خبر : عملية عسكرية؟ ليس الآن! \ بقلم: عاموس هرئيل \ هارتس

السبت 15 مارس 2014 10:28 ص / بتوقيت القدس +2GMT



يبدو برغم خطابة القيادة الإسرائيلية الصارمة أنه إذا كانت الأمور تتعلق بها، توجد نية إنهاء جولة العنف التي بدأت في قطاع غزة في منتصف الأسبوع. هل قال وزير الخارجية افيغدور ليبرمان إنه لن يكون هناك مناص من احتلال القطاع كله؟ لقد قال. فليبرمان يقول ذلك منذ سنوات كثيرة. ولم يغير رأيه أيضا حينما عاد الى الحكومة بعد تبرئته في المحاكمة الجنائية حينما تبنى لنفسه صورة معتدلة جعلته يحظى بالمديح من الإدارة الأميركية.
إن آخر شيء يحتاج إليه الآن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو منظر جنود غولاني وجفعاتي يمشطون بيتا بعد بيت في مخيمات اللاجئين في غزة ودير البلح. ويُشك في أنه يوجد دعم من الجمهور الإسرائيلي لهذا الإجراء برغم رشقات الصواريخ الثقيلة يوم الأربعاء. وحينما حدث تصعيد أشد في عملية "عمود السحاب" في تشرين الثاني 2012، كان نتنياهو حذرا من إرسال جندي إسرائيلي واحد الى داخل القطاع، فقد قصف سلاح الجو من بعيد وجند الجيش الإسرائيلي نحوا من 75 ألف جندي احتياط، لكن ذلك كان إبراز عضلات فقط. وانتهت العملية بعد ثمانية أيام دون أي عملية برية.
لم يغير نتنياهو تحفظاته من إجراءات برية كثيرة المخاطرة. ومع ذلك يوجد فرق بين حكومة نتنياهو الثانية والثالثة يكمن في سياسة الرد من الفور: فنتنياهو بحثه وزير الدفاع موشيه يعلون يحرص على عدم ترك إطلاق الصواريخ بلا رد – وهذه ظاهرة كانت حكومته السابقة تضبط نفسها أحيانا في مواجهتها. لكن الرد الإسرائيلي ما زال موزونا نسبيا. هاجم سلاح الجو في ساعات المساء من يوم الأربعاء 29 هدفا في القطاع اكثرها للجهاد الإسلامي الذي وقف وراء إطلاق الصواريخ والقليل منها لـ"حماس". وحقيقة أن غزة لم تبلغ عن وقوع قتلى في الهجمات تشهد على أنها كانت في أساسها "هجمات عقارية". فقد قصفت إسرائيل مكاتب ومواقع خالية كان عند المنظمات الفلسطينية ما يكفي من الوقت لإخلائها بعد التهديدات بالرد من القدس.
يبدو أن رغبة الحكومة في احتواء المواجهة، أي بإنهائها بسرعة نسبيا، تعتمد على تعليلين. يتعلق الأول بالوقت. فغدا تبدأ الاحتفالات بعيد المساخر. وإن جولة قتال أوسع في غزة ستشوش على العيد تماما في جنوب البلاد وربما في مركزها وتفضي الى إلغاء احتفالات جماعية. والتعليل الثاني أكثر استراتيجية لأن سلطة "حماس" في غزة هي في الحاصل العام شريك مريح جدا الآن بالنسبة لإسرائيل. وهي ليست شريكا اختياريا لكنه يوجد بين الطرفين قدر غير قليل من المصالح المشتركة. إن إسرائيل لا تريد استبدال السلطة في القطاع لعلمها بأن البدائل عن "حماس" قد تكون أسوأ منها. وتطلب "حماس" تحت الضغط المضاعف من إسرائيل ومن حكم الجنرالات المصري في الأساس، تطلب البقاء قبل كل شيء، ولذلك فإن الصدام العسكري مع إسرائيل لن يخدمها.
إن علامة السؤال الكبيرة في الأيام التالية تقوم فوق الجهاد الإسلامي. فهذه المنظمة بادرت، أمس، الى رد غير عادي بهجوم كثيف بصواريخ على عرض الجبهة كلها، ردا على قتل ثلاثة من نشطائها بهجوم سلاح الجو أول أمس. وقد أوقفت إطلاق النار في ساعات المساء. ورجال المقاومة الشعبية وهي منظمة اصغر هي المسؤولة عن إطلاق النار الآخر في صباح الخميس، إذ أطلقت صاروخين وقعا في ارض مفتوحة. ويقدرون في إسرائيل أن قيادة الجهاد أيضا تخشى تصعيدا واسعا الآن. وقد جُمع المجلس الوزاري المصغر لجلسة عاجلة على إثر التصعيد في الجنوب، لكن اذا تبين أن إطلاق الصواريخ من غزة كان بمثابة رشقة أخيرة وداعية فقد يستقر رأي إسرائيل على استمرار ضبط النفس.
اعتيد الحديث في جولات ضربات سابقة عن مسافة توقف: فقيادات المنظمات في غزة تحتاج الى يوم والى ثلاثة أيام أحيانا لتعيد ناسها الى النهج القويم. وستتابع إسرائيل سلوكها قبل أن تقرر بأي قوة تعمل في القطاع اذا عملت. وغزة من وجهة نظر نتنياهو جبهة ثانوية قياسا بمواجهات عسكرية أوسع تتم في المنطقة، من معركة صد البرنامج الذري الإيراني الى عدم استقرار الجبهة الشمالية في سورية ولبنان. وليس عنده اهتمام خاص بإشعالها. بل إن عملية عسكرية في غزة لن تحرر إسرائيل زمنا طويلا من الضغط الأميركي لإحراز تقدم في المسار السياسي مع السلطة الفلسطينية.
ومع كل ذلك يجب أن نضيف ملاحظة تحذير: إن المشكلة الرئيسة التي تواجهها حكومة إسرائيل هي ضعف الشعور بالأمن الشخصي عند السكان في النقب وعند سكان بلدات غلاف غزة بخاصة. وقد أعيد تحسين بعض هذا الشعور في السنة الهادئة نسبيا بعد عملية "عمود السحاب". وعادت الصواريخ تسقط في كانون الثاني الأخير وفي هذا الأسبوع بقوة أكبر. وهذا المسار يُحدث صعوبة للحكومة مع الوقت ويصاحبه توقع متزايد لعملية عسكرية. فإذا تجدد إطلاق النار بعد الهدنة التالية أيضا فستقصر المسافة الى عملية عسكرية أوسع في القطاع. لكن رئيس الوزراء ما استطاع الامتناع سيفضل عدم التورط في إرسال قوات برية الى المنطقة المأهولة المشحونة بالملاجئ تحت الأرض وبالكمائن في غزة برغم دعوات وزير خارجيته.

عن "هآرتس"