ألا يحل للبدو أن يحسنوا ظروف عيشهم في المكان الذي عاشوا فيه عشرات السنين؟ إن هذا السؤال المبدئي يقوم في مركز استئناف رفعه المحامي شلومو ليكر، باسم اربع عائلات من قبيلة الجهالين. فقد تلقت العائلات في تشرين الثاني الاخير 52 أمر هدم لمبانيها السكنية – وهي مبان بدائية حلت محل اكواخ الصفيح الضعيفة التي أضر بها شتاء 2012 – 2013، ويطلب ليكر الغاء أوامر الهدم.
ترى الادارة المدنية أن المباني الجديدة هي كرفانات وبناء غير قانوني. وهي في رأي المستشار القانوني العسكري ايضا، العقيد دورون بن براك "بناء جديد بني في المكان، وسع البناء القائم أو غير جوهريا صورة البناء التي كانت موجودة في ذلك المكان". وعرف بن براك العائلات في رسالته الى ليكر ايضا بأنها "غازية"، برغم أنها كانت تسكن منطقة قريتي عناتا والعيسوية قبل ستة عقود. وجمد أمر مرحلي صدر عن قاضي المحكمة العليا، عوزي فوغلمان، في منتصف كانون الثاني اجراء الهدم في هذه الاثناء.
إن العائلات الـ 68 من الحمائل الاربع التي يبلغ عدد افرادها 450 شخصا تسكن في ثلاثة تجمعات سكنية بين جانبي الشارع 437، الممتد بين قرية حزما والشارع رقم واحد الهابط الى أريحا. وتسمى التجمعات لقربها من مقلع حجارة اسرائيلي "كسارات". وتعيش العائلات هناك بصورة متصلة منذ طردتها اسرائيل في خمسينيات القرن الماضي وكذلك آلاف البدو من منطقة النقب. ويقول ممثلو العائلات أنه بعد أن احتلت اسرائيل الضفة الغربية في 1967 ايضا، لم تطلب السلطات العسكرية منها الجلاء لكنها لم تعرض عليها ايضا أن تحسن ظروف عيشها ولم تشملها في خطط هيكلية قائمة برغم أن التجمعات الثلاثة مشمولة كلها أو بعضها، في المجال البلدي لمستوطنتي معاليه ادوميم وعلمون.
بعد الاضرار الشديدة التي اصابت اكواخهم الصفيحية في السنة الماضية، استبدلتها العائلات البدوية بمباني بدائية ذات سقوف بلاستيكية ومن الكلكر المضغوط تمنح العزل والحماية في الشتاء والصيف. والمباني التي صدرت بها أوامر هدم تبرع من منظمات انسانية بنفقة اوروبية. وتقول العائلات إن عدد المباني لم يتغير وكذلك المساحة التي يحتلها كل مبنى.
يعيش في هذه المنطقة في الاطراف الشرقية من القدس عشرون تجمعا بدويا استوطنت بعد طردها من النقب اراضي عامة أو اراضي غير مفلوحة لقرى المنطقة وبالقرب منها. وقد أعلنت الادارة المدنية في السنوات الاخيرة عن نيتها اجلاء التجمعات البدوية في المنطقة ج وتركيزها في قرى ثابتة. وأعلن عدد من التجمعات ومنها "الكسارات" موافقتها المبدئية على الانتقال لكنها تزعم أن الخطط تتم دون مشاورتها وفي تجاهل لصورة حياتها واحتياجها لاراضي رعي وحقها في ظروف صحية انسانية.
كانت المحكمة العليا تميل الى ما قبل سنتين الى تجميد أوامر الهدم التي صدرت في الخيام واكواخ الصفيح التي أضيفت الى التجمعات البدوية، لكن السياسة تغيرت في المدة الاخيرة: ففي حين يزعم المحامون رافعو الاستئنافات مبدئيا أن السكان الفلسطينيين هم سكان يحميهم القانون الدولي، تزعم النيابة العامة للدولة أن المستأنفين لم يستنفدوا الاجراءات لأنهم لم يطلبوا رخص بناء، ويميل قضاة العليا الى قبول هذا الزعم فيمحون الاستئنافات.
وفي حال الكسارات ايضا – وقبل رفع الاستئناف – أبلغت اللجنة الثانوية للرقابة في الادارة المدنية ممثلي العائلات أنهم يستطيعون تقديم طلب رخصة بناء في خلال اسبوع الى ثلاثين يوما. لكن حينما يكون الحديث عن البدو خاصة فان طلب رخصة البناء في المنطقة ج مرشحا للرفض مسبقا لا لأن الادارة المدنية لم تعد خطط هيكلية لهذه التجمعات فقط (وهي شرط اساسي لمنح رخصة بناء) بل لأنها تعلم ايضا أن الارض التي يسكنونها منذ عشرات السنين ليست ملكا لهم.
زعم المحامي ليكر في استئناف رفعه في منتصف كانون الثاني، ثلاثة مزاعم اساسية: الاول أن "استنفاد الاجراءات" طلب لا يمكن تحقيقه في هذه الحال؛ والثاني أن من الواجب على الدولة أن تخطط للبدو؛ والثالث أن مباني "الكسارات" لم تشوش على الادارة المدنية ولم تستتبع أوامر هدم حينما كانت معرضة للبرد والرياح وزعم أنها أصبحت "غير قانونية" حينما استُبدلت بمادة خام تُمكن من ظروف عيش معقولة.


