كان ينبغي لافيغدور ليبرمان أن يصعد على طائرة نفاثة الى الولايات المتحدة، وان يهبط بسلام في نيويورك ومن هناك، بالانجليزية غير النتنياهوية ظاهرا خاصته، ان يطلق تذكيرا لرئيس الوزراء ولكل اللاعبين الاخرين، بأسف وبكرب، الى جانب سرير المفاوضات التي تكاد تموت: انا لا أزال الجهة المركزية في الملعب. اذا أردت هذا الائتلاف فانه يستمر وبارادتي يسقط.
ليبرمان وجه الرسالة لنتنياهو: اذا كنت تخطط لاستبدال البيت اليهودي بالاصوليين وبالعمل، فلا تفكر في هذا ابدا. فأنا لن أكون معك. اما للبيد ولفني فانه يلمح: اذا كنتما ستتجهان الى الانتخابات على خلفية تفجير المفاوضات فالويل لكما. فأنتما ستتحطمان. أغلبية جارفة في الشعب تعتقد أن الفلسطينيين مذنبون في الوضع. والناخب سيعاقب من يجر الدولة الى الانتخابات بسبب رفض الطرف الاخر. اما للعالم كله فانه يقول الامر المسلم به: اسرائيل لا يمكنها أن تفي بالتزامها الاصلي لتحرير مئات السجناء الفلسطينيين، بما في ذلك العرب الاسرائيليون، طالما ابو مازن لا يتراجع عن توجهه الاستفزازي للمنظمات الدولية المرتبطة بالامم المتحدة. وفي ذات الاشارة فانه يوضح بعد ذلك بانه سيكون مستعدا لان يؤيد الصفقة اياها اذا ما اعيدت المواثيق الى جوارير المقاطعة الامر الذي من غير المتوقع أن يحصل. باختصار، اغلق بوابات الاسطبل بعد أن فرت الجياد.
عندما يخرج ليبرمان من فمه الكلمة الشهيرة، التي تبدأ بحرف أ (انتخابات) ، فان الساحة السياسية تعصف بالحراك وفي مكتب رئيس الوزراء يحلون ربطة العنق ويخفضون الحرارة في المكيف. في الولاية السابقة تنبأ وزير الخارجية، قدر بل وحتى تعهد بان تصمد الكنيست اربع سنوات على الاقل. وهكذا كان. أمس، في ندوة "جيروزاليم بوست" وضع فجأة على الطاولة الخيار الذي لا يتحدث احد عنه بصوت عال، بعد سنة وربع فقط من قول الناخب الاسرائيلي كلمته. في الولايات الحالية يبدي، سواء في الاحاديث الخاصة ام في المقابلات الصحفية العلنية، شكوكا اساسية حول مدى عمر الحكومة. وغير مرة قال ان التضاربات الداخلية ومسار الصدام البنيوي الذي اقيم عليه ائتلاف نتنياهو الثالث لا تسمح بـ "عمل شيء".
إذن فان الانتخابات لن تكون في المدى المنظور. لفني لن تسارع الى الانسحاب من الائتلاف وتختفي مرة اخرى في ضباب الظهيرة، لعلمها أنها لن تحصل على فرصة ثالثة. والهزات الائتلافية يمكنها بالطبع أن تقع، مثلا، من جهة كتلتها، "الحركة"، حيث تنطلق اصوات تؤيد الترك اذا ما لفظت المسيرة أنفاسها. على هذه الخلفية، تزدهر التخمينات في الكنيست، مرة اخرى، عن اقامة ائتلاف بديل، دون الحاجة الى الانتخابات، برئاسة رئيس المعارضة اسحق بوجي هرتسوغ من العمل.
هذا السيناريو، الذي بلغنا عنه لاول مرة في هذه الصفحات في بداية شباط، صعب جدا على التحقق، شبه متعذر: فارتباط كل كتل المعارضة – 52 نائبا – زائد ستة أعضاء الحركة، زائد يوجد مستقبل أو جزء منه، ليتعاونوا مع الاصوليين ويجلسوا معا في حكومة هرتسوغ، حكومة السلام المنشودة.
هذه التنفيسات توجد بانتظام في الساحة، وتتسلل بين الحين والاخر عبر زجاج حوض السمك في مكتب رئيس الوزراء. ويبدو ان هذا هو السبب الذي رشح عن نتنياهو تلفظه في جلسة وزراء الليكود ما معناه: يعقدون ضدي المؤامرات. واهتم الوزراء بمعرفة من، وماذا ولماذا. ولكن رئيس الوزراء حبذ ألا يفصل. ولكنهم نظروا اليه واخذوا الانطباع بانه مقتنع، أو على الاقل مؤمن، ولا بد يخشى من أن مثل هذه المؤامرة تنسج له من خلف ظهره في الاروقة الظلماء ولدى نابشي الشر في المجلس التشريعي. وقد استنتجوا بانه يعيش في فيلم.


