خبر : وثيقة أمريكية جديدة: السادات خطط لاحتلال ليبيا.. وطلب من إسرائيل عدم انتهاز الفرصة والهجوم على مصر

الجمعة 07 فبراير 2014 08:35 ص / بتوقيت القدس +2GMT
وثيقة أمريكية جديدة: السادات خطط لاحتلال ليبيا.. وطلب من إسرائيل عدم انتهاز الفرصة والهجوم على مصر



القاهرة سما هنرى ألفريد كيسنجر.. سياسى أمريكى ولد عام 1923 فى ألمانيا، وهاجر مع عائلته من ألمانيا النازية إلى الولايات المتحدة عام 1938، هربا من العنصرية النازية المقيتة ضد اليهود. حصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه فى العلوم السياسية من جامعة هارفارد فى الأعوام: 1950، 1952، 1954 على التوالى. وكان عنوان أطروحته فى الدكتوراه: «السلام والشرعية والتوازن.. دراسة لحنكة كاسلرا ومترنيخ السياسية». (ملاحظة: لورد كاسلرا «1769-1822» هو سياسى ودبلوماسى أيرلندى مرموق. شغل منصب وزير الخارجية البريطانية من 1812 حتى 1822 ولعب دورا مركزيا فى إدارة التآلف الذى هزم نابليون).

اشتهر كيسنجر كوزير للخارجية فى إدارتى الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد. ولا يزال رؤساء الولايات المتحدة وغيرهم من زعماء العالم يطلبون مشورته فى أمور العلاقات الدولية، رغم أنه بلغ التسعين من العمر. يعد من أهم منظرى الواقعية السياسية (Realpolitik) فى القرن العشرين، كما تجلت فى مساعيه الناجحة لتحقيق الانفراج فى علاقات بلاده مع الاتحاد السوفييتى، والصين الشعبية، والتفاوض على اتفاقات باريس للسلام، لإنهاء التورط الأمريكى فى حرب فيتنام، وهى المهمة التى حصل بسببها على جائزة نوبل للسلام عام 1973 بالاشتراك مع السياسى الفيتنامى لى دوك ثو.

أصدر ستة عشر كتابا، منها ثلاثة كتب كمذكرات، والبقية فى السياسة والعلاقات الدولية. وخلال الفترة الزمنية التى شملتها هذه الدراسة شغل كيسنجر منصبين فى الوقت نفسه: وزيرا للخارجية ومساعدا للرئيس لشؤون الأمن القومى (أى مستشار الرئيس للأمن القومى). أصدر كتب مذكراته كالتالى: «سنوات البيت الأبيض» (1979)، و«سنوات الاضطراب» (1982)، و«سنوات التجديد» (1999) (العيسى).

د. حمد العيسى يعثر على المحضر ويترجمه

فى أثناء إعدادى لملاحق كتابى المترجم القادم «قبل سقوط الشاه» الذى سيصدر عام 2014، عثرت على وثيقة مهمة رفعت عنها السرية «Declassified» مؤخرا، وهى محضر لاجتماع بين كيسنجر وجولدا مائير خلال مفاوضات فك الاشتباك على الجبهتين المصرية والسورية عام 1974.

ونظرا لأهمية المحضر من الناحية التاريخية والسياسية قررت ترجمته وضمه إلى كتابى، رغم كونه خارج موضوع كتابى، ويسعدنى أن ينشر صحفيا الآن، ليستفيد منه الكتاب والباحثون العرب المهتمون بالصراع العربى-الإسرائيلى وأسرار السياسة العربية. وقد وضعت بعض الهوامش للتعليق على بعض ما ورد فى المحضر.

كما وضعت بعض الأقواس للتوضيح، ونظرا إلى أن بطل المحضر هو الدكتور هنرى كيسنجر، دعونى أقدم سيرة موجزة لهذا الثعلب المخادع.

اجتماع سرِّى بين كيسنجر ومائير:السادات قـــــــــال إنه قادر على طرح الانسحاب إلى خط 6 أكتوبر

محضر اجتماع بين كيسنجر وجولدا مائير: «السادات سيحتل ليبيا»

مذكرة لمحضر اجتماع (1)

المشاركون: السيدة جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل، سيمحا دينيتز السفير الإسرائيلى فى الولايات المتحدة، الدكتور هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى، بيتر دبليو رودمان عضو مجلس الأمن القومى الأمريكى.

الوقت والتاريخ: الجمعة 1 مارس 1974 عند الساعة الـ12:00 ظهرا.

المكان: بيت الضيافة، هرزيليا (2).

كيسنجر: هل رأيتِ آخر إذلال للروس على يد المصريين؟ لقد نجحنا فى تأسيس علاقات دبلوماسية كاملة مع مصر، وأصر السادات على رفع العلم الأمريكى على مقر السفارة.

مائير: (تضحك) على شرف وصول غروميكو؟!!

كيسنجر: نعم، لقد صنعوا من استئناف العلاقات حدثا مهما. كانت وزارة الخارجية (المصرية) بأكملها هناك. أدلى فهمى بخطاب حماسى، وسيعرض على التليفزيون المصرى بعد عرض وصول غروميكو!! (يتهكم).

مائير: أدلى السادات بتصريح بأنه من المفيد (للسلام) أن تزورَ الشرق الأوسط، وأشار إلى أربع مراحل لفك الاشتباك على الجبهة المصرية، وقال إنه ينبغى أن يحدث نفس الشىء فى سوريا.

وكانت الإشارة الوحيدة لحضور شخص آخر هى أن (وزير الخارجية السوفييتى) غروميكو قادم، ولكنه قال: إن (المستشار الألمانى فيلى) برانت والرئيس (نيكسون) سيزوران مصر عام 1974.

كيسنجر: لمعلوماتك، إنه (نيكسون) يفكر فى أن تكون الزيارة فى مايو.

مائير: ليوافق عيد ميلادى.

كيسنجر: متى عيد ميلادك؟

مائير: 3 مايو.

كيسنجر: عيدى فى 27 مايو.

مائير: (تضحك) ولكن أنا فى القرن التاسع عشر (3).

كيسنجر: إنه القرن الذى أحمل شغفا خاصا به. وبالمناسبة، لقد قال (نيكسون) إنه لن يأتى إلى الشرق الأوسط دون زيارة إسرائيل.

مائير: (تضحك) لم أتصور مطلقا أننى سأواصل العمل حتى هذا العمر. أنا مستعدة للتنازل عن منصبى لأى شخص يريده.

السفير دينيتز: (يقرأ خبرا من برقية) هذا هو البيان الذى أدلى به السادات للصحافة بعد أن غادر الدكتور كيسنجر القاهرة. لقد قال: «أشكر الدكتور كيسنجر على جهوده، وأعتقد أن الولايات المتحدة لديها موقف جديد يعبر عن النيات الحسنة وتسهيل استئناف العلاقات، وهو موقف يدل على نية الولايات المتحدة لتحقيق حل. ثم تحدث السادات عن فك الاشتباك على الجبهة السورية، وقال إنه هدف رئيسى لسوريا فى هذا الصدد، ونشارك فيه، لأننا جبهة واحدة وقمنا بحملة واحدة».

كيسنجر: هذا مفيد لكِ.

دينيتز: (يواصل القراءة) «وشاركنا كطرف مساعد». إنه يعتقد أن فك الاشتباك يمكن تحقيقه فى سوريا كما جرى فى مصر إذا مر عبر أربع مراحل تحضيرية، مثل (اتفاقية) النقاط الست، ومحادثات الكيلومتر 101 (4)، وجنيف ومحادثات أسوان. (يواصل القراءة) «فك الاشتباك على الجبهة السورية، سيستفيد من تجربتنا التى تحققت فى الموعد المحدد وكما هو مخطط له، لأننا قمنا بالاستعدادات لذلك. استئناف مؤتمر جنيف مشروط بتحقيق فك الاشتباك فى سوريا». وأشار أيضا إلى أنه دون تحقيق العدالة للفلسطينيين لا يمكن أن يكون هناك سلام فى جنيف.

وقال أخيرا، إن نيكسون وبرانت سيزوران القاهرة فى 1974، ولا أفترض بأنهما سيكونان معا! (يتهكم).

وسوف يتواصل مع الأسد فى الساعات القليلة المقبلة. وتحدث عن التعاون الأمريكى-المصرى فى تنظيف القناة وحول الأجهزة التقنية الأخرى التى تملكها الولايات المتحدة. (يقدم نص مقابلة السادات لكيسنجر).

مائير: آمل أن يجد غروميكو من يحتضنه ويُقَبِلَهُ عند وصوله إلى مصر.

كيسنجر: كلا، لن يجد.

دينيتز: حضنوه فى سوريا -وزير خارجيتهم حضنه وقَبَّلَهُ فى المطار.

كيسنجر: (بتهكم) نحن لم نصل إلى هذه النقطة (التقبيل) مع الروس.

طلب السادات منى أن أتوقف فى مصر، وأنا فى طريقى للخروج من المنطقة، أى فور مغادرة غروميكو للقاهرة، لكى يوضح (للعالم) الفرق فى المعاملة المصرية (بين كيسنجر وغروميكو).

مائير: أووه مسكين غروميكو. لقد قال خروتشوف ذات مرة للصحافة: «تسألون عن كفاءة وزير خارجيتنا غروميكو؟! حسنا، سأخبركم: لو طلبت منه أن يخفض سرواله ويجلس على قطعة من الجليد، فسوف يفعل ذلك فورا ودون تردد».

كيسنجر: كما أنهم يستخدمون غروميكو فى روسيا كمثال للرجل المستقيم (straight، أى غير الشاذ).

مائير: دعوت يوم أمس لاجتماع لمجلس الوزراء لمجرد أن أقول لهم عن وصول قائمة الأسرى. ولكن لدى السلطة للموافقة دون استشارة الحكومة. وقد طلبوا منى شكرك وتقديرك على إعطائنا قائمة الأسرى. هناك واحد فقط أحمق -ليس أحمق ولكن غوغائى- تامير الذى قال إن حقيقة أن القائمة جاء بها الدكتور كيسنجر ليجعلها لا تتماشى مع اتفاقية جنيف. ولكن الجميع سعداء.

كيسنجر: وبخصوص الأسرى مزراحى وليفى، فقد أعطى السادات أوامر أمامى للإفراج عنهما.

يمكنكِ إطلاق سراح الـ73، ولكن يمكنك الاحتفاظ بالروسى.

دينيتز: اتفقنا على الـ73.

كيسنجر: بصراحة، أعتقد أن السادات كان على استعداد للقيام بذلك دون هذه المقايضة، ولكن أنا عرضت الـ73، ولكن ليس ذلك الروسى.

مائير: ربما يمكننا استخدامه للحصول على بعض المنفيين فى سيبيريا.

كيسنجر: نعم، لذلك قلت إنكم تريدون أن يبقى الروسى. وقال: لا بأس.

قالوا: إن مزراحى من أصل مصرى.

يقولون: يمكنكم الإعلان اليوم أنه تمت إعادتهم.

مائير: متى سيأتى؟

كيسنجر: مسألة وقت، روتين.

مائير: نفضل أن نعلن عن وصوله، عندما يكون هنا بالفعل.

كيسنجر: لا بأس. أعتقد خلال الـ48 ساعة القادمة.

يقول السادات: إن مخابراتكم اتصلت بالمخابرات المصرية فى المغرب للاجتماع والتنسيق معا.

مائير: لا أعرف.

كيسنجر: أكد لى أنه حدث. وقال: إنكم عرضتم اقتراحا للتنسيق من خلال الحسن. وقد أجاب بأنه لا يمانع شريطة أن يُفعل ذلك أيضا مع الفلسطينيين. لكن ذلك كان فقط، لأنه لا يريد أن يفعل ذلك فى المغرب. وقال: إنه يريدنى أن أقول لكم إنه مهتم بالتواصل والتنسيق شريطة أن يتم ذلك من خلالى.

وطلب منى أن أقول لكِ هذا.

مائير: لا أعرف عن هذا، لأننى لم أر سفيكا رئيس مخابراتنا هذا الأسبوع.

كيسنجر: وقال أيضا إن أى اتصالات تريدين -سياسية أو اقتصادية أو استخباراتية- فهو موافق شريطة أن تفعلى ذلك من خلالى.

مائير: جيد.

كيسنجر: وقال لى إنه سَرَّحَ حتى الآن 200،000 جندى، (أى أنهى تعبئتهم) وكل وسائل النقل المساندة لهم. قلتِ لى: أنكِ ستسرحين نصف الاحتياطى الخاص بك.

دينيتز: قلت لدادو (5) (إليعازر)، إننا سنحدد رقما أكثر دقة.

كيسنجر: إذا كُنتَ تستطيع أن تفعل ذلك الآن، فيمكننى أن أرسله إليه كما لو كان منكِ.

دينيتز: جيد.

مائير: كيف يرى السادات إمكانية الاتصالات السياسية المباشرة بيننا؟

كيسنجر: سأكون هنا مرة أخرى فى غضون 4-6 أسابيع، يمكننا مناقشة الأمر عندها.

دينيتز: ربما يمكن ترتيب لقاء بين رئيسة الوزراء والسادات، فى وجودكم.

كيسنجر: من وجهة نظرنا، سوف نرحب باللقاء.

مائير: سمعنا أن السادات يريد مساعدتى ضد ديان (6)!

دينيتز: لقد بقيت أتحدث معه أمس، حتى 01:30 (صباحا).

مائير: إنه مجروح حقا.

دينيتز: قال: إنه لا يريد أن يضركِ.

مائير: إنه شخص معقد جدا. كنت أعارض وجوده فى عام 1967، ولكننا عملنا معا بشكل جيد.

كيسنجر: لقد كان إيجابيا فى مأدبة العشاء تلك الليلة.

دينيتز: لقد كان مع فك الاشتباك فقط كفترة راحة واستجمام.

كيسنجر: هذا هو السبب الوحيد الذى يهمنى أيضا (7). أنتم تحتاجون إلى بعض الوقت، وتموضع جديد للقوات. هناك بالكاد فرصة 30% فقط للحصول على أى تنازل من مصر.

مائير: لقد قال (ديان) إنه يعتقد أن السادات يريد السلام.

كيسنجر: وأنا أعتقد ذلك أيضا. كان يمكنه أن يحرجنى بممارسة خطابية السياسة العربية حول فك الاشتباك فى سوريا. السادات ليس أحمق، بل يعلم تماما ما هى استراتيجيتنا الحقيقية (8). تذكرى مقال مجلة «نيوزويك» عن كونى سبب تأخير محادثات الكيلومتر 101 من أجل استكمال فك الاشتباك خلال رحلتى. لقد قرأها، وقال: «بالطبع! هذا هو السبب الوحيد». أمس، لم يُثر حتى المرحلة المقبلة. أخذته على جانب فقط، لأقول إننى لست ضد مناقشتها. لم يذكر أبدا حدود 1967. وعلى شاشة التليفزيون، كان يرتدى ملابس مدنية، وقال: نعم، إن للملابس أهمية رمزية، وإنها أول مرة يستقبل فيها ضيفا أجنبيا بالملابس المدنية منذ الحرب. وسُئل إذا كانت تعنى نهاية الحرب، أجاب: كلا، ولكنها تعلن عن عصر جديد.

يقول: إن رئيس الوزراء الليبى فى موسكو لشراء دبابات (T- 62) وطائرات فوكسباتس (ميج-25). إذا كان ذلك صحيحا، فهذا يعنى أن القوات السوفييتىة ستدخل ليبيا، لأن السادات يعتقد أنه لم ولن يوجد طيار ليبى يستطيع قيادة الفوكسباتس على مدى السنوات الـ50 المقبلة. وإذا حدث هذا التطور -يقول السادات- فسوف يتحرك ضد ليبيا، إما عن طريق صنع تمرد فى ليبيا وإما أن يحتلها بالقوات المصرية. ويريد تأكيدا وضمانا بأنك سوف تبقين هادئة. قلت: لا أستطيع أن أتكلم نيابة عنكِ!

مائير: بالتأكيد! يمكنك طمأنته.

كيسنجر: (بتهكم) بالطبع، لا أعتقد أنك ستكسرين فك الاشتباك لإنقاذ القذافى!

وبخصوص الاستطلاع، لقد تخلص من الفوكسباتس السوفييتية، ويحتاج الآن إلى صور طائراتنا الاستطلاعية كما اتفقنا. وقال إنه يفضل طائرات التجسس «لوكهيد يو-2» (U-2) بدلا من الأرخص «إس آر-71» (SR- 71)، وسوف نقوم بتجربة تجسس عليكما بواسطة «لوكهيد يو-2» ليرى مزاياها ويمكننا أن نقول للحكومات الأخرى، إننا نفعل ذلك بإذنه وإذنكِ أنتِ. سوف نطير فى 5 مارس. وسوف نحاول أن نحصل على «لوكهيد يو-2» فى قبرص، ونعطيكما معا المسار الذى ستسلكه. أقصد عبر (...) كما تعلمون. (يسلم خريطة لمائير ويتدارسونها).

مائير: هل يمكن أن نحتفظ بالخريطة؟

كيسنجر: نعم، أرادوا (المصريون) إخطارا برحلتنا. قلت: إننا لا نستطيع، لأنهم سوف يخفون المعدات. قال: لا بأس.

لقد وافق على التمديد لقوات الأمم المتحدة. ستنتهى مهمتهم فى 25 أبريل. ووافق أن نطلب معا تمديدا لمدة عام. ولكن عادة ما يكون التمديد ستة أشهر. ووافق على ذلك. أنا متأكد من أنكِ تريدين ذلك.

مائير: طبعا.

كيسنجر: وهذا يعنى أنها مضمونة.

مائير: ماذا سيكون الموقف الروسى؟

كيسنجر: هم من طلبها لأول مرة، وإذا كانت مصر وإسرائيل معا تطلبان التمديد لسنة واحدة، فعلى أى أساس يمكن للروس رفض ذلك؟

وبخصوص فك الاشتباك، اسمحى لى أن أقدم لكِ الخلاصة.

قلت لكِ: إنه حريص أن يكون عنده ملحق عسكرى أمريكى فى مصر، ليتمكن أن يعرض له بعض المعدات الروسية. وهذا هو السبب فى اختلافى مع تحليل رابين -الأمر يتجاوز سياسة المسار المزدوج. إنه لم يطرح مسألة المرحلة الثانية على الإطلاق. وقد أثرتها فى النهاية، وذلك فقط ليظهر فى المحضر أننى كنت مستعدا لمناقشة الأمر.

وبخصوص سوريا، شرحت بالضبط ما حدث فى دمشق. لقد غضب جدا على السوريين. وقال: إنه يجب أن يكون هناك اتفاق لفك الاشتباك، وإلا فإن الأمر سيكون كارثة فى جميع أنحاء العالم العربى. وقال: إنه كان يتمنى تحقيق ذلك خلال أسبوع واحد، رغم أنه سيبدو سيئا، لأنه استغرق وقتا أطول، ولكن بعد الطريقة التى تصرفوا فيها، قال: «خذ وقتك». لقد عرضت موقفكم بأسوأ مما كان عليه، قلت إنكِ مستعدة للتخلى عن نصف الأراضى الجديدة، وبصورة خاصة معى، وبجهد كبير منى قد أعيدك إلى حدود 6 أكتوبر(9). قال إن هناك مشكلتين: الأولى، ما يمكنه دعمه دبلوماسيا، وثانيا، ما يجب أن يفعله، حيث لا يلجأ إلى الحرب فى ما لو لجأ السوريون إلى الحرب مرة أخرى.

سيدتى رئيسة الوزراء، يجب أن أقول لكِ: إن تشكيل ائتلاف حكومى فى إسرائيل يبدو خيارا مناسبا. تبدين أفضل راحة من ذى قبل.

قال (سفيرنا فى إسرائيل) كيتنغ: إن عضوا فى حزب دينى إسرائيلى جاء إليه، وقال: «هناك قضية واحدة نصر فيها على دعم الولايات المتحدة الأمريكية، وهى أن التحول إلى اليهودية لا يجب أن يتم إلا من قبل الحاخامات اليهود الأرثوذكس». سألنى كيتنغ عن موقف الولايات المتحدة. قلت: «ابتعد عنى بحق الجحيم!» (يضحك).

مائير: هناك بدوى فى قائمة الائتلاف. قال: إنهم سيبقون معنا -إلا إذا كنا سنشكل حكومة (ائتلافية) مع الليكود.

كيسنجر: (وصول الليكود إلى الحكم) سيكون كارثة بالنسبة إلى إسرائيل، وسيقلل من احتمال نجاة وبقاء إسرائيل كما قلت لكِ.

مائير: هناك مشاعر تدعو للعمل معا فى البلاد. ولكننا لم نستطع. بيجين وتامير عقائديان. وجهة نظرهما هى أن الولايات المتحدة تعتمد علينا!

كيسنجر: كيف؟

مائير: (تضحك) لموقعنا الاستراتيجى إلخ. يريدون أن يعرفوا لماذا نأخذ أوامر من الولايات المتحدة (ضحك)؟

كيسنجر: سأكون سعيدا للشهادة فى هذا الأمر!

هناك شىء واحد أختلف فيه مع سفيركم. لا يمكنكم الاستنتاج من عدد الناس المستعدين للتصويت لصالحكم، كم سيكون عدد المستعدين للمخاطرة لأجلكم! الدعم المحلى فى الولايات المتحدة لكم بالمعنى الاستراتيجى (مشكوك فيه) بصورة كبيرة.

مائير: نعم.

كيسنجر: اسمحى لى أن أكمل ما دار مع السادات. لقد قال: إنه قادر على عرض الانسحاب إلى خط 6 أكتوبر، باعتباره إنجازا، وإنه يمكنه فعل ذلك، ولكن إذا رفض السوريون ذلك، وبدؤوا بحرب، فإنه سيكون من الصعب عليه أن يبقى متفرجا (10).

فى هذه الأثناء سيرسل مروان إلى المملكة العربية السعودية والكويت لمواجهة مناورات سوريا، لأن الأسد يرسل رسائل إلى القادة العرب.

وقال: إذا كنت تستطيع الحصول على خط أبعد من ذلك، فإنه سيمكنه أن يقول لى: إنه يمكن أن يبقى خارج الحرب، وسيتخذ موقفا علنيا فى دعم هذا العرض، وقال لى: إنه يمكننى أن أؤكد لكم ذلك. ثم أحضر إسماعيل والجمسى، وكرر ذلك. قلت: أنا متأكد من شىء واحد: لا يمكن (لإسرائيل) التنازل عن مستوطنة واحدة، من وجهة نظرى. وثانيا، أعرف أن القوات السورية لا يمكنها التحرك لما بعد الخط الذى هم عليه. وقال: إنه يفهم ذلك.

دينيتز: خط أكتوبر.

كيسنجر: نعم، وقال: إنه يفهم هذا، ولا يطلب أى مقدار خاص بالعرض (width). ولكن إذا كان من الممكن عرض بضعة كيلومترات (عليه)، فإنه سيؤيد شخصيا هذا العرض، ولن يذهب إلى الحرب.

مائير: ولكن موقفه مختلف، لقد عبر القناة، والسوريون لم يحققوا أى شىء. وفى سوريا يعتبرون أن الانسحاب هو من جانب واحد فقط.

كيسنجر: ولكن بصريا (ظاهريا) سيبدو ذلك للعرب أنكم انسحبتم من أراضٍ كان يمكنكم الاحتفاظ بها.

دينيتز: صحيح.

مائير: ولكن كان لديه موطئ قدم على الضفة الشرقية.

كيسنجر: بعث الأسد رسائل للجميع بأنه فعل كل ما طُلب منه، وأننى أحضرت لا شيء -وهو نفس فهمنا، حتى بدأت زيارات الصليب الأحمر.

مائير: هل سمعت شيئا عنهم؟

كيسنجر: نعم، لقد بُلغنا رسميا. ألم تُبَلغى؟

مائير: قال يوم أمس مقر الصليب الأحمر فى جنيف، إنهم لا يعرفون شيئا عن ذلك.

كيسنجر: قال لى إيبان فى السيارة: أنكِ سمعتِ. خذى (يعرض كيسنجر برقية بأن الزيارات قد بدأت).

مائير: هذا أمر جيد. ولكن عن المفقودين الذين ليسوا فى القائمة، والذين نعتقد أنهم على قيد الحياة، هل تحدثت عن هذا الأمر؟

كيسنجر: فعلت. وقال الجمسى: إنه سينظر فى ذلك. سأثيره الليلة.

إذا نجوت من دمشق الليلة، فأنا أفضل ترك المنطقة.

دينيتز: إلا إذا كنت تريد أن تعود لتحضر رفع العلم على السفارة التى ستفتحون فى القدس؟!

إذا كان هناك حكومة جديدة مع بيجين، فسوف تحتاج إلى سفير جديد. وربما ترغبون فى ذلك على أى حال.

كيسنجر: كلا، هل شكلتم الحكومة؟

مائير:كلا، سيكون لدينا 58 صوتا ولكنهم (تكتل ليكود اليمينى) لا يستطيعون التصويت بعدم الثقة.. أقصى ما يمكن أن يحصلوا عليه هو 56 صوتا. نحن متقاربان 58-56.

كيسنجر: وماذا عن الستة الآخرين؟

مائير: إنهم شيوعيون، إلخ.

دينيتز: غالبا سيمتنعون عن التصويت.

مائير: وهناك أربعة آخرون سيصوتون على الأرجح لنا.

وهذا هو السبب أننا نفكر أن بعض وزرائنا قد يستقيلون من الكنيست. وإلا فإنهم لا يمكن أبدا أن يغادروا البلاد أو المبنى.

دينيتز: فى ما يتعلق بالرسالة التى أرسلتها إليهم عن السجناء المفقودين، هل يمكن أن تحصل على تأكيد أننا سوف نحصل على إذن للبحث عن جثث المفقودين؟

كيسنجر: لقد أثرت ذلك مع فهمى.

مائير: لدينا اتفاق مع جنرالهم.

كيسنجر: قال لا بأس من الدخول لمسافة 3-4 كيلومترات داخل حدودهم، ولكن إذا كنتم تريدون أن تذهبوا مسافة أكبر، فإنهم يريدون أن تقوم بذلك قوات الأمم المتحدة، لا القوات الإسرائيلية.

مائير: لدينا خرائط عن مواقع المعارك.

كيسنجر: قال إنهم حولوا 700 جثة لكم. أعطوكم 90 فى الأسبوع الماضى لوحده.

دينيتز: قصدى، أننا توصلنا إلى اتفاق معهم، ونريد إعادة تأكيد الاتفاق.

كيسنجر: أنا فقط أقول لك ما قال. لقد قال: إنه سيسمح للأمم المتحدة الذهاب إلى أى مكان تطلبونه للبحث عن الجثث.

مائير: (تخاطب دينيتز) لماذا لا تسأل ليور؟

كيسنجر: نعود إلى فك الاشتباك، أنا لست متأكدا بأن السوريين سيقبلون أى شىء يمكن أن تقبليه، حتى فى أكثر حالات خيالك تطرفا، لأنه إذا كانوا يصرون على خطهم الذى أحضرت لك كحد أدنى. إذا رفضوا خطا مقبولا من الناحية النظرية، ويقول المصريون، إنهم لن يقاتلوا من أجل ذلك، فإن هذه ليست نتيجة سيئة. بخصوص خطوط 6 أكتوبر، قلت لك ما قاله السادات. لا أريد جوابك اليوم، حتى لو كان سلبيا، لأننى أريد أن نواصل مسيرتنا.

مائير: لا ينبغى أن تقول لهم أن يأملوا بأننا سنفعل ذلك (11).

كيسنجر: لم أفعل. قلت: لم نناقش ذلك.

مائير: ماذا سيقول الجمسى؟

كيسنجر: سوف يقول للسوريين ارفضوا أى شىء يحضرونه، لأنه يجب أن يمر عبر عملية طويلة، ثانيا، إذا كان بإمكانهم الحصول على خط 6 أكتوبر فلن يكون إنجازا ثانويا. أنا لن أناقش خط 6 أكتوبر، لأنه سبق أن قال لى، إنه يرفض ذلك. سوف نناقش المفاهيم، لا الخطوط.

أعتقد أنه من الخطأ أن ندع هذا الأمر ينفجر بينما أنا هنا، قبل أن أقابل فيصل (12).

هذه الليلة سوف نناقش المفاهيم، تخفيف القوات، إلخ.

مائير: لقد شجعنى بيان السادات الذى حدد المراحل.

كيسنجر: هذا صحيح. أيضا، سوف يقول الجمسى لهم: إن اللجنة العسكرية المصرية مفتوحة لهم ابتداء من اليوم -ولذلك هم فى وضع يمكنهم من رفض كل شىء. ويقدم لهم... واشنطن كمكان. لن يقبلوا أبدا بجنيف. لذلك، لا تقلقى.

مائير: ينبغى أن يُبدأ بشىء ما، مثل عودة المدنيين.

كيسنجر: إنه سيثيره.

مائير: ابدأ بذلك، أى بتبادل للسجناء.

كيسنجر: هذا أمر مستحيل. دعيه مفتوحا. على مراحل كما هو الحال فى مصر، لا تصدرى بيانا بما لن تقبليه.

أنا الآن أعتقد أن كل ما يمكن أن تحصلى عليه بخصوص سوريا هو فك الاشتباك. ما ينبغى الحرص عليه هو إخراج المصريين من الحرب. أيا كان الأمر - اثنان أو أربعة كيلومترات لن تحدث فرقا فى المرحلة الثانية.

مائير: إن فكرة عبور تلك الحدود خطيرة فى إسرائيل اليوم. خطيرة تماما!

دينيتز: ألا تريد بيانا علنيا؟

كيسنجر: لست بحاجة إلى بيان علنى بأنكم سوف تنظرون فيه.

رودمان: ليس هناك خطر من ذلك!

كيسنجر: ولكن يرجى عدم عمل تصريحات بما لا يمكن قبوله (13). أريد أن أقول للسادات: إن الأمر مفتوح.

إذا كان يمكننا القول إنه بعد تشكيل الحكومة أنكِ سوف ترسلين مسؤولا إلى واشنطن، فيمكننى أن أطلب منه (الأسد) أن يفعل ذلك أيضا. إذا تمكنت أن أقول للأسد: إننى أناقش حقا أفكار رئيس أركانكم بصورة عامة، دون أن أخبر عن مكان الخط...

حتى لو كنت ستقولين لى الآن بأنك ستفعلين ما أعتقد أنه ضرورى، فأنا رغم هذا سوف أعرض ثلث الأراضى المحتلة الجديدة فقط.

قال السادات: إن مشكلته ستحل إذا عرضتِ تقديم القنيطرة... ولكنه (فى الحقيقة) لا يريدك أن تعرضيها.

المشكلة التكتيكية العاجلة هى أن لا يحدث تصعيد وأزمة قبل اجتماع وزراء نفط - الذى من المقرر الآن عقده فى 10 مارس بعد عودة بومدين من الصين. قال السادات: إنه وعد صديقه كيسنجر بالتجول فى المنطقة.

أريد أن أقول للأسد، أنكِ ستوافقين على إرسال مسؤول كبير إلى واشنطن، ومن ثم عليه أن يفعل ذلك. سنربح القليل من الوقت. لا يمكن كسب شىء من مواجهة الآن.

مائير: كلا، كل ما نريده هو أن لا يطلق النار، وأنه ملتزم بوقف الحرب الحالى.

كيسنجر: ليس من المستغرب أن الأسد سيعلن بعد رؤيتى أنه لا يوجد أى أساس للتفاوض، وهذا هو السبب الذى جعل السادات يرسل مبعوثيه فى المنطقة. ينبغى تجنب التأزيم. نستطيع أن نقول: يجب حقا أن نتبع المراحل الساداتية الأربع، وأنه يجب عليكما إرسال شخص إلى واشنطن.

مائير: (بتهكم) ليس معا.

كيسنجر: ليس فى البداية. دعينا نر كيف تجرى الأمور. إنه أمر محتمل ومعقول. ثم نكون فعلنا كل ما قلت للسادات وفيصل بأننى سأفعله. سيمكننى عندها فعل أشياء كثيرة: أستطيع أن أنسحب من المفاوضات على أرض الواقع على أساس عدم رفع الحظر النفطى (14)، أو يمكن للسادات أن يُصرح عن قبوله لخط 6 أكتوبر.

مائير: إنهم ملتزمون بوقف إطلاق النار، أليس كذلك؟

كيسنجر: سبب تفضيلى للمحادثات غير المباشرة هو أن تحصلى على فكرة عما يواجهك. المصريون صعبين، ولكنهم يعملون فى إطار متحضر. السوريون لا يشكلون مشكلة عسكرية، ولكنهم يشكلون خطرا من حيث نشر (الخطابية) الراديكالية فى العالم العربى كله. الفائدة من تحقيق اتفاق هى أنها تجعلنا نأمن جانب السادات وتطرد الروس تماما. يمكن للسادات أن يحافظ على جنيف إذا أراد، كمنتدى للبروباجاند.. نحن لن نعترض.

الميزة هى سياسية لا عسكرية. ولكن من الضرورى سياسيا كسب الوقت فى هذا الشهر.

ماذا أقول لزملائك؟ مَن سيكون هناك؟

مائير: نفس المجموعة. باستثناء أيضا النائب سابير (المتخصص فى المالية فى الكنيست ووزير التجارة والصناعة السابق) الذى يريد أن يتحدث معك لوحده عن التمويل.

كيسنجر لمائير: سوريا ليست مصر على الإطلاق

دينيتز: يقولون: إننا نغش فى طلباتنا للمساعدة المالية.

كيسنجر: إنه يعرف النظام وما يتعين عليه القيام به. كم يجب أن أقول لزملائك؟

مائير: (تفكر) إنهم.. دايان، آلون، إيبان.

دينيتز: ولكن أيضا غازيت، إيفرون...

مائير: ليس بالتفصيل، ولكن مجرد أنه بعد كلامك فى مصر، يريد السادات أن يكون مفيدا، وأنه بعث أناسا هناك، وأنك لم تقدم صورة وردية لما سنفعله.

كيسنجر: بالعكس، أنا أفهم قصدك.

مائير: ولن يكون هناك مناقشة فى دمشق للخطوط التى تريدها منا. وإرسال شخص إلى هناك (واشنطن)، وسوف يكون هناك شخص سورى أيضا، وأن لا يضغط السادات بخصوص المرحلة الثانية.

دينيتز: لا يجب الخوض بما سيفعل أو لن يفعل السادات، اعتمادا على الخطوط.

كيسنجر: أنا فقط أتساءل عن بلدى. ربما سوف أذكر ذلك فقط، دون مجادلة. سأقول: إننى فقط أبلغكم وعلينا أن نتفق على ما سأقول فى دمشق - وسوف يكون أقل من خط 6 أكتوبر.

مائير: يجب أن أقدم حكومتى الجديدة إلى الكنيست يوم الثلاثاء، ودون شك سيسأل شخص عن مرتفعات الجولان. وسوف أقول فقط: إن الحكومة لم تغير موقفها.

كيسنجر: بالضبط.

دينيتز: قد تكون مفيدة.

كيسنجر: إذا كنتِ لا ترغبين بأى قدر من التفصيل.

أنا قلق حقا عن اجتماعى الليلة فى دمشق. من وجهة نظر الأسد، هناك خطورة. ولكن بمجرد أن نشركه معنا فى الاجتماعات ويلتزم بالمفاوضات، سيتحول الأمر إلى مساومات حول التفاصيل، ولكن قبل ذلك يمكن أن يجادل على المبدأ. هذا هو السبب فى أن ما يقوم به السادات مفيد للغاية، أى إخبار الجميع بأن كل شىء يسير على ما يرام.

أنا لا أستبعد أن الأسد سيقول: إنه لن يتحدث إلا إذا ضمنت خطا فى مرتفعات الجولان. وهذا ما لن أفعله حتى لو عرضتِه أنتِ (15). كما أن السادات لا يريد منى أن أفعل ذلك. وبالتالى، فإنه يمكن أن يؤزم الأمر. وليس مستبعدا أن يكون لدينا مشكلة غدا - ولكن ليس بتأثير موقف تتخذونه.

مائير: هل سمعت شائعات عن اضطرابات فى دمشق؟

كيسنجر: كلا، اليوم؟!

مائير: كلا، فى ليلة سابقة. تلقيت مكالمة هاتفية فى الساعة 3:00 صباحا، بأنهم أعلنوا حظر التجول. ولكننى لم أسمع شيئا أمس، لذا ربما لم يكن هناك أى شىء.

كيسنجر: المشهد غريب فى دمشق. الناس متجهمة. إنها ليست مثل مصر مطلقا. لا أحد يسلم أو يبتسم. لدينا تقرير مخابراتى أن هناك وحدة كوماندوز فلسطينية فى دمشق لقتلى. لقد قدمنا سيارات مصفحة إلى السوريين - حتى تكون هناك سيارة مصفحة على جانبى سيارتى، لذا فإنها بيئة ليست مريحة للغاية.

حتى لو عرضتِ أنتِ ما هو مقبول من الناحية النظرية، ولكن ليس من الناحية السياسية، فليس هناك مؤشر بأنه سيقبل ذلك. لم أسمع الأسد أبدا يقول شيئا عن القنيطرة.

أرسلى وزيرا إذا أمكن ذلك، أيا كان. ثم سيأتى موفد سورى. وهذا سيضيع الوقت.

هل يمكنك إعطاء ديان مهمة خاصة؟ (السيدة مائير تهز كتفيها بما يعنى إجابة سلبية). أنا لا أريد أن أقول لك كيف تديرين حكومتكِ، رغم أن سفيركم دينيتز يخبرنا كيف ندير حكومتنا (يضحك).

دينيتز: أنت تابع لإسرائيل، وفقا لتامير!

مائير: هل السادات يعمل على (تنظيف) القناة؟

كيسنجر: نعم، ونحن لدينا فريق هناك. ليبيا تريد 600 دبابة (T- 62s).

(فى نحو الساعة 13:00، وصل وزير الخارجية إيبان، وانتقلت المجموعة إلى غرفة اجتماع أكبر لاجتماع موسع).

انتهى المحضر

هوامش المترجم:

(1) هذا الاجتماع لا علاقة له بموضوع الكتاب، ولكننا عثرنا عليه فى أثناء عملية تحقيق الكتاب، وقررنا إضافته كملحق، نظرا لأنه يشكل وثيقة تاريخية مهمة تكشف بعض أسرار السياسة العربية وبعض خفايا مفاوضات فك الاشتباك بعد حرب أكتوبر 1973 (العيسى).

(2) مدينة ساحلية صغيرة شمال تل أبيب توجد فيها معظم السفارات (العيسى).

(3) ولدت مائير عام 1898 (العيسى).

(4) مصطلح «الكيلومتر 101» يعبر عن قانون يقيد حرية التنقل للمجرمين والمعتقلين السياسيين فى الاتحاد السوفييتى، فخلال معظم الحقبة السوفييتىة، خصوصا فى عهد ستالين كان المجرمون والأشخاص الآخرون غير المرغوب فيهم، بما فى ذلك السجناء السياسيون العائدون من معسكرات العمل الشاق والسخرة السوفييتية فى سيبريا (التى كانت تديرها هيئة حكومية اسمها غولاغ)، يُبعدون بعد عودتهم لأكثر من 101 كم (63 ميلا) من المراكز الحضرية، مثل موسكو. وكان المقصود -جزئيا- إبعادهم عن الأجانب، الذين عادة ما تحدد تحركاتهم فى مناطق فى نطاق 25 كم (16 ميلا) من مراكز المدن. ولكن فى روسيا الحديثة، تم إلغاء العمل بهذا النظام اللا إنسانى (العيسى).

(5) ديفيد (دادو) إليعازر (1925-1976) رئيس أركان الجيش الإسرائيلى من 1972 إلى 1974. أجبر على الاستقالة بعد انتصار العرب فى حرب 6 أكتوبر عام 1973. توفى إثر أزمة قلبية لتأثره من شدة التوبيخ لهزيمة إسرائيل (العيسى).

(6) أى فى التنافس على زعامة حزب ماباى (العمل لاحقا) الاشتراكى وبالتالى رئاسة الوزراء (العيسى).

(7) تأملوا الهدف الحقيقى للمفاوضات (أى لكى تلتقط إسرائيل أنفاسها) وخداع هذا الثعلب الغادر الكاذب للعرب، خصوصا المرحوم السادات الذى وثق فيه (العيسى).

(8) شهادة يستحقها الداهية الرئيس أنور السادات رحمه الله. «والحق ما شهدت به الأعادى» كما قيل (العيسى).

(9) ما هذا الحياد أيها الوسيط كيسنجر؟ فعلا صدق من قال: «المتغطى بالأمريكان عريان» (العيسى).

(10) هذه وما يليها مناورات رهيبة من الداهية السادات للتلاعب بكيسنجر وإرهاب إسرائيل لانتزاع أكبر قدر من التنازلات منهما (العيسى).

(11) مائير تخاطب كيسنجر كما لو كان وزير خارجيتها (العيسى).

(12) تأملوا رعب كيسنجر من لقاء الملك فيصل (رحمه الله) دون تحقيق تقدم فى فك الاشتباك. فعلا، أمريكا لا تفهم إلا لغة التحدى والقوة التى تمثلت فى حظر النفط (العيسى).

(13) إخلاص منقطع النظير: كيسنجر إسرائيلى أكثر من جولدا مائير (العيسى).

(14) كان ذلك الحظر فى الأساس قرارا لخفض إنتاج النفط تدريجيا (بدأ بخفض مقداره 5% فى الإنتاج وتزيد النسبة شهريا واستمر لبضعة أشهر) أعلنته منظمة الدول العربية المصدرة للنفط (أى «أوابك» وليس «أوبك»). وسمى ذلك الحدث إعلاميا بصورة غير دقيقة بـ«الحظر النفطى» Oil Embrgo، وهو ما أوهم البعض بأن النفط قد حظر 100% تماما وفورا، وهو أمر غير صحيح مطلقا. وكان بعض «العقلاء الجدد» قد نشروا مقالات تهون من أمر ذلك الحظر النفطى، لأنهم اكتشفوا «حديثا» بأن النفط «لم» يحظر 100%، بل كان «مجرد» -بتعبيرهم- خفض بسيط للإنتاج. ويأتى كلام كيسنجر هنا لكى يثبت أن «مجرد» خفض الإنتاج بنسبة 5% شهريا والتهديد بزيادة النسبة تراكميا، كان يعتبر عملا ثوريا وجبارا وبمنزلة إعلان حرب بمعيار ذلك الزمن. ورحم الله كل من دافع عن مصالح وكرامة الأمتين العربية والإسلامية (العيسى).

(15) أى أن كيسنجر حريص على مصلحة إسرائيل أكثر من جولدا مائير (العيسى).

عن التحرير المصرية