خبر : منشأة حولوت: بين اليأس والياس \ بقلم: يوفال غورن \ معاريف

الإثنين 20 يناير 2014 12:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT



          ساعة اليقظة في حولوت هي السادسة صباحا، حين يكون الاثيوبيين والسودانيين مطالبين بالامتثال للعد الصباحي في ختام ليلة صحراوية قارصة في غرف آنية عديمة التدفئة. هكذا يبدأ يومهم في منشأة المكوث المفتوحة. مرتان أخريان في اثناء النهار يمتثلون في واحد من مكاتب مصلحة السجون في النطاق – في الواحدة ظهرا وفي العاشرة ليلا. وفي نهاية اليوم يتبين رجال مصلحة السجون من مِن بين طالبي اللجوء قرر الخروج من المنشآة المفتوحة كان يسمح له القانون، ولكن خلافا للتعليمات لم يعد اليها في اوقات العد.

 

          الماكثون من افريقيا نقلوا قبل شهرين الى منشأة في حولوت في جنوب البلاد من سجن سهرونيم – مسافة خمس دقائق سفر. "من لا يأتي للعد يعود لشهر الى سهرونيم. هذا حصل للكثيرين هنا"، يروي عمانويل، طالب لجوء من ارتيريا، يمكث في حولوت منذ فتح لاستخدام سلطة الهجرة ومصلحة السجون.

 

          في المحادثات التي اجريناها أول امس مع طالبي لجوء في حولوت، رووا عن حياتهم اليومية. وصور التقطت من داخل المنشأة وتنش هنا لاول مرة تبين بعضا مما يمرون به. في نية الحكومة وسلطة الهجرة ان تنزل في المكان ربما هذا الاسبوع الاف الافارقة الاخرين.

 

          160 شيكل مصروف جيب

 

          "في كل غرفة توجد خمسة أسرة ذات طابقين، وحمام واحد لعشرة اشخاص. هذا الاسبوع كانت لنا ماء ساخنة، اما في الاسبوع الماضي فلم تكن"، يروي يوسف، طالب لجوء من السودان. عائلته فرت من القرية التي ولد وترعرع فيها. وهم الان في مخيم لاجئين في السودان، أما هو ففر الى اسرائيل. وقد قضى نحو سنتين في سجن سهرونيم. وهو يحتذي صندلا تلقاه لدى وصوله الى اسرائيل. "ليس عندي شيء آخر"، يشرح. "طلبت حذاء لانه برد، ولكنهم قالوا انه لا يوجد". ومن شهادات الماكثين في المنشأة تتبين ان الظروف التي يعيشونها بانها اساسية. اساسية جدا. "في الغرف لا توجد تدفئة وبرد شديد في الليل. التدفئة فقط في غرفة الطعام. وفي الغالب يقدمون هناك الارز فقط"، يروي يوسف.

 

          يوجد الافارق في حولوت لفترة غير واضحة. لا لهم ولا للسلطات. "لن أعود الى السودان ابدا، هذه دولة خطيرة بالنسبة لي. إذا لم يحرروني من هنا، فليبعثوا بي الى دولة اخرى. لماذا ينبغي لي أن أكون في هذه المنشأة؟ فهذه كالسجن"، يقول يوسف ما يشعر به كل الماكثين في حولوت.

 

          إن مطلب نقلهم الى دولة اخرى، اذا كانت اسرائيل لا ترغب في أن تعترف بهم كمستحقين للجوء، تكرر المرة تلو الاخرى في اثناء ساعات لقائنا مع طالبي اللجوء. وقد خرجوا من المنشأة وطلبوا اشراك الجمهور في اسرائيل في وضعهم. من ليس راضيا عن الارز يمكنه أن يحاول استخدام 160 شيكل يعطونها له في كل عشرة ايام. فما الذي يمكن عمله بها؟ هذه قصة اخرى.

 

          "ما هي المنشأة المفتوحة؟ نحن ننهض في السادسة للتسجيل، نبدأ بالتجول في حولوت، او نخرج. نجلس في محطات الباصات او ندور عبثا في الطرقات. لا يوجد هنا ما يمكن عمله"، يقول عمانويل (34 سنة) طالب لجوء من ارتيريا.

 

          ارسل عمانويل الى سجن سهرونيم بموجب مادة في قانون منع التسلل تسمح بارسال متسلل مشبوه باعمال جنائية الى السجن. وقد اعتقل للاشتباه بضربه زوجته. ولم يطلب سراحه بعد ثمانية اشهر فرضت عليه، وواصل مباشرة الى حولوت. "آسف على ما فعلت. ولكن من يرتكب جناية يرسل الى السجن لشهر، شهرين، سنة، بقدر ما تقره المحكمة. اما هنا فمؤبد. لكل الحياة. فهل قتلتُ أحدا ما؟ جئت لاسرائيل بحثا عن ملجأ ولم آتي الى السجن".

 

          مع أن سلطة الهجرة بدأت مؤخرا تفحص طلبات لجوء ارتيريين وسودانيين، ولا سيما ممن يتواجدون في السجن. أما الواقع – وربما عن قصد – فانها تضغط عليهم للتنازل ومغادرة اسرائيل. "قد تكون هذه هي الخطة، ولكنها ليست خطتنا"، يقول تمساغا، طالب لجوء ارتيري، "لن نعود الى دولتنا طالما وجد هناك نظام كالذي يوجد اليوم". ويحاول النشطاء الاجتماعيون الذين يزورون طالبي اللجوء، ولا سيما في السبوت، تشجيعهم، يروون لهم عن موجة الاحتجاج التي اندلعت في تل ابيب في الاسابيع الاخيرة. ولكن بعد نحو شهرين في المنشأة الصحراوية، من الصعب مكافحة اليأس.

 

          "المسافة بين تل ابيب وحولوت كبيرة جدا"، يقول تمساغا. "كان هناك أناس انطلقوا الى مسيرة نحو القدس. عندما عادوا، اعتقلوهم واخذوا منهم المال، مخصص الـ 160 شيكل. ولكننا سنواصل الاحتجاج، سنواصل التظاهر، لا يوجد لنا بديل".

 

          تخوف من انفجار

 

          بهذه الكلمات، يحتمل، أن يكون تخوف الكثيرين في الشرطة وفي سلطة الهجرة. يقدرون هناك بان الاحتجاج قد ينتقل الى مستويات عنيفة. وفي محادثات مغلقة، يعربون في الشرطة عن تخوف شديد من امكانية استئناف طالبي اللجوء الاحتجاج هذا الاسبوع، في اليوم الذي يطلب فيه من الكثيرين منهم الامتثال في منشأة حولوت. وخلافا لتصريحات  سلطة الهجرة في أنه في هذه المرحلة لا يرسل الى حولوت رجال ذوو عائلات، ففي زيارة اول امس الى المنشأة تحدثنا مع رجلين هما ربا اسرتين. وبزعمهما فانهما ليسا الوحيدين هنا.

 

          "أنا اب لطفلة ابنة 4 سنوات. قلت لهم، ولكنهم لا يوافقون على تحريري"، يروي عمانويل. "في الاسبوع الماضي كانت لابنتي مشكلة، وكان ينبغي اخذها الى الطبيب. زوجتي لا يمكنها وحدها. اعطوني 24 ساعة اجازة، ولكن الى أن خرجت من هنا ووصلت اليها كان الوقت قد فات، ولم يكن لدينا الوقت لان نأخذ الطفلة الى الطبيب. كيف يمكن العيش هكذا؟ أنا، هنا، في الصحراء، وزوجتي والطفلة في تل أبيب؟".

 

          وعند الساعة الواحدة ظهرا يبدأ طالبو اللجوء من خارج المنشأة للتحدث فيما بينهم. وهم ينظرون من موقف السيارات باتجاه بوابات الدخول بقلق. "يجب العودة للتسجيل والا فسيأخذوننا مرة اخرى الى سهرونيم"، يقول احدهم. "الحقيقة، هذا لم يعد يغير في الامر من شيء. هذا سجن وهذه منشأة مفتوحة، ولكن في المكانين لا توجد لنا الحرية التي من أجلها هربنا من دولنا".