في المؤتمر السنوي "لشون ريشون" (لسان أول)، وهو مؤتمر اللغة العبرية الذي يعقد في ريشون لتسيون، سيمنح روبيك روزنتال جائزة الابداع في اللغة العبرية المسماة باسم مئير اريئيل. تشهد قضية نيني – زلبر على أن الحصول على جائزة ليس هو بالضرورة تعبيرا عن اجماع، لكن يجوز لنا أن نفرض أن تسمية جائزة باسم شخص ما تشهد بأنه مجمع عليه.
إن مئير اريئيل – وهو احد المبدعين الموهوبين في تاريخ الثقافة العبرية – لم يكن مجمع عليه دائما بل اصبح كذلك في يوم موته في 18 تموز 1999، وقد كانت منزلته العامة قبل ذلك بسنة في الحضيض حينما عرف اللوطية في مقابلة صحفية لـ "يديعوت احرونوت" بأنها شذوذ. وكان الرد على كلامه شديدا فقد دعت منظمات المثليين الى القطيعة مع الفنان وكانت القطيعة عنيفة، فقد ضايقه المتظاهرون وشوشوا على عروضه وبصقوا في وجهه، ولم يساعد اعتذار اريئيل ايضا وشعر بأنه وحيد ومضروب ومنبوذ واضطر الى ان يترك بيته في تل ابيب وينتقل الى برديس حنا بالقرب من كيبوتسه، كيبوتس مشمروت. وقد صعب علي كلامه. لا لأنه يعارض ايماني بتساوي قيمة الانسان فقط بل لأنني أخذته مأخذا شخصيا، لأن أخي لوطي. وبرغم ذلك زعزعتني القطيعة العنيفة مع الفنان الذي احترمه. وفي مقالة كتبتها آنذاك نعت كلام اريئيل بأنه حماقة لكنني قلت إنه يجوز لشخص ما أن يتكلم بحماقات وإن الفنان يُفحص عنه بجملة انتاجه. فاذا قيس كلام احمق في مقابلة ما بسائر انتاج الفنان كان باطلا معفوا عنه. وإن اضطهاد فنان بسبب كلام يشذ عن المعيار السوي هو "محكمة تفتيش" كما سميتها.
وأتذكر مقالة رد مثيرة للاهتمام كتبها في تلك الايام المسرحي ميكي غوربيتش الذي ندد بكلام اريئيل وتساءل منذ متى يخشى فنان الشذوذ؟ ألم يكن الفن على اختلاف حقبه يتحدى المعيار السوي دائما، وعُرف الفنانون بأنهم شاذين أكثر من مرة وأصبح بعض ذلك الشذوذ على مر الايام معيارا.
إن متابعة تصريحات الفنانين تثبت أن فيها شذوذا شديدا أكثر من مرة. وحينما اقرأ ذلك أتمنى ألا يصبح معيارا لا سمح الله. لكن ربما يوجد في الحقيقة صلة بين الفن والشذوذ عن المعيار. وإن التوجه الذي عبرت عنه في قضية اريئيل ما زال توجهي الى اليوم. حينما نظمت قطيعة مع يافه يركوني – حينما شبهت يركوني الجيش الاسرائيلي بالنازيين في ذروة عملية السور الواقي بعد قتل أكثر من ألف اسرائيلي في عمليات تفجيرية وقتل جنود كثيرين في معركة في جنين بسبب تمسك شديد باخلاق القتال وطهارة السلاح – ذكرت أن ذلك في الحقيقة كلام فظيع مخيف لكنه لا يسوغ القطيعة مع الفنان. وفي مقالة كتبتها عنوانها "بماذا خطئت؟" اقترحت النظر في انتاج يركوني كله وألا نتمسك بمقولتها مهما تكن منفرة.
إن المنظمة اليسارية الراديكالية "محاربون للسلام" كانت تنظم في السنوات الاخيرة في ذروة احداث يوم ذكرى ضحايا الجيش الاسرائيلي ومعارك اسرائيل، مراسم ذكرى بديلة مشتركة بين ضحايا الجيش الاسرائيلي والمخربين الفلسطينيين، وهذا التحرش هو في نظري تحرش لمجرد التحرش. وقد عرضت احينوعام نيني في العام الماضي عرضا كذلك وكانت هناك دعوات الى القطيعة معها. أنا أشمئز من فعل احينوعام نيني لكنه لا يغير حقيقة أن الحديث عن واحدة من افضل المطربات والمبدعات في اسرائيل، وأنا أحب واحترم نيني الفنانة.
يجب علينا أن نقطع مع القطيعات. وقد وجدت هنا دعوات الى القطيعة مع حاييم حيفر على اثر كلام قاله في الآتين من المغرب، ومع حافا البرشتاين بسبب اغنية غنتها ومع نوريت غالرون عقب اغنيتها "بعدنا الطوفان"، وغير ذلك. وليس لذلك نهاية.
إن اريئيل زلبر يتحدى تسامحنا بتصريحات تثير الاشمئزاز موجهة على العرب والمثليين واليساريين وتؤيد الافراج عن يغئال عمير، ويحسن أن يثبت تسامحنا للامتحان الذي يعرضه له.
لا يستطيع اريئيل زلبر بالتصريحات حتى لو كانت منفرة أن يضعضع انتاج حياته – وهو مئات الاعمال التي هي مركب ذو شأن في الفن الاسرائيلي في الاربعين سنة الاخيرة، وهو يستحق الاجلال بسبب انتاجه برغم كلامه الشديد الوقع.


