غزة سمانظم مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية، مساء أمس الاثنين، ندوة نقاشية بعنوان "خيارات إسرائيل في ضوء فشل المفاوضات والحديث عن المصالحة"، بحضور نخبة من الكتاب والصحفيين والمحللين السياسيين بهدف استشراف آفاق المستقبل القريب بخصوص هذه القضية الحساسة.
وافتتح مدير المركز عبد الرحمن شهاب كلمته بالترحيب بالحضور، عارضاً وجهة نظر المجتمع الإسرائيلي فيما يتعلق بفرص حل الصراع، من خلال استطلاع للرأي أجراه مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، وأظهر أن ثلثي المستطلعين أبدوا قناعتهم بأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الصراع.
وطرح شهاب مجموعة من التساؤلات؛ أبرزها: إذا كان هذا هو الواقع فما الذي يريده الاحتلال من التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين؟ أية شرعية يبحث عنها؟ وأي ضغط يفر منه؟، إذا كان مضطراً إلى التخلص من عبء الاحتلال فهل سيقوم بخطوات أحادية الجانب مرة أخرى؟ وإلى أي مدى تخدر هذا الخطوات أزمته؟ إذا بقي الاستيطان مستمراً وتهويد القدس كذلك، فماذا سيفعل الفلسطينيون؟ وهل يستطيع الفلسطينيون تدمير المشروع الصهيوني من خلال دفع الاحتلال إلى ابتلاع خيار الدولة الواحدة ثنائية أو متعددة القوميات؟
وفي كلمة المركز؛ قدم الباحث والكاتب في الشأن الاسرائيلي إسماعيل مهرة ورقة عمل تضمنت العديد من النقاط المهمة للبحث والنقاش.
وأكد مهرة على أن السلطة وإسرائيل، بعد فشل المفاوضات ووصولها إلى طريق مسدود، تدخلان مرحلة جديدة متمايزة عما سبقها من مرحلة حكومة نتنياهو السابقة، ملخصاً أهم معطياتها كالتالي:
أولاً: على المستوى الفلسطيني
- انكشاف مشروع اليمين الإسرائيلي للتسوية رغم الكثير من جهود العلاقات العامة التي بذلوها للتمويه والمناورة وإخفاء حقيقة نواياهم أمام الرأي العام الدولي، وفي مقدمته أميركا، بالشكل الذي ترتب عليه تحميل الإدارة الأميركية للكثير من الفشل على عاتق الحكومة الإسرائيلية.
- تزايد حالة التعاطف الدولي مع الحقوق الفلسطينية في ظل التعنت والرفض الإسرائيلي.
- سقوط المراهنات الفلسطينية على خيار المفاوضات كخيار وحيد أو رئيسي بمعزل عن أوراق الضغط الأخرى، مع نضوج القرار الفلسطيني بالتوجه إلى المؤسسات والمنظمات الدولية.
- تبلور رفض فلسطيني كلي لاستمرار الوضع الراهن بكل مشهده الاحتلالي المعروف، في ظل الموقف الاسرائيلي وفي ظل مؤشرات قوية على استمرار هذا الموقف واستمرار المشهد السياسي الاسرائيلي بقيادة اليمين على الأقل لفترة طويلة.
- المصالحة الفلسطينية التي قد تشكل ريح إسناد لتمكين الفلسطينيين من تفعيل معظم أوراق قوتهم مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع المتحرك الراهن الذي ما زال حتى اللحظة لصالح الاحتلال.
ثانيا: على المستوى الإسرائيلي
- فقدت حكومة نتنياهو هامش مناوراتها السياسية، وأدخلها خطاب الاعتدال السياسي الفلسطيني الرسمي في أزمة حقيقية، فلم يعد بوسعها ممارسة التضليل والخداع، وحشرت في الزاوية وباتت أمام خيارات صعبة لطالما نجحت في التملص منها.
- عدم جدوى ورقة العقوبات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، نظراً لارتداد كل عقوبة بشكل سلبي عليها في ظل بيئة دوليه متعاطفة مع الفلسطينيين لم تعد تحتمل وقاحة الاحتلال.
- القناعة الإسرائيلية بكون العقوبات لم تعد تردع الفلسطينيين عن استكمال مشروعهم.
- غياب التجانس والتوافق بين الأجنحة الرئيسية في الحكومة الإسرائيلية في مواضيع سياسية محددة، لطالما كان مجمعاً عليها.
- تبنى فكرة الانسحاب أحادي الجانب من قبل غالبية النخب العسكرية والسياسية الإسرائيلية بشكل غير مسبوق.
وأوضح مهرة بأن هذه القناعات لم تكن هي الوحيدة التي يمكن ملاحظتها على الموقف الإسرائيلي بل تعمقت قناعات أخرى، أهمها: عدم وجود شريك فلسطيني في عملية التسوية، ومن غير المجدي انتظاره، كما أن استمرار الوضع السياسي الراهن سيقضي على أي حل يتيح الانفصال عن الفلسطينيين ويؤمن يهودية الدولة، كما أن انهيار السلطة خطر كارثي على دولة إسرائيل لن تستطيع تحمل تبعاته.
وأشار إلى أن إسرائيل إن لم تبادر في إيجاد حلول سياسية فسيفرض عليها العالم حلولاً مؤلمة لن تكون في مصلحتها، وأن استمرار الاحتلال والاستيطان دون مفاوضات سيسرع مسيرة نبذ إسرائيل وعزلها دولياً.
وأكد مهرة أنه بعد اتفاق الشاطئ سقطت الورقة الإسرائيلية بردع وإخافة عباس من تهديدات حماس.
الخيارات الإسرائيلية
وفيما يتعلق الخيارات الإسرائيلية في مواجهة التحديات السياسية مع الفلسطينيين على المدى القريب؛ أكد مهرة بأنها محدودة للغاية، وتتراوح ما بين فرض المزيد من العقوبات واستمرار الوضع الراهن والضم، وخيار إعادة الانتشار وترسيم حدود تعلن أنها مؤقتة.
وذكر بأن المؤشرات تظهر أن نتنياهو يدرسه بجدية على أن يكون منسقاً مع السلطة سواء بشكل معلن أو سري ومع أميركا والاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعد تصريح نتنياهو من طوكيو الأسبوع المنصرم أنه يدرس مع شركائه في الحكومة كيف يمنع الانزلاق لدولة ثنائية القومية.
ولفت إلى أن نتنياهو كان يعارض هذه الفكرة مستذكراً تجربة غزة، وكان يركز انتقاده لها لأنها كانت بدون تنسيق وبلا مقابل، معتقداً ان التنسيق سيجلب الالتزامات الأمنية بحد أدنى بالشكل الذي تطمئن إليه إسرائيل.
وشدد على أن نتنياهو في حال تبنى المشروع فهو سيضع عليه لمساته ليخطب ود المستوطنين.
وبخصوص غزة أولاً وإعادة الانتشار ثانياً، أوضح مهرة أنه في حال سقط الانقسام نهائياً وعودة الرئيس لقطاع غزة؛ فإن أسباب الحرب الإسرائيلية على غزة ستكون أكبر وستزول بعض الأسباب التي كانت تمنع عدوانها.
وخلص مهرة إلى احتمال قيام نتنياهو بضرب غزة وغسل يديه في الضفة.
هذا وقام إبراهيم أبو سعادة بإدارة جلسة الحوار وتنسيق الحديث والنقاش بين الحاضرين.
وفي تعقيبه على ورقة العمل؛ أكد الكاتب والباحث توفيق أبو شومر على عدم الوثوق باستطلاعات الرأي الإسرائيلية أو بناء المواقف عليها، فهي مواقف متذبذبة ولا تحمل إلزاماً للحكومات بفعل ما ترتئيه.
وأوضح بأن الحكومة الإسرائيلية اليوم تعاني اضطراباً بشأن ما الذي يريدونه من الفلسطينيين، فهم يرفضون حل الدولتين، ويتبنى بعضهم حل الثلاث دول، القاضي بوجود دولة إسرائيل، وكيان تابع للأردن، ودولة غزة المحاطة بالجدار للضغط عليهم للقبول بما تريده إسرائيل.
وشدد أبو شومر على أن إسرائيل تعمل على استغلال الظروف المتغيرة لصالحها، فهي تستخدم المصالحة اليوم كسلاح في وجه الفلسطينيين بتصوير الرئيس عباس كمنتهك لقرارات الرباعية الدولية والاتحاد الأوربي، فيقومون بتعزيز الاستيطان، دون خوف من المجتمع الدولي.
وأشار إلى أن الصحف والكتاب الإسرائيليين يراهنون على تحول المصالحة إلى صراع على كل شيء، ابتداءً بالوزارات وانتهاء بالصلاحيات والمناصب.
بدوره؛ تناول الكاتب والباحث غازي الصوراني الحديث مذكراً بكتاب "الدولة الفلسطينية رؤية غربية وإسرائيلية" الذي كان من ضمن الخطط المقترحة له الانسحاب الإسرائيلي من غزة من طرف واحد، وتحول الصراع إلى فلسطيني فلسطيني بين منظمة التحرير وحركة الإخوان المسلمين.
وشدد على أن الخيارات الإسرائيلية في المرحلة المقبلة تقوم على تعزيز القناعة بأن الجدار الفاصل في الضفة هو الحدود المستقبلية، وتوطيد حالة الأمن الإسرائيلية والمحافظة عليها مع الدول العربية كما هو حاصل اليوم، إضافة إلى إلغاء الدولة ثنائية القومية، وليس في الوارد حل السلطة الفلسطينية لكون ذلك سيجر مشاكل كبيرة لإسرائيل هي في غنى عنها.
وفيما يتعلق بالخيارات الفلسطينية؛ قال انها "إما التمسك بالثوابت الوطنية وعدم التنازل عنها، أو التراجع عن هذه الثوابت، وهو ما يحدث اليوم".
وتابع الصوراني: "نحن مع الخلاص من الانقسام الفلسطيني ووجود كيان فلسطيني ديمقراطي تعددي، وما إعلان المصالحة في غزة إلا تجسيدا لأزمة تتبدى في أطرافها خصوصاً حركة حماس، فهو بدون إستراتيجية واضحة، وحماس على أثره أمام خيارين: الالتزام بالرباعية الدولية وشروطها، أو العودة للمعارضة بعد فشلها في الانتخابات".
من جانبه؛ أوضح المحلل السياسي تيسير محيسن أنه يصعب القول بأن خيارات إسرائيل المتوقعة تندرج في إطار ردود الأفعال، كما يصعب القول ان إسرائيل فوجئت بخطوات الرئيس أبو مازن.
وقال ان إسرائيل، بسلوكها ومواقفها وشروطها، دفعت الرئيس دفعاً نحو المصالحة مع حماس.
وأوضح أن الرئيس عباس كان يراهن ويفضل العودة لغزة للمصالحة بعد أن يحقق إنجازاً سياسياً على طاولة التفاوض، أما وقد عاد فيما يشبه الخطوة الاحتجاجية فستعمل إسرائيل على أن تكون نهاية حقبة عباس في غزة.
وأضاف بأنه يمكن الافتراض تراهن، تحت الضغط والابتزاز والتواطؤ الأمريكي، على قبول عباس ومعه حماس بدولة فلسطينية في قطاع غزة وأجزاء من الضفة.
أما النائب في المجلس التشريعي والقيادي في الجبهة الشعبية جميل مجدلاوي فقد ضمّن مداخلته بالعديد من النقاط السياسية؛ مبيناً بأن مشروع التسوية فشل، ولكن لم تفشل المفاوضات التي سيتم استئنافها طال الزمان أم قصر.
وأوضح بأن الناظم الرئيسي لكل السياسات الإسرائيلية هو استنزاف الجسم الفلسطيني وترك الزمن يعالج هذا الأمر، مع استمرار ابتزاز القيادة الفلسطينية للعودة للمفاوضات التي ستستمر لأطول فترة ممكنة دون الوصول لأي نتائج، مع استغلال الوضع العربي الراهن أسوأ استغلال.
وبيّن بأن هذا الأمر يترافق مع تسعير الخلافات الفلسطينية الداخلية باستغلال المتضررين من المصالحة والمستفيدين من الانقسام، وستعطي إسرائيل لنفسها حرية ضرب كل من يفكر بالإضرار بها عسكرياً.
وقال مجدلاوي: "حماس اليوم لا تطرح الموضوع السياسي، فهي لا تتحفظ ولا تعترض على أبي مازن وبرنامجه السياسي، رغم تأكيد الأخير بأن الحكومة القادمة هي حكومته وبرنامجها هو برنامجه السياسي والأمني، والأمر اللافت أيضا في موقف حماس هو تغليبهم التوافق الوطني على القانون، وهذه سابقة ستنسحب على أشياء أخرى كثيرة في المستقبل".
من جانبه؛ نوه الصحفي فتحي صباح إلى أن إسرائيل استغلت المفاوضات لتأزيم الشأن الفلسطيني على مدى 20 عاماً لتكريس وقائع على الأرض، وتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي، فيما جمدت السلطة الفلسطينية مفاعيل القرارات الدولية في الأمم المتحدة، وتقرير "غولدستون" لم يكن آخر مثال على ذلك.
وأضاف صباح أن السلطة الفلسطينية يمكن تحويلها إلى منجز فلسطيني على أساس تعزيزها لصمود شعبها وإقامة نظام ديمقراطي فلسطيني.
من ناحيته؛ أوضح أستاذ العلوم السياسية إبراهيم أبراش أن هناك فرقاً بين فشل المفاوضات وفشل العملية السياسية، فالمفاوضات لم تفشل كلياً لكنها فشلت في مجال قضايا الحل النهائي.
ولفت إلى أنه لا أحد يطرح بديل للتسوية السياسية، وبضمنهم حماس التي لم تعد تطرح المقاومة كبديل للعملية السياسية.
وذكر أبراش بأن ما يؤزم إسرائيل الآن هو قناعتها بأن أبو مازن يدير أزمة ولا يريد حل الصراع، فهو يرى أنه من المستحيل حل الصراع ضمن المعطيات العربية والفلسطينية الحالية، كما أن إسرائيل ليست ضد المصالحة الفلسطينية ما دامت تحقق شروط الرباعية الدولية والتزام حماس بها.
أما الصحفي عدنان أبو محمد فقد أعرب عن اعتقاده بأن فرص إسرائيل السياسية ازدادت أضعافاً مضاعفة، ولا يهمها دخول غزة بقدر اهتمامهم باليوم الذي يتلو احتلالها.
وطرح أبو محمد تساؤلاً مفاده: هل تفكر إسرائيل في دخول غزة مجدداً؟ وهل التسليح الغزي خطر على إسرائيل؟، مجيباً بالقول انه لو فكر كضابط إسرائيلي فإن الجواب هو أن غزة تشكل خطراً على إسرائيل حال قدرتها على تدمير مدن إسرائيلية كعسقلان مثلاً.
وشار إلى أن "تغيير القيادة في إسرائيل هو شأن أميركي، لكن تغيير القيادة في غزة هو شأن إسرائيلي".
وعلق مدير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان مصطفى إبراهيم بقوله "ان إسرائيل سعيدة بالوضع في غزة، فهي تعيش آمنة بعد إعادة انتشارها، لكنها رغم ذلك تعيش في أزمة سياسية تبحث عن حلول لها".
هذا وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر شاكر شبات أن قدرة نتنياهو على تمرير أي قرارات يريدها في الحكومة لن يكون سهلاً، موضحاً بأن نتنياهو يعمل حالياً على تهميش الملف الفلسطيني مقابل ملفات سياسية أخرى مثل النووي الإيراني.
وأوضح أن ذهاب نتنياهو إلى المفاوضات مع الفلسطينيين هو تلبية لرغبة أميركا وشركائه في الحكومة الإسرائيلية، فهو يعمل على إدارة المفاوضات لأنها مكسب لإسرائيل من ناحية استغلالها بتكريس واقع جديد على الأرض.
وبخصوص فشل المفاوضات؛ أكد شبات أن من يتحمله اليوم أمام العالم هو الطرف الفلسطيني بانسحابه منها، مشيراً إلى أن فشل المفاوضات لم يزعج إسرائيل، وخيارات نتنياهو اليوم هو الحفاظ على الائتلاف الحكومي قبل أي شيء آخر.
وقال الكاتب طلال الشريف: "بعد كل مفاوضات كنا نفاجأ بوجود اتفاقيات سرية، وليس لإسرائيل أي مشكلة مع التيار الوطني الفلسطيني كونه لا يمثل أي تهديد أمني لها".
وأضاف الشريف بأن "المشكلة الإسرائيلية اليوم هي مع حماس والجهاد، وحماس اليوم تذهب نحو ما تريده إسرائيل، فاستجلاب حماس هو ما تريده إسرائيل، وأتوقع أن حماس ستستجيب لذلك".
أما الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل؛ فأكد أن البناء على فرضية فشل المفاوضات هو أمر خاطئ، تماماً كالاعتماد على نتائج استطلاعات الرأي العام، كما أن التسوية لا زالت واردة.
ولفت إلى أن أبا مازن يعمل على مبدأ "خذ وطالب"، أما أميركا فهي تفرض شروطها على الإسرائيليين.
من جهته؛ أوضح الكاتب الصحفي هاني حبيب أن خيارات إسرائيل ليس في كونها في مأزق، فهي اللاعب الأساسي في الملف الفلسطيني رغم البعد الدولي، وأن ما فشل فهو جولة من المفاوضات وليس كل المفاوضات، أما المصالحة فلن تتم كما نريدها ونحلم بها نحن.
أما الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي أكرم عطا الله؛ فصرح بأن السياسة الإسرائيلية تجاه غزة لم تتغير منذ التسعينات لأنهم يعتبرونها مشكلتهم، وهم يعملون الآن على تحويل المصالحة على عبء على الرئيس أبو مازن من خلال مواضيع حساسة مثل جمع الأسلحة، فيصبح أبو مازن بين خيارين أحلاهما مر.
هذا وقال النقابي ناهض عيد أن إسرائيل لديها إستراتيجية بعدم إعطاء الفلسطينيين أي شيء، والمصالحة هي أحد الأدوات التي ستستخدمها إسرائيل في زيادة الاستيطان في الضفة.
وأشار إلى أن هناك خياران في غزة؛ زيادة الحصار والضغط على أبو مازن، الذي لا أتوقع بقاءه في الفترة المقبلة في مكانه.
وفي تعقيبه؛ قال المحلل السياسي محمد أبو مهادي أن إسرائيل لا تغير استراتيجياتها، بل تكتيكاتها، والاستيطان هو إستراتيجية لها بدليل تضاعفه 132% أثناء المفاوضات عما قبلها منذ عشرين سنة.
وأضاف بأن السلطة رغم ذلك لا زالت تقوم بوظيفتها الأمنية على أكمل وجه، فيما تدفع إسرائيل الفلسطينيين نحو حل واحد: الحل الإقليمي على حساب مصر والأردن.
وتابع: "لقد قام الرئيس عباس بالتخلي الفعلي عن عودة اللاجئين عندما صرح بأننا غير مستعدين لإغراق إسرائيل بخمسة ملايين مهاجر فلسطيني".
من جهته؛ أعرب الكاتب والباحث محمد حجازي عن اعتقاده بقدرة إسرائيل على إفشال المصالحة من خلال العديد من الأساليب منها منع الانتخابات، مع ملاحظة أن الدور الوظيفي السياسي للسلطة في الضفة باق كما هو تماما كنظيره الدور الأمني لحماس في غزة.
وعقب الكاتب والباحث فؤاد حمادة بأن المصلحة الإسرائيلية من وجهة النظر الإسرائيلية هي بخروج كل الفلسطينيين من فلسطين وليس بعودتهم إليها.
وأكد بأن المصالحة ليست مصلحة فلسطينية فقط بل إسرائيلية أيضاً، وهي مضطرة لقبولها ضمن موازنة دولية تخضع لها قهراً، وموضوع السلاح الفلسطيني في غزة كفيل بإفشال المصالحة في المستقبل.
هذا وأعرب المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة عن اعتقاده بأن المفاوضات وصلت لطريق مسدود، كما أن أبو مازن لن يتنازل عن الثوابت الفلسطينية لكنه سيدير الصراع ولن يحله.
وقال أبو سعدة: "أما المرحلة القادمة فستكون إما التصعيد مع غزة، أو فك الارتباط مع الضفة، أو البحث عن الحل الإقليمي للقضية مثل الخيار الأردني".
وفي ختام اللقاء؛ أجمل الأستاذ إسماعيل مهرة النقاط التي تم طرحها والاتفاق على مضمونها في خطابات المتحدثين والتي تمثلت في أن المفاوضات قد وصلت لطريق مسدود، فيما الاستيطان الإسرائيلي يأتي لتثبيت وقائع على الأرض وتأكيد الهوية الإسرائيلية.
وفيما يتعلق بغزة؛ فهي تمثل خطراً تكتيكياً على إسرائيل يمكنها التخلص منه سياسياً دون اللجوء للحل العسكري، خصوصاً في ظل انخفاض التعاطف الدولي مع الفلسطينيين بشكل عام.