خبر : انجاز نتنياهو الكبير \ بقلم: نحاميا شترسلر \ هآرتس

الثلاثاء 28 يناير 2014 06:49 م / بتوقيت القدس +2GMT



          لم يكن نجم المؤتمر في هذه المرة فقد ادار له المنظمون انفسهم كتفا باردة حينما ارسلوا اليه وزير خارجية النرويج السابق ليجري معه لقاءا. ولم تكن القاعة التي خطب فيها مليئة ايضا. فقد فضلوا في دافوس في هذه السنة رئيس ايران حسن روحاني؛ وأجرى كلاوس شواب رئيس المؤتمر مقابلة معه بصورة شخصية في قاعة كانت ممتلئة عن آخرها.

          وغضب نتنياهو غضبا شديدا. لقد غضب كما يغضب بهلوان قديم فقط حينما يرى امامه بهلوانا جديدا يستعمل حيله. وقد صرخ في أسى: إن روحاني مستمر في عرض خداعه ولا يجوز للمجتمع الدولي ان يضل في السير وراءه.

          ومن مثله يفهم عروض الخداع فقد كان ملك عروض الاوهام الى أن سيطر روحاني على المسرح. وكان مدة سنوات طويلة الى هذا اليوم يحتال على الاوروبيين والامريكيين وينثر وعودا بتفاوض جدي وحل الدولتين دون أن يقصد أية كلمة. وهنا جاءه ايراني ما ونسخ طريقته عنه. فقد اصبح يوهم العالم بالبسمات والوعود بأن ايران لا تنوي أن تطور قنبلة ذرية ويشتري العالم هذه السلعة.

          فما العجب من أن يغضب نتنياهو؟ بل إن الايراني لا ينسب اليه فضل أنه مبدع هذه الطريقة. فقد اعلن نتنياهو قبل 18 سنة حينما نافس في انتخابات 1996 دون أن يطرف له جفن أنه يقبل اتفاق اوسلو وسيعمل بحسبه لكنه بعد أن فاز فورا فتح النفق في القدس واشعل الضفة وحطم العلاقات بياسر عرفات وقضى على الاتفاق الذي كان يجب ان يمنح الفلسطينيين دولة مستقلة منذ زمن.

          انه في الحقيقة يتحدث عن حل الدولتين لكنه يقضي في واقع الامر على كل امكان لذلك مرة باصدار مناقصات جديدة للبناء في المناطق، واخرى باعلان يتعلق بغور الاردن، وثالثة بتشجيع البناء اليهودي في شرقي القدس، ومنذ وقت ليس ببعيد بطلب زيادة كتلة استيطانية رابعة في بيت ايل، واخيرا في دافوس مستعينا بتصريح "لا اقصد اخلاء أية مستوطنة".

          أوجد نتنياهو في ذلك المؤتمر الاحتفالي في دافوس نظرية اقتصادية جديدة حينما قال ان "المقاطعات في الماضي جعلت اقتصاد اسرائيل يزهر". فاذا كان الامر كذلك فربما يحسن ان يطلب من الاتحاد الاوروبي ان يفرض علينا مقاطعة اقتصادية هنا والان كي يستطيع اقتصاد اسرائيل ان يزهر بكامل قوته. لكن الحقيقة عكس ذلك بطبيعة الامر. إن مقدمات المقاطعة مع اسرائيل مقلقة. وهي مقاطعة مدنية تأتي من اسفل وتضر بمستوى حياتنا جميعا. ان منظمات مستهلكين تستعمل مقاطعة شراء منتوجات استهلاكية اسرائيلية، ويرفض عمال الموانيء إنزال حمولات سفن اسرائيلية، وتستعمل منظمات محاضرين مقاطعة اكاديمية، ولا تريد شركات اوروبية اتمام صفقات مع شركات اسرائيلية لان الاحتلال يناقض اخلاقها.

          ان الاتجاه واضح وهو ان اسرائيل تصبح رويدا رويدا غير ذات شرعية. ان العزلة الدولية حولها اخذت تقوى وستزداد هذه الحال سوءا اذا دفع التفاوض مع الفلسطينيين الى طريق مسدود. وانظروا في كلام وزير الخارجية الامريكي جون كيري في دافوس، ان الحديث عن مسار بطيء زاحف لكنه قد يتفجر مرة واحدة حينما يعلن بنك دولي كبير أو شركة متعددة الجنسيات قطع العلاقات الاعمالية باسرائيل. وقد اصبحوا في جزء كبير من اوروبا اليوم يروننا دولة فصل عنصري وحينما يصبح هذا هو الرأي العام كله ستتحول المقاطعة والعقوبات من مقاطعة مدنية متفرقة الى سياسة رسمية للحكومات كما حدث بالضبط لنظام الحكم الابيض في جنوب افريقيا.

          لكن نتنياهو لا يتأثر فهو يقودنا في صفاء ذهن الى القضاء على الحلم الصهيوني والى انشاء دولة ذات شعبين. وسيكون هذا اكبر انجاز للبهلوان الذي يحتال علينا وعلى العالم كله منذ عشرات السنين.