إن عميت عوزير هو طالب اسرائيلي في جامعة نورث وسترن، وقد جاء الى امريكا مثل شباب اسرائيليين كثيرين للدراسة. قد تكون هذه الامبراطورية في مشكلات لكن جامعاتها ما زالت أفضل الجامعات في العالم. وعلى أثر استقرار رأي جمعية الدراسات الامريكية على القطيعة مع اسرائيل أرسل إلي عميت رسالة في الفيس بوك، فلمخاوف الاسرائيليين قدرة على اجتياز المحيطات بسرعة الانترنت.
"أُنظر الى مبلغ الاهتمام الذي يولونه للقطيعات مع اسرائيل عندنا في الجامعة"، كتب وشفع ذلك برسالة رسمية أُرسلت إليه من الادارة، كانت الكلمات في الرسالة قاطعة والحدود واضحة. وزعموا في نورث وسترن أن القطيعة مع اسرائيل إضرار شديد بالحرية الاكاديمية، فثم ما هو حلال في اطار حرية التعبير وما هو مرفوض. ووعدوا الطلاب باستمرار التعاون مع دولة اسرائيل ومؤسساتها وللتقدم والنمو.
أُرسلت الرسالة بمبادرة الادارة دون جماعة ضغط مؤيدة لاسرائيل أو استعمال ضغوط سياسية. فالمطلوب احيانا لمعارضة القطيعة هو المنطق السليم. سافر عميت كاسرائيليين آخرين بعيدا كي يدرس دراسة اكاديمية فوجد نفسه في درس مهم في السياسة العملية. ليسوا جميعا ضدنا، وليسوا جميعا معنا. ويوجد احيانا عدل في الواقع المتناقض.
سُمعت في هذا الاسبوع في اتحادات وجامعات اخرى كما في جامعة نورث وسترن ايضا اصوات احتجاج على القطيعة الاكاديمية مع اسرائيل. فقد جعل النفاق كثيرين يقومون من المقعد الوثير في البرج العاجي. ولا يستطيع اتحاد وجد من الصواب القطيعة مع دولة اسرائيل فقط وهو يؤيد التعاون مع الاكاديميات في دول مستبدة تنقض حقوق الانسان، أن يدعي السذاجة السياسية.
إن أكثر رؤساء الاكاديميات في الولايات المتحدة يعارضون مشروع الاستيطان لكنهم يعارضون القطيعة في الوقت نفسه. وهم ينتمون بصورة طبيعية الى جمهور ليبرالي يؤمن بدعم الأقليات والضعفاء والمضطهدين. فباعثهم صحيح لكن فهمهم منقوص في احيان كثيرة. ويصعب على كثير منهم التفريق بين حي غيلو وبيت إيل والتفريق بين حركة حماس وفتح، وهم ينتقدون سياسة اسرائيل لكنهم لا يكرهونها. إن الجدل معهم سياسي لا وجودي. وهوية الدولة اليهودية الديمقراطية الليبرالية معلومة لهم وإن لم يبدُ ذلك كافيا احيانا. فمن الخطأ أن نشملهم في كارهي اسرائيل الاكاديميين وغيرهم، وكان من الخطأ الكبير التخلي عنهم من البداية وتجاهل الحوار الذي يُجرونه بينهم.
إن الاكاديميا الامريكية فرع تصدير ضخم. ووزنها النوعي عند الرأي العام العالمي أكبر كثيرا من حجمها الحقيقي. ومن هناك ينشأ الساسة والصحفيون وصاغة الرأي العام. ومن هناك ينشأ ايضا انتقاد اسرائيل الشديد، وفي الهوامش تنشأ الكراهية. إن عند دولة اليهود ما تعرضه في مجال حقوق الانسان ومعاملة الأقليات في المجتمع. لسنا كاملين، وتتم أخطاء هنا كثيرا، لكن الجهد كبير.
كتبت من قبل أنني أرى أن استمرار الوضع الراهن في يهودا والسامرة دون اتخاذ قرارات واضحة - مثل ماذا نظن ومتى وما هي مكانة الفلسطينيين في مناطق السلطة – يضر بنا. ومن جهة ثانية فان الجهد القيمي الذي تبذله اسرائيل بصفتها ديمقراطية في واقع أمني معقد يستحق الدراسة خصوصا بين الباحثين عن حقوق الانسان. وكذلك ايضا المنزلة المهمة لجهاز القضاء باعتباره عامل توازن، وحيرتنا العامة في الأساس في معضلات اخلاقية. إن كل ذلك غير مخصص لضرورات الدعاية الاعلامية بل هو جزء من هويتنا.
ليس ثم ما يدعو اسرائيل الى أن تطأطيء لليبراليين وراء البحار. وليس من يدعو الى التخلي عن مكانتنا باعتبارنا الدولة الديمقراطية الوحيدة في محيط آلاف الكيلومترات في المنطقة.


