ستنتهي في نهاية هذه السنة مدة ولاية شاؤول حوريف مديرا للجنة الطاقة الذرية، وهذه فرصة مهمة تكاد لا تتكرر، لهتك خيوط العنكبوت عن المفاعل الذري؛ ولتطبيق تغيير اساسي في مجال مهم لكنه مظلم أخفينا عمله وهو يُمكن العاملين فيه منذ عشرات السنين، من أن يكونوا جماعة ضغط مسرفة من أقوى الجماعات في اسرائيل.
يمكن تنفيذ هذا التغيير من أعلى فقط بتعيين شخص لا يكون جديدا فقط بل يكون خارجيا ايضا لأن كل تعيين داخلي مهما يكن ممتازا سيؤبد المشكلات التي تثقل على ميزانية الدولة.
جاء حوريف من الجيش (عميد في سلاح البحرية، ومختص بالغواصات وسفن الصواريخ)، ومن وزارة الدفاع (رئيس شعبة الوسائل الخاصة) – ما عدا فترة قصيرة في لجنة الطاقة الذرية نائبا لسلفه جدعون فرانك. وقد جعلته الذرة منغلقا، فبدل أن يكون ممثل الدولة في جهاز عُين لادارته، أصبح سفيرا له في الحكومة ولا سيما عند المسؤول المباشر عنه، رئيس الوزراء. وظلت المليارات – وعددها الدقيق سري لكن من السهل أن نحسب أن الحديث عن عشرات المليارات في كل عقد – ظلت تتدفق بلا حساب برغم امتعاض المطلعين القليلين على السر من وزارة المالية الى هيئة القيادة العامة. إن كل شيكل زائد يُحول الى ديمونة يُقتطع من قوة الجيش ومن مخصصات الاجتماع والرفاه، لكن رافعي اللافتات في مظاهرات الاحتجاج لا يعرفون التفريق بين المواد المختلفة المستترة تحت عنوان "الأمن".
في ستينيات القرن الماضي وهي سنوات النمو والارتفاع للمنظومة الذرية، وقف رئيس هيئة الاركان اسحق رابين في مواجهة جبهة التفضيل الميزاني لديمونة مؤيدا الطائرات والدبابات التي انتصرت بعد ذلك في حرب الايام الستة. ومن الواضح حتى دون أن نجزم من كان المحق في ذلك الجدل، أهو أم شمعون بيرس وأنصار الامن الذري، أن المراهق الذي يلتهم وجبات لا يشبه كبير السن الذي يأكل أكلا ذريعا، لأن الاول ينمو والثاني يسمن. وإن النحافة لن تضر بديمونة.
عرف دافيد بن غوريون أن منظمات متمردة تساوي بين مصلحة الجهاز العام ومصلحتها هي، يمكن ترويضها فقط بأن يُنزل اليها رئيس من مجال قريب لكنه خارجي. فمن أجل قمع نضال سلاح الجو للاستقلال عُين لواءا سلاح البر شلومو شمير وحاييم لسكوف قائدين لسلاح الجو. وحينما استقال إيسر هرئيل من رئاسة الموساد لم يُرفع الى منصبه أحد من مؤيديه في الداخل بل جيء بمئير عميت من "أمان". وفي ازمة "الشباك" بعد مقتل رابين غاص إليه عامي ايلون من سلاح البحرية.
عُين داني حلوتس من سلاح الجو رئيسا لهيئة الاركان كي ينفذ خطتين متحديتين وهما اخلاء غزة وتغيير بنية الجيش الاسرائيلي. وفشل في لبنان الرهان على تعيين رئيس هيئة اركان اساس مهمته بناء القوة لا استعمالها؛ لكن بت أمر الاستعمال كان سياسيا، وطلب الجيش الاسرائيلي فحص داخله فحصا من النوع الذي يحاول الآن تنفيذه اثنان من ألوية حلوتس، وهما قائد ذراع البر آنذاك بني غانتس ورئيس شعبة العمليات في هيئة القيادة العامة تلك، غادي آيزنكوت.
اذا لم تتدخل قوة عليا فسيصبح نائب رئيس الاركان آيزنكوت هو رئيس الاركان القادم. ويفترض أن يُتخذ القرار المتعلق بهوية رئيس الاركان الـ 21 بعد انقضاء أعياد شهر تشري (العبري) في السنة القادمة. ويحاول مؤيدو اللواء المتقاعد يوآف غالنت الذي ألغي تعيينه رئيسا للاركان، الطامحون للانتقام، يحاولون الخروج ونصف شهوتهم في أيديهم، فهم يطمحون اذا لم يعيدوا غالنت الى احباط تعيين آيزنكوت. وقد تسلل شيء من ذلك الى أذن المستشار القانوني للحكومة، المحامي يهودا فينشتاين الذي وافق قبل سنة على تعيين آيزنكوت نائبا لبني غانتس، ولن يدع فينشتاين المؤامرة تنجح.
إن تعيين أيزنكوت سيدع المؤشح الآخر، اللواء يئير نفيه، متفرغا للقيادة. ويعلم نفيه الذي يمكنه أن يكون مديرا عاما نافعا في وزارة الدفاع، أين يُحتاج الى اقتطاع قطع كبيرة. وسيكون مرشحا ممتازا لرئاسة لجنة الطاقة الذرية صدورا عن رؤية المجموع القومي والامني. بيد أنه سيجب على بنيامين نتنياهو لاجل ذلك أن يتسامى وأن يستقر رأيه على أنه يريد أن يرسل الى المجال الذري شخصا مع فأس.
* * *


