خبر : داحض جدا، وهاذٍ جدا \ بقلم: رونين بيرغمان \ يديعوت

الإثنين 12 مايو 2014 12:48 ص / بتوقيت القدس +2GMT



إن كل شيء ممكن في عالم التجسس، بل يتبين أن أكثر السيناريوهات دحضا تكون حقيقية احيانا، لكن للسيناريوهات الهاذية ايضا حدا.

منذ كانت قضية بولارد في 1986 حرص جميع رؤساء الحكومات والجماعات الاستخبارية في اسرائيل على عدم التجسس في ارض الولايات المتحدة أو على مصالح امريكية حتى في الحالات التي كان فيها الاغراء وحجم الفريسة الاستخبارية كبيرا جدا. بل جعلت سفارة اسرائيل في واشنطن نفسها قريبة التناول لجهات امريكية كانت تستطيع أن تركب فيها اجهزة تنصت للبرهنة على أن هذا التجسس قد توقف.

إن المشهد الذي وصفته صحيفة "نيوز ويك" عن وكيل الاستخبارات الذي يدفيء مقعدا في جناح إل غور وعن الاسرائيلي في نفق التهوية ليس فيه شيء من العقل لسبب أبسط وهو: لماذا يسلك "الشباك" هذا السلوك؟ فان موقع الجناح الذي يوشك أن ينزل فيه نائب الرئيس كان معروفا منذ زمن وكان يمكن أن يركب فيه ما لا يحصى من اجهزة التنصت والتصوير حتى قبل أن يأتي وكلاء الاستخبارات. فقد مرت الايام التي كان يحتاج فيها الى تثبيت شخص ما جسميا في نفق التهوية للاصغاء الى ما يجري في الغرفة.

إن التقرير الصحفي في صحيفة "نيوز ويك" لا يقوم حتى بالتفرقة الحادة بين تجسس تقوم به دولة مضيفة على انشطة دولة ضيف – وهو نشاط يعتبر مكشوفا وشرعيا – وبين استعمال وسائل تجسس في داخل الدولة الصديقة كما حدث في قضية بولارد. إن الولايات المتحدة تعلم جيدا أن اسرائيل مثلا تتنصت على الاحاديث الداخلية في السفارة الامريكية في تل ابيب واسرائيل لا تخجل من ذلك.

وتوصف في صحيفة "نيوز ويك" ايضا حالات بلا اسم ومكان وتاريخ حاولت فيها جهات اسرائيلية صنع أشراك عسل لاشخاص امريكيين جاءوا لزيارة اسرائيل، وقد شمل ذلك اقتراح مخدرات. ومن الصعب أن نفرض أن خطوة عنيفة هاوية كهذه تُذكر أكثر بطرق عمل الـ كي.جي.بي في ستينيات القرن الماضي قد نفذتها جهات رسمية في اسرائيل.

إن الزعم العام الذي يظهر من التقرير الصحفي في "نيوز ويك" هو أن الولايات المتحدة تميز اسرائيل الى أحسن قياسا بدول اخرى في شؤون التجسس. وأن اسرائيل وحدها يجوز لها. بيد أن هذا الزعم لا يستوي وتاريخ العلاقات بين الدولتين في الثلاثين سنة الاخيرة، فمنذ أن ضُبط بولارد حاولت جهات في الـ اف.بي.آي أن تُظهر قضايا ثانوية هامشية من تلك القضية للابقاء عليها حية. وفي سلسلة حالات مختلف فيها جدا حاول التحقيق الفيدرالي أن يخلق من العدم قضايا تجسس جديدة لاسرائيل. والاستنتاج هو أنه منذ كانت قضية بولارد أصبحوا يشتدون على اسرائيل اشتدادا خاصا ولا يُسهلون. لا حقا.

إن جيف ستاين وصحيفة "نيوز ويك" هما صحفي ووسيلة اعلامية محترمان جدا. ولا شك في أنهما يقتبسان اقتباسا صحيحا مما سمعا من جهات رفيعة المستوى في الاستخبارات الامريكية. وكل ذلك يقود الى السؤال الذي يثير الفضول حقا وهو ما هو هدف التسريبات الى المجلة؟ كان التفسير الذي أثير في الاسبوع الماضي هو معارضة اعفاء الاسرائيليين من تأشيرات الدخول، لكن ليس من المؤكد ألبتة أن هذا هو السبب الحقيقي. ينبغي أن يتم التنبه خاصة الى تقارب الزمن بين سلسلة التسريبات والحديث الكثير عن الافراج المحتمل عن جونثان بولارد.

صحيح أن محادثات السلام انهارت الآن ولا توجد صفقة افراج في الوقت القريب. لكن من الممكن جدا أن تكون جهات لا يشتبه بها أنها تحب اسرائيل في الاستخبارات الامريكية تقوم الآن بهجوم مضاد مع خلاصة واضحة هي أن القدس لم تتعلم الدرس وما زالت تعمل في عنف على واشنطن ولهذا ينبغي إبقاء بولارد في السجن متابعة لحملة العقاب والردع.