فضلا عن الخزي وعدم الاخلاقية الشديد الذي يصيب اجراء الافراج عن ارهابيين من السجون؛ وفضلا عن الحبة المرة التي تضطر دولة نجت الآن من كارثة باص متفجر آخر، تضطر الى ابتلاعها – تلوح في أسى حقيقة اخرى لا يمكن التجادل فيها وهي أن المخربين المفرج عنهم يعودون على الدوام الى دائرة الارهاب.
تُذكرنا حقيقة أن اسرائيل برغم هذا المعطى تُداوم على الافراج عن مخربين، بطرفة انجليزية مبتذلة عن الأعمى المبتهج الذي صاح فجأة "أنا أرى" وضرب رأسه بالحائط. يتبين مرة بعد اخرى أن من كان ارهابيا مرة يبقى ارهابيا دائما. وليس هذا عند الجميع لكن هذا هو الوضع عند النصف من نحو من 13 ألف المفرج عنهم الذين أفرجت عنهم اسرائيل منذ 1985. وبرغم ذلك، وبضغط من الولايات المتحدة وخلافا لتحذير الجهات الاستخبارية من المشاركة المركزية للمفرج عنهم في تهييج الميدان (الارهاب الساخن والارهاب البارد) – مثل ذلك الأعمى بالضبط – ما نزال نضرب رؤوسنا بالحائط ونكذب على أنفسنا قائلين إننا نرى.
قدّم عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس" في يوم الجمعة الاخير الحقائق الاخيرة حينما كشف عن أن الذراع العسكرية لحماس في الضفة الغربية تُديرها بتحكم من بعيد مجموعة المفرج عنهم في صفقة شليط الذين قضوا في الماضي عقوبات سجن طويلة لقتل اسرائيليين وطُردوا الى غزة. وتبين أن "الشباك" أحبط في السنتين الاخيرتين ما لا يقل عن 80 خطة لتنفيذ عمليات في يهودا والسامرة تصدر عن مجموعة المفرج عنهم هذه.
ليس هذا الكشف الصحفي مفاجئا. فقد خلّف أشهر ثلاثة قادة لحماس وهم الذين خلّفوا وراءهم طريق دم ونار، قبل ذلك عقوبات سجن في السجون الاسرائيلية وهم احمد ياسين الذي أُفرج عنه في اطار صفقة جبريل في 1985، وصلاح شحادة الذي أُفرج عنه في 2000، وعبد الله القواسمي الذي طُرد الى لبنان في 1992. وقد عاد نحو من النصف من المخربين الـ 7 آلاف الذين أُفرج عنهم في السنوات 1993 – 1999، عادوا هم ايضا الى دائرة الارهاب، وكذلك فعل ايضا عشرات من المفرج عنهم في صفقة تننباوم. وقد قتل هؤلاء 37 اسرائيليا حتى نيسان 2007، حتى إن أيمن الشراونة الذي كان يفترض أن يُفرج عنه في 2039 فقط وأُفرج عنه في اطار صفقة شليط، اعتُقل ثانية حينما تبين أنه عاد الى الارهاب. وطُرد الشراونة الى غزة عقب إضراب طويل عن الطعام وعاد الى النشاط العسكري في اطار كتائب عز الدين القسام.
يجب حتى على من هو مستعد للغفران عن كرامته المُداسة وعلى من يسد قلبه وأذنيه عن آلام عائلات الضحايا التي يُفرج عن قاتليهم مرة بعد اخرى – يجب عليه أن يفتحها ليطلع على الخلاصة وهي أنهم يعودون الى قتلنا. إن قائمة المخربين الذين عادوا الى القتل وقائمة ضحاياهم أطول من أن تستوعبها كلها هذه السطور. ولهذا يحسن التوجه خاصة الى كلام القاضي الأعلى المتقاعد إدموند ليفي الذي أجاز مع رفاقه للدولة الافراج عن مخربين، لكنه كتب في 2004 كلاما ما زال يصح تطبيقه على هذه الايام ايضا:
"ليست هذه أول مرة تُفرج فيها اسرائيل بسبب اتفاقات وقعت عليها، عن مخربين زرعوا الموت والدمار بيننا. بعد كل افراج كهذا خفق في قلوب كثيرة أمل أن يأتي التحول في هذه المرة وألا يعود المفرج عنهم الى طريق الارهاب بل أن يكونوا سفراء لنشر فكرة العيش معا في سلام، ويبدو أنه لا حاجة الى أن نقول كم كان هذا أملا فارغا وربما يصح أن نُعرفه بأنه وهم عبثي...".


