خبر : ‘داعش’ تقيم ‘دولة طالبانية’ في آخر معاقلها في الريف الحلبي… مدينة الباب

الخميس 27 مارس 2014 01:15 ص / بتوقيت القدس +2GMT
‘داعش’ تقيم ‘دولة طالبانية’ في آخر معاقلها في الريف الحلبي… مدينة الباب



حلب وائل عادل في مدينة الباب يا صديقي الخيرات كثيرة’، قالها وهو يدخن سيجارته الخامسة بشراهة، ففي مدينة الباب كما أخبرني عليّ – حين أتى إلى حلب- التدخين يتم بشكلٍ سري، فعناصر تنظيم دولة العراق والشام الذين يسيطرون على المدينة يشتمون الأصابع إن كنت تدخن أم لا، وأول إنجازاتهم عند سيطرتهم على المدينة هو إحراق طونات من التبغ لأحد التجار بقيمة تتجاوز ملايين الليرات.
وقد وزعوا منذ أيام ورقة في مدينة الباب، فيها جدول العقوبات في حال تجاوزت حدّاً من حدود الله، يبدأ الجدول بالقتل كعقوبة للتلفظ بالكفر، ثم رجمٌ فجلد فقتل وآخر حكم هو القتل للمرتد عن الإسلام.
عليّ في العقد الرابع من العمر، و لكنه يشعرك بأنه قد تجاوز السبعين، فهو يفصّل في موضوع طويل ليصل إلى العبرة منه، ثم يرجع إلى حديثه الأول حيث يوضح جوابه على سؤالي لماذا لم ينسحب التنظيم من مدينة الباب الواقعة شرقي حلب ويقول علي: يا صديقي في مدينة الباب خيرات كثيرة كاللحم والخضار والألبان، وهؤلاء يحبون اللحوم بشكل غريب، فعندما كنت أسألهم عن قريبٍ لي كان قد سجن عندهم لأنهم اتهموه بالعمالة للنظام، كانوا يجيبونني و كأنهم متفقين على الإجابة: إنه يأكل اللحم و يشرب العيران.
وعندما خرج من السجن قال أنهم لم يكونوا يطعمونه إلا ما ندر ولولا الطعام الذي يرسله أهلي لي لما كنت شبعت أبداً، ويعلق عليّ بعصبية: يا أخي إنهم يكذبون، فيشعل سيجارة أخرى ويشاركه الحديث أبو زيدان الذي كان خائفاً :إنهم باتوا اليوم يخافون البقاء في مدينة الباب، فالإغتيالات تتزايد بحقهم، ولكن لا تنسى صوامع القمح الممتلئة عن بكرة أبيها، والتي نشاهدهم يومياً يفرغونها إلى أكثر من عشرة شاحنات لا نعرف إلى أين يأخذونها.
ثم يقول علي: لقد كنت جالساً في دكان صديقي أدخن، فأومأ لي أن أطفئ السيجارة لأن أحد عناصر التنظيم اقترب ولكنني رفضت، وبالفعل دخل وبدأ يتكلم معي بالفصحى: هذه معصية يا أخي، ثم دخل صديقه أيضاً، وطلب مني إيقاف التدخين فرفضت، وقلت له سيحاسبني الله إن كنت مجرماً، أنظروا إلى أخطائكم ثم حاسبونا.
فاندهشا وانتظرا متابعتي للحديث، فظهر على شاشة التلفزيون خبر اكتشاف مقابر جماعية في مقرّات التنظيم بعد انسحابه من مدينة حريتان، وأشرت إلى الخبر فكذّباه وقال السعودي: هذه أخبار الإعلام الكاذب، وربما نعاقب الزاني ونقتله فأين تريدنا أن ندفنه؟
وطال نقاشنا بين أن تعطونه لأهله، وأن الحدود لا تطبق في زمن الحرب وغير ذلك، حتى باح أحدهما بمشاعره: أنتم سكان الباب لا تحبوننا، سكان حلب كانوا يحبوننا.
فأكّدت له ذلك وقلت له بأنكم جئتم بالذبح والدم والقتل، قتلتم شباب المدينة دون وجه حق، فكيف سيحبكم من قتلتم ابنه لتسيطروا على مدينته! ربما أحبكم بعض سكان حلب لأنكم قبضتم على بعض اللصوص الذين كانوا يستعملون السلاح للسرقة، ولكنكم قتلتم معظم الثوار.
كان يقطن في مدينة الباب قرابة 150 ألف نسمة، لكن الإشتباكات بين الثوار والنظام والقصف المتواصل عليها منذ عامين إلى اليوم و أخيراً الإشتباكات بين تنظيم الدولة والثوار، كل هذه الأحداث كانت قد غيرت الجغرافيا السكانية للمدينة الصغيرة، فمؤخراً وبعد ازدياد القصف بالبراميل المتفجرة على مدينة حلب، لجأت الكثير من العائلات إلى مدينة الباب، وأصبحت أجور البيوت غالية الثمن، وبالطبع لعناصر التنظيم أسعارهم الخاصة.
ينهي علي حديثه بقوله: لم يكن هناك أقبح من أن يتلثم قريبك لقتلك، فقد كان يدخل شخص من أهل الباب ملثماً مع عناصر التنظيم ويومئ لهم إلى الشخص الذي يشكّ بأنه منخرط في صفوف الجيش الحر، فيقومون بتصفيته دون رحمة لأنه مرتد عن الدين ويحارب الدولة الإسلامية بحسب زعمهم، وحتى عندما كنت أناقش عناصر التنظيم في دكان صديقي جاء شخصٌ ملثم وعرفت بأنه سوري فزجر أصدقاءه وأنهى النقاش وقال لهم: هيا قوموا.. هيا، ثم عبس في وجهي فخفت وهربت خائفاً أن يودي نقاشي معهم بحياتي.