خبر : أكذوبة النكبة \ بقلم: موشيه آرنس \ هآرتس

الأربعاء 21 مايو 2014 12:37 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

          النكبة أكذوبة وقحة. ولا يهم كم مظاهرة تجري في اسرائيل وفي اماكن اخرى في العالم، ولا يهم كم يُرفع من اعلام م.ت.ف، ولا يهم كم من الجنود يهاجمهم المشاغبون، فستبقى أكذوبة.

 

          إن أبرز دليل على ذلك هو التاريخ الذي اختاره متظاهرو النكبة لتذكر اليوم وهو 15 أيار. ففي هذا اليوم غزت اسرائيل جيوش مصر والاردن وسوريا ولبنان والعراق بغرض القضاء على الدولة اليهودية الفتية. ويثبت الهجوم المشترك للجيوش العربية النظامية في ذلك اليوم الذي انقضى فيه الحكم البريطاني لارض اسرائيل وأعلن فيه استقلال اسرائيل، يثبت أكثر من رفض القرار في تشرين الثاني 1947 على انشاء دولة يهودية ودولة عربية في ارض اسرائيل، وأكثر من هجمات عصابات مسلحة عربية على يهود وبلدات يهودية، نشبت بعد قرار الامم المتحدة فورا، يثبت فوق كل شك أن النكبة كانت كارثة جلبها العرب على أنفسهم.

 

          مع كل العطف الذي يمكننا ويجب علينا أن نشعر به على معاناة مئات آلاف العرب في ارض اسرائيل – وهي معاناة كانت نتيجة القرارات الخاطئة التي اتخذها زعماؤهم، وأيدها السكان العرب المحليون بلا تحفظ – فان اولئك الذين يزعمون أنه يجب على اسرائيل أن تعترف بالنكبة بل أن تدرسها في المدارس، يساعدون على تخليد أكذوبة ويعملون في تزوير التاريخ باسلوب سوفييتي. "إن الذين يحكمون الماضي يحكمون المستقبل"، كتب جورج اورويل في كتاب "1984". ولا مكان هنا للخطأ ألبتة، فان اولئك الذين يخلدون اكذوبة النكبة يحاولون السيطرة على المستقبل بالتلاعب بالماضي.

 

          ليس عرب ارض اسرائيل هم العرب الذين يعانون وحدهم نتاج اخطاء زعمائهم. أنظروا الى ما يحدث في الحرب الاهلية في سوريا التي زاد عدد ضحاياها ولاجئيها كثيرا على عدد المصابين في كارثة عرب فلسطين. إن الاعتراف بهذه الاخطاء وبنتائجها المأساوية شرط ضروري لفتح صفحة جديدة ولحياة تقدم وسلام.

 

          يدرك الالمانيون واليابانيون – الذين دفعوا ثمنا باهظا بسبب الحرب التي بدأها زعماؤهم – يدركون جيدا أنه تلقى عليهم لا تبعة الجرائم التي نفذوها في آخرين فقط بل المأساة التي كانت من نصيبهم نتاج ذلك ايضا. إن 8 أيار، وهو يوم الانتصار في اوروبا، لا يُخلد في المانيا باعتباره يوم كارثة، ولا يتم تذكر 15 آب يوم الانتصار على اليابان هناك باعتباره كارثة، فيحسن أن يتعلم الفلسطينيون منهم.

 

          وأهم من ذلك في الحقيقة اعتراف شعبي المانيا واليابان بمسؤوليتهما عن معاناة آخرين ومعاناتهم هم أنفسهم. فهذا الاعتراف هو الذي مهد لانشاء علاقات سلمية بأعدائهم الماضين. وما كان السلام ليحرز لولا هذا الاعتراف. وتصح هذه الدعوى ايضا على الفلسطينيين وسائر الدول العربية. فبعد أن يعترفوا فقط بأن الحروب والارهاب الذي بادروا اليه هو السبب في معاناتهم ومعاناة غيرهم يمكن احراز سلام حقيقي في الشرق الاوسط.

 

          تشهد مظاهرات النكبة السنوية بوضوح على أن الطريق الى هذا الاعتراف ما زال بعيدا. وإن اولئك الذين يمنحون رواية النكبة الكاذبة تأييدهم يساعدون ببساطة على وضع عوائق في طريق السلام في الشرق الاوسط. إن النكبة اكذوبة ولا يُبنى السلام على اكذوبة.