زارت البلاد سوزان رايس، مستشارة الامن القومي والتي تلقي الكلام في مسامع الرئيس اوباما في الشؤون الخارجية أكثر من كل شخص آخر، كي تنسق المواقف في شأن مسودة التسوية التي أخذت تتشكل في الموضوع الذري الايراني. وتصاحبها نائبة وزير الخارجية ووندي شيرمان التي ترأس فريق التفاوض الامريكي في المحادثات مع ايران.
إن هذا التنسيق مهم للولايات المتحدة ولاسرائيل التي ترى جهد ايران الذري تهديدا وجوديا. ومن المراد لادارة اوباما ايضا أن تحرز قدرا ما على الأقل من التنسيق بين المواقف لأن معارضة اسرائيلية كاسحة قد تجعل احراز دعم مجلس النواب الامريكي للتسوية التي أخذت تصاغ، تجعله صعبا. إن جزءً كبيرا من مجلس النواب يعتقد أصلا خلافا للادارة الامريكية أن الطريقة الوحيدة لصد السباق الايراني الى القدرة الذرية هي زيادة الضغط لا اضعافه.
وتريد واشنطن ايضا أن تتأكد أن اسرائيل لن تعمل في أي حال من الاحوال على ايران بصورة مستقلة. تزور رايس وشيرمان وفريقهما القدس قبل الجولة الرابعة بأسبوع. ويبدو أنها احدى الجولات الاخيرة للمباحثات مع ايران والتي جاء أنها ستنحصر في صوغ المواد الرئيسة في الاتفاق الدائم المقترح.
لا تعارض اسرائيل مبدئيا المصالحة وهي لا تسارع الى العمل وحدها عسكريا دون دعم امريكي على طهران، لكنها بعيدة عن الاقتناع بأن التسوية المقترحة ستضع حدا للبرامج الذرية الايرانية.
من المؤكد أن رايس وشيرمان ستحاولان اقناع محادثيهما الاسرائيليين بأن واشنطن عالمة بحيل صرف الانتباه والخداع الايرانية وأن امريكا وحليفاتها الغربيات لن تتخلى عن أية وسيلة من الوسائل التي تملكها للعمل كما ينبغي ويشمل ذلك تجديد العقوبات وتشديدها، ويشمل الأخذ بالخيار العسكري. لكن ذلك لن يكون متأخرا جدا فقط بل سيصعب بازاء ضبط النفس الامريكي في شؤون مثل سوريا وليبيا واوكرانيا، يصعب الامتناع عن الشك في حقيقة الوعود وهذه الطمأنة. وتتلخص ملاحظات اسرائيل كما سيسمعها الفريق الامريكي من رئيس الوزراء نتنياهو والعاملين معه، في الأساس بالموضوعات التالية: حقيقة أنه برغم نية الامريكيين الصادقة أن يفرضوا على ايران قيود رقابة ومتابعة أكثر صرامة واحكاما، تثبت التجربة أن ذلك قد يصبح حالة اخرى من حالات اغلاق أبواب الاسطبل بعد أن تهرب الخيول، أو بعبارة اخرى، قد تتم معاقبة ايران بحسب المخطط المقترح على نكث الاتفاق لا على حقيقة تطوير القدرة على التوصل الى القنبلة الذرية.
يُقال في "فضل" الايرانيين أنهم لا يخفون نواياهم ألبتة، فقد أعلن نائب وزير الخارجية الايرانية عباس عرقطشي أن احتمال أن يمنع الاتفاق بلده من تطوير سلاح ذري هو "أقل من 50 بالمئة"، وأن كل شيء في الموافقات الايرانية يمكن الغاؤه أصلا. وأضاف ايضا أن الـ 20 ألف جهاز طرد مركزي التي تملكها بلده والمادة المخصبة التي اصبحت عندها تكفي الآن ايضا لصنع 5 قنابل ذرية أو 6. تعارض ادارة اوباما في الحقيقة بحسب تصريحاتها المعلنة وبحسب الكلام الذي سينقل الى الفريق الاسرائيلي في الزيارة الحالية للقدس، تعارض تحول ايران الى "دولة شفا" ذرية، لكن تصريحات مختلفة للزعيم الاعلى آية الله خامنئي والرئيس "المعتدل" روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف تُبين أنهم لا ينوون الاستجابة للتوقعات الامريكية المذكورة آنفا إلا اذا اقتنعوا – ربما – بأن الكلفة الاقتصادية والسياسية لنكثهم الاتفاق ستكون باهظة جدا.
من المؤسف جدا أنه يبدو أن ليس هذا هو اتجاه التفكير، ولا يظهر الآن في الأفق سيناريو تصميم من قبل الولايات المتحدة. إن ادارة اوباما معنية بعرض اتفاق مع ايران على أنه نجاح دبلوماسي سامٍ وقد تقلل اذا من أهمية عيوبه. وهي تتشجع ايضا لأن الرأي العام الامريكي الآن يؤيد الاتفاق كما يُعرض عليه.
أعلن اوباما في بداية عمله مرات لا تحصى معارضة سياسة "الاحتواء" في شأن القدرة الذرية الايرانية، لكن يبدو أن هذه قد تكون النتيجة العملية والسلبية للتوجهات التي تُرى في الساحة بازاء سباق التسلح عند طهران.
* * *
اسرائيل اليوم – مقال - 8/5/2014
أحلام بيرس في مواجهة الواقع
بقلم: د. حاييم شاين
(المضمون: إن شعب اسرائيل يقظ متنبه لا تؤثر فيه اوهام وأحلام القادة الاسرائيليين (مثل شمعون بيرس) الذين يريدون تضليله واقناعه بأن السلام ممكن - المصدر).
في دولة اسرائيل مجموعة صغيرة يتناسب كبرها تناسبا عكسيا مع تأثيرها، تمنع الواقع من أن يُبلبلها. ولم يزل اعضاء هذه المجموعة يعملون منذ سنين كثيرة بلا كلل لاقناع المواطنين بأن الفلسطينيين على حق وأنه يجب على دولة اسرائيل أن تفعل كل شيء لارضائهم ويشمل ذلك تخلياً عن مصالح أمنية أساسية.
يرأس هذه المجموعة رئيس الدولة شمعون بيرس، الذي يدفع قدما بلا كلل في اسرائيل وأنحاء العالم برؤيا تتعلق بالشرق الاوسط الجديد. وتحظى رؤياه بدعم واسع في الولايات المتحدة واوروبا، لكن ماذا نفعل وقد أصبح سكان المنطقة من اليهود والعرب معا يدفعون ثمن هذا الحلم. فانه لم توجد قط رؤيا سلام كلفت مثل هذا الثمن الباهظ من حياة الانسان. واذا كان السلام يبدو على هذا النحو فكيف تكون الحرب.
تقدم البشر تقدما كبيرا بفضل الحالمين، لكن حينما تتشوش معرفة الواقع عند الحالمين تصبح الاحلام خطيرة جدا. كشف شمعون بيرس في يوم الاستقلال عن أنه توصل الى اتفاق مع أبو مازن، وهو اتفاق سري لم يعلم به أحد. وتبين سريعا جدا أن هذا الامر غير صحيح. فمن السهل جدا بيع الاوهام لكن ثمن الصحوة منها باهظ جدا. حصل شمعون بيرس ذات مرة على جائزة نوبل للسلام مع ياسر عرفات، وقيمة هذه الجائزة تعادل قيمة تلك التي حصل عليها الرئيس اوباما الذي أدخل العالم كله في دوار لا يعلم أحد الى الآن كيف سينتهي. إنها جوائز نوبل التي تذوي قبل أوانها.
لشمعون بيرس منزلة جليلة في العالم، وكلامه يُسمع وتوجد اماكن يؤثر فيها ايضا في تقرير السياسة واتخاذ القرارات. ويخشى أن يكون موقف الاوروبيين والامريكيين الذي يعادي سياسة حكومة اسرائيل قد تأثر تأثرا كبيرا بخواطر بيرس – وهي خواطر تصاحبها تفسيرات بالنسخة الانجليزية لصحيفة اسرائيلية كانت تؤيد الدولة حتى سنة 1948.
إن قدرة المواطنين على الصمود متعلقة بحقيقة الزعامة التي تُعرض عليهم. وقد كانت الاكاديميا ووسائل الاعلام الاسرائيلية منذ سنوات كثيرة تحاول أن تقنعنا بأن السلام على الباب. ومن حسن الحظ أن أكثر مواطني اسرائيل يرفضون اقتراح أن يكونوا نعاج تجربة لسلام هاذٍ.
في خضم بحر الثرثرة المضللة عن السلام، فقد الشباب في اسرائيل الحافز الى الخدمة في الجيش الاسرائيلي والى البقاء في هذا البلد حيث لم تعد الحياة اليومية سهلة دائما. والذي رأى الجنود المتميزين في بيت الرئيس كان يمكنه أن ينتبه الى أن كثيرين من المتميزين هم من بنات وأبناء الاطراف الاجتماعية في اسرائيل وهي اطراف لا توجد فيها سذاجة وفيها حب بسيط أساسي لهذا الشعب وهذا البلد. يفخر الاسرائيليون بأنهم لا يتأثرون بمفكرين يعلمون ماذا سيحدث بعد مئة سنة وهم غير قادرين على أن يروا ما سيكون غدا وبعد اسبوع.
يجب على قادة اسرائيل في هذه الايام أن يقولوا الحقيقة بكل لسان وفوق كل منصة وهي حقيقة واحدة وحيدة هي أن شعب اسرائيل مستعد لأن يتحمل عبء الحرية مع طُلب اليه ذلك حتى لو عاش على سيفه الى الأبد. إن سيف بعث اسرائيل سيكون دائما مستعدا جاهزا ليحمي حقنا في أن نعيش أحرارا في هذا الوطن. وسيحسن رئيس الوزراء الصنع اذا دفع قدما بسن قانون الوطن القومي ولا سيما بالنسبة لاولئك الذين نسوا معنى ومغزى صلتنا بهذا الوطن.


