دوار في التفاوض السياسي. ففي غضون بضع ساعات بين افيغدور ليبرمان أنه يفضل معركة انتخابية جديدة على تنفيذ الافراج عن المخربين الفلسطينيين، لكنه اصدر بعد ذلك اشارة خفية تري أن عنده استعدادا لاعادة الوضع الى سابق عهده. ويعني ذلك أنه اذا عرضت فرصة لتنفيذ الدفعة الرابعة دون الافراج عن مخربين هم عرب اسرائيليون، فقد يوافق.
ويشبهه في ذلك نفتالي بينيت. فقد قال أمس إننا لا نطارد من يهرب من التفاوض وفي أيدينا ورقة نقدية، لكن ماذا يكون اذا تراجع الهارب عن ذلك؟ تراجع الى نقطة الانطلاق؟.
يوجد امكان كهذا لأن الفلسطينيين الذين قلبوا الطاولة ردعهم استعداد اسرائيل لأن ترد على خطواتهم من طرف واحد بعقوبات مؤلمة، وجهد صائب عريقات ليُبين أن التفاوض لم يلفظ أنفاسه لكل أحد، وأنه يوجد ما يمكن الحديث فيه، بل إنه وعد بنيامين نتنياهو بأن عنده فرصة لتحقيق اجراء هو في نظر الفلسطينيين ذو قيمة تاريخية.
إن الذي ينظر في هذه النصوص بجدية يجد أن كل شيء ممكن وأن لا أحد يترك الدائرة برغم أنه يوجد في المعسكرين من يعلنان ذلك، وأن من السابق لأوانه جدا تأبين المسيرة. من الصعب جدا تحطيم اطار التفاوض المعقد الأعرج الذي بناه الامريكيون، لكنه اذا انتقض فستكون اعادته الى ما كان عليه أصعب بكثير. ما البديل؟ أهو الفراغ؟ أوهو لا شيء؟.
بل إن التفاوض الوهمي في ظاهر الامر، والخيالي والصوري فقط أفضل من انصراف كل طرف الى ركنه. اذا عاد جون كيري الى بيته فسيعتزل فترة طويلة، واذا اضطر نتنياهو الى أن يحسب حسابا للاجنحة المتطرفة في حكومته فسيورط نفسه في الساحة الدولية في غضون وقت ما؛ واذا قاد أبو مازن الفلسطينيين الى لا شيء، فسيجد منافسيه في مكانه – إما من صفوف م.ت.ف وإما حتى من حماس.
يوجد كلام لا غاية له في الجانب الآخر من الميدان. فعمرام متسناع يعتقد أنه اذا لم يحدث تحول فلا يوجد لكتلة الحركة برئاسة لفني ما تبحث عنه في الحكومة. لكن ما الذي تبحث عنه في مقاعد المعارضة من وجهة نظره؟.
يجب على الاطراف أن تفكر في أن التمهل الحالي يحدث خريطة وضع جديدة. قيل أمس إنه قد تستل الولايات المتحدة من جديد ورقة الافراج عن جونثان بولارد، لكن سيطلب الى اسرائيل أن تسلم بتوجه أبو مازن من طرف واحد لضم الفلسطينيين الى منظمات دولية وكأنهم اصبحوا دولة ذات سيادة. وهذا غير معقول.
كيف الخلاص من الوحل اذا؟ تحدث كيري مع الجميع من قبل وربما يكون الحوار الثلاثي هو الشيء الضروري بأن يهاتف وزير الخارجية الامريكي في نفس الوقت نتنياهو وأبو مازن لاجراء حديث ثلاثي ينهي ما لا يجب أن يصد أحدا منهم وهو اتفاق على اطالة أمد التفاوض. هذا الى أن الحقيبة ينتظر فيها اتفاق دقيق يشمل الافراج عن 400 مخرب آخرين وتبطئة البناء في المستوطنات وموافقة فلسطينية على تجميد التوجه الى المنظمات الدولية، وهذا هو أخف الضرر؛ دعوا العقل المستقيم ينتصر.


