خبر : مساهمة في النقاش حول الدستور المصري !! ...بقلم: هاني حبيب

الأحد 24 نوفمبر 2013 09:47 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مساهمة في النقاش حول الدستور المصري !! ...بقلم: هاني حبيب



بدأت أمس لجنة الخمسين الخاصة بتعديل الدستور المصري لعام 2012، البدء بالتصويت على مواد الدستور الجديد بمناقشة "الديباجة" الخاصة بالدستور المعدل، وسط جدل حاد بين أطراف عديدة، دستورية وقانونية وحزبية ومجتمعية، حول العديد من مواد الدستور المعدل، رغم أن هناك احتمالات ليست بالقليلة على أن تمنح فرصة للتصويت الشعبي عليه، بالنظر إلى الأحوال الأمنية غير المستقرة، وسعار جماعة الإخوان التي أخذت في الأيام الأخيرة تزيد من إشاعة الفوضى والاقتتال بالجامعات والحواري والساحات، إشارة إلى أن فرص عرض هذا الدستور المعدّل على الشعب، تبدو ضعيفة، وفي حالة تجاوز هذا الوضع، فهناك خشية من عدم الإقبال الجماهيري على التصويت، لأسباب أمنية، الأمر الذي قد يؤدي إلى أن تصل نسبة التصويت، أو نسبة المصوتين بنعم عليه، أقل مما كان الأمر عليه إزاء الدستور السابق الذي أعدته جماعة مرسي العام الماضي، الأمر الذي يشكل تحدياً لا يجب تجاهل تداعياته.

مع ذلك، يستمر الجدل الواسع حول العديد من مواد الدستور، حتى قبل التصويت عليه في لجنة "الخمسين"، وهو بالضرورة أمر صحي وطبيعي، غير أن ذلك يشير إلى انقسام تجاوز مع من ومن ضد ثورة 30 يونيو، إلى الأحزاب المدنية والدينية على حد سواء، داخلها وفيما بينها، إلاّ أن هناك بعض المواد والأقسام والأبواب، ظلت جوهر هذه الخلافات، خاصة تلك المتعلقة "بالهوية" وإلغاء نسبة العمال والفلاحين، وإلغاء مجلس الشورى، والفشل حتى الآن في تبني نظام انتخابي محدد، وكذلك مسألة محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، هذه الانقسامات والخلافات قد تؤثر على نسبة المصوتين بنعم للدستور المعدل، وربما تصل إلى أقل من نسبة 64 في المئة، وهي النسبة التي حاز بها دستور جماعة الإخوان العام الماضي، إلاّ أن البعض يرى أن الأمر قد يكون عكس ذلك، أي أن استمرار جماعة الإخوان في خلخلة الأمن، قد يؤدي بالجمهور إلى تحدي هذه المسألة، والإقبال، رغم المخاطر على صناديق التصويت والقول "نعم" للدستور المعدّل، ويعكس هذا التفاؤل الأجواء التي خلقتها ثورة 30 يونيو، والتغيرات التي حدثت بشأن طبيعة المواطن المصري، الذي اكتسب حريته وكرامته وجرأته في المواجهة مع أعداء الشعب والساعين إلى عرقلة نموه وتطوره.
وإذ حظي العمال والفلاحون بنصف مقاعد البرلمان المصري "مجلس الأمة أو مجلس الشعب" منذ عهد ثورة 23 يوليو بقيادة عبد الناصر، فإن الدستور المعدل، شطب هذه النسبة تماماً، إذ تبين لبعض المشرّعين، أن هذه النسبة غير فعالة، بالنظر إلى أن كبار ملاك الأراضي يترشحون كفلاحين، كما أن كبار رجال "الياقات البيضاء" من المدراء في المصانع، يترشحون عن العمال، الأمر الذي أدى إلى أن من يمثل العمال والفلاحين هم من غيرهم، ومصالحهم تتضارب في كثير من الأحيان مع مصالح هذه الطبقات الكادحة والمنتجة، الأمر الذي ضرب في العمق فلسفة عبد الناصر الاشتراكية التي دعت إلى تحديد النسبة المشار إليها في عهده.
أما بشأن مواد "الهوية" فإن ثورتين دعتا إلى مدنية الدولة، لم تكونا كافيتين لإقناع المشرع المصري بضرورة تحديد هوية الدولة كدولة مدنية، ناهيك عن الجدل المحتدم حول المادة 219 والتي تحاول تفسير مبدأ "الشريعة الإسلامية" الأمر الذي قد يؤدي، حتى بعد إقرارها الى الذهاب بعيدا في تفسيرها من قبل القوى السلفية المتعصبة والتي تحاول إلحاق المجتمع برؤيتها الخاصة، في حين ان العديد من الأطراف طالبت بإلغاء المادة أصلاً.
أما فيما يخص المواد المتعلقة بالسماح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، فإن هذه المواد تكاد تكون مستنسخة من دستور الإخوان، وهو السبب الذي أدى إلى انسحاب العديد من الأفراد والقوى من لجنة صياغة ذاك الدستور في حينه، بينما يقول المشرعون الذين اقترحوا هذه المواد، ان الجديد في هذا الأمر، أن المواد باتت أكثر تحديداً للجرائم المحدودة التي يطالها السماح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وهنا فرق كبير بين الدستور، والدستور المعدل، نظراً لحصر الجرائم المحددة التي تطبق عليها مواد الدستور المعدل.
لم يتم الاتفاق على النظام الانتخابي بشكل محدد، ظلت الخلافات في لجنة الخمسين محتدمة، حتى تم تجاهل تحديد النظام الانتخابي، وبحيث اسند تحديده إلى "الرئيس" ما يزيد من صلاحياته حسب الدستور الجديد، إلاّ أن المشرع يرى أن هذا هو الحل الأمثل، خاصة وأن الرئيس هو صاحب السلطة التشريعية في حال حل أو غياب البرلمان لأي سبب.
وما تزال مسألة "السلطة القضائية" موضع صراع بين رجال القضاء ولجنة الخمسين، وهناك تهديدات بأن لا تتولى السلطة القضائية الاشراف على الانتخابات، الأمر الذي قد يشكل أيضاً، إعاقة إضافية تشير إلى أن هذا الدستور، سيولد وسط العديد من المشكلات.
ومهما كان الأمر، فإن طبيعة المرحلة الانتقالية الصعبة والمريرة، والتي تستمر وسط أجواء المواجهة بين الثورة والمتاجرين بها، تقضي بالاعتراف بهذه الصعوبات، والاعتراف أيضاً بأن ذلك أمر طبيعي في مثل هذه الظروف الصعبة، كما أن نجاح تمرير الدستور المعدل يشكل أهم إنجاز عملي لثورة 30 يونيو المجيدة!!
Hanihabib272@hotmail.com
 "http://www.hanihabib.net" www.hanihabib.net