إن الانتخابات الحالية للرئاسة هي من أحط اوقات السياسة الاسرائيلية، فالسلوك حولها يثبت القطيعة بين الساسة ومواطني الدولة، فالساسة يستهينون بالرأي العام وبقواعد اخلاقية اساسية أما الجمهور فهو متعب لا ثقة له بالقيادة ومتخلي عن صوت الاحتجاج.
ان تلويث الانتخابات الرئاسية يؤثر في كل نسيج السلطات في المجتمع لانه اذا لم يكن الرئيس المنتخب محترما بقدر كاف فلا تتوقعوا ان يحترم الشباب ورئيس الوزراء والوزراء والمديرين في اماكن العمل والمعلمين في المدارس وآباءهم. ولا تتوقعوا ايضا ان يطمح الشباب الى التقدم في مسارات التقدم المعتادة لانه اذا امكن الوصول الى اعلى الهرم الاجتماعي بلا قدرات مناسبة وبمساعدة الالاعيب فقط فلا داعي في الحقيقة للاجتهاد في الحياة.
تستطيع وسائل الاعلام ان ترى نفسها شريكة في المهانة. فقد تناول جزء كبير منها ترشح ساسة رماديين بتفهم وتناولوا ترشح اشخاص ذوي وزن مثل القاضية داليا بورنر والبروفيسور دان شختمان بصورة استخفافية. واذا كان قد حدث استعمال لمحققين خاصين بغرض التشهير بمرشحين منافسين فذلك صافرة انذار لنا جميعا لانه توجد لهذه الظاهرة تاثيرات شديدة في تصور السياسة والعدل والقانون في اسرائيل.
ان المسؤولية عما حدث مع موشيه قصاب تقع بقدر كبير على اعضاء الكنيست ايضا لا لحقيقة ان كثيرين عرفوا خلفيته الاشكالية فقط بل وفي الاساس لانه نشات شرعية لانتخابه للمنصب الجليل. ان خطا مستقيما يصل بين ترشيح قصاب غير المناسب وبين المرشحين المتناقضين منطقيا في الجولة الحالية.
يوجد اجماع على ان شمعون بيرس حظي بنجاح كبير بصفته رئيسا لكن ذلك لا يسوغ الى الان انتخابه لهذا المنصب. اجل من المناسب ان ينتخب لهذا المنصب انسان ذو مزايا قبلية وذو خلفية مبرهن عليها لاسهام لا مثيل له لدولة اسرائيل. لكن يتوقع بالقدر نفسه من الرئيس ان يكون محايدا بقدر المستطاع وان يكون على اقل قدر من الانتماء السياسي. ومن الجيد ايضا التفريق بين زعيم سياسي وزعيم رمزي اجتماعي. فاذا حدث هذا الخلط فربما يحسن حقا التخلي تماما عن منصب الرئيس.
ان حقيقة انه نشأت شرعية لانتخاب شخص سياسي تحدد تحديدا مفرطا الطريقة الغريبة القديمة لانتخاب رئيس في اسرائيل. ان فكرة ان يكون اعضاء الاحزاب هم اصحاب القرار دون أي مشاركة من الجمهور العريض خاطئة. حتى ان لجنة عثور على مرشح غير منحازة هي طريقة افضل.
ليس من المتصور تقريبا أن يدير مرشحون للرئاسة (من قبل انفسهم) حملة دعائية لاجل انتخابهم. فالشخص يمسح بالزيت ملكا ولا يطلب الملكية لنفسه. وفضلا عن انه يوجد في الحملة الدعائية الرئاسية تعبير عن عدم التواضع يشهد الامر ايضا على الطمع والبحث عن القوة. ان الشعب في اسرائيل محتاج الى رئيس انطوائي لا الى رئيس يلعب بالادوات ويحطمها بيد قاسية.
رفض حتى البرت آينشتاين العظيم بتواضع اقتراح دافيد بن غوريون ان يكون رئيس دولة اسرائيل. أما روبي ريفلين ومئير شتريت وفؤاد بن اليعيزر في مقابله فلم يرفضوا اقتراح رفاقهم. اذا ما انتخب احدهم رئيسا وحينما ينتخب فان ذلك سيعبر اكثر من كل شيء عن اختيار آخر لصورة السياسة في اسرائيل ولصورة الدولة كلها.
ان البروفيسور دان شختمان هو شخص ساحر وحكيم وعظيم الانجازات وساذج جدا. ويؤسفني انه ينافس في الرئاسة. فلو ان اعضاء الكنيست فكروا في انتخاب فائز بجائزة نوبل للرئاسة فان ذلك سيزيد اسرائيل كرامة وربما يشير ايضا الى ترتيب افضليات، لكن هل يشك احد في انهم سيضحكون منه ومنا جميعا في الحقيقة؟


