضلون "العمل العبري" على "العمل العربي" وبالتالي يدفعون الى الامام ويقبلون للعمل "خريجي الجيش" فقط؟ كيف سنلوم عصابات "شارة الثمن" التي "بالاجمال" تدفع الى الامام ايديولوجيا تسعى الى تفضيل صالح اليهود على المواطنين العرب؟
نهج البيد الاساس بالنسبة للحاجة الى اثابة من يساهم للدولة في اطار خدمة عسكرية أو مدنية هو نهج مناسب، ولكن يمكن أن يتجسد ايضا دون تمييز في منح الامتيازات، ولا سيما في موضوع عضال كموضوع السكن. لقد سبق أن سنت الكنيست في الماضي قانون الجنود المسرحين الذي يمنح امتيازات في الضريبة، ويقدم المنح والمساعدات لمن خدم في الجيش تبعا لفترة خدمته. اذا كان وزير المالية يريد أن يوسع السلطة، فان بوسعه أن يفعل ذلك والامر سيعتبر مناسبا، لا تمييز فيه وشرعي. امكانية اخرى، هامة بقدر لا يقل، هي زيادة الرواتب العسكرية لجنود النظامي واعطاء منح وعلاوات للجنود الذين يواجدون في الوحدات القتالية. وهكذا يمكن للبيد أن يضمن وجود تصنيف مهني داخل الجيش، ومقاتل المشاة يحظى بامتيازات اكبر من الجندي الذي يجتاز خدمته العسكرية كمراسل "بمحنيه". واعطاء المنح والامتيازات لجنود الجيش الاسرائيلي ليس على حساب باقي السكان هو خطوة متوانة يمكن تبريرها، اما اعطاء افضلية لخريجي الجيش في أسواق متنافسة كسوق العمل أو سوق السكن، فهو تمييز واضح من جانب الدولة يمنح ريح اسناد لوباء العنصرية الذين يستشري في المجتمع الاسرائيلي.
من ناحية اقتصادية واجتماعية ايضا، فان هذه خطوة ستزيد فقط عدم المساواة وستضر بالجماعات الاضعف في المجتمع. فالعرب والاصوليون الذين يتصدرون قائمة الفقر في اسرائيل هم الذين سيضطرون الى مواجهة سوق سكن اكثر اكتظاظا تعطى فيها للاخرين امتيازات زائدة. في أعقاب نهج وزير المالية هذا، فان الفوارق ستزداد فقط والضائقة في هذين القطاعين السكانيين ستتعاظم فقط.
يعرف يئير لبيد بان محكمة العدل العليا لن يكون بوسعها أن تسلم بتشريع يميز بهذا الشكل الصريح بين السكان ويمنح تفوقا لمجموعة على مجموعة اخرى في السباق نحو الشقة. ورغم ذلك، وبسبب الحاجة الى اجتراف النقاط لدى جمهور الناخبين لحزب يوجد مستقبل، يلقي لبيد على المحكمة العليا بالواجب في أن تكون مرة اخرى الدرع الاخير للديمقراطية الاسرائيلية.


