خبر : الروس يعودون .. برعاية سعودية !! ...هاني حبيب

الأحد 17 نوفمبر 2013 07:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
الروس يعودون .. برعاية سعودية !! ...هاني حبيب



أواخر كل عام، تنشر مجلة "فوربس" تقييمها لأقوى الشخصيات المائة التي تؤثر في الرأي العام العالمي، قبل أيام، نشرت هذه المجلة تقييمها الذي فاجأ الجميع عندما أطاح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الأميركي باراك أوباما الذي احتل المركز الأول العام الماضي، وبات بوتين في هذا المركز الذي ربما لم يكن بحاجة لتقييم "فوربس" بقدر ما ان المجتمع الدولي بات يدرك انه رجل العام ورجل المرحلة بعد أدائه السياسي الجيد مقارنة مع نظيره الأميركي الذي بات يخسر أكثر فأكثر، خاصة في منطقتنا العربية، فالولايات المتحدة خسرت مصر بدفاعها عن جماعة الإخوان، وخسرت سورية نظاما ومعارضة بعدما نكثت بتعهداتها للتدخل بفضل المناورة الروسية حول السلاح الكيماوي السوري، اكثر من ذلك خسرت السعودية، حليفها العربي الأساسي، بعدما قامت إدارة أوباما، خلال عهدين، بمحاولة إقصاء الرياض لصالح تشجيع الدوحة على ان تشكل بديلا عن الدور السعودي، العربي والإقليمي، ويبدو أن واشنطن خسرت العراق ايضا، بعدما قام هذا الأخير بالتوقيع على صفقة أسلحة روسية بقيمة 4 مليارات دولار، وهو نفس المبلغ الذي عقدت السعودية اتفاقا بقيمته مع روسيا لشراء أسلحة حديثة، مبتعدة نسبياً عن السوق الاميركية للتسلح السعودي، وحتى تركيا، عضو الأطلسي، فانها عقدت صفقة تسلح مع الصين، ويبدو انه لم يتبق أي ملعب للسياسة الأميركية في المنطقة العربية سوى رعايتها للمفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، والتي تترنح بدورها على يد العقبات التي تضعها إسرائيل لإفشال هذه العملية رغم حاجة واشنطن الى تحقيق اية خطوة للوصول الى حل ما، يسجل لصالح الدور الأميركي المتراجع في هذه المنطقة الساخنة من العالم.

وشكلت زيارة كل من وزيري خارجية ودفاع روسيا الى القاهرة مؤخراً، صفقة إضافية للدور الأميركي في المنطقة، وتحدياً لهذا الدور لصالح المنافس الأساسي الاتحاد الروسي، وبين تراجع أميركا وتقدم روسيا في المنطقة، تقف السعودية كمايسترو يقود هذه الخارطة السياسية الجديدة، اذ رغم التعارض السياسي بين الرياض وموسكو على خلفية الموقف من الأزمة السورية، الا ان الرياض التي وجهت ضربات متتالية لحليفها التقليدي الولايات المتحدة لحساب التقارب المصري ـ الروسي، وهي المرة الثانية التي تقف فيها السعودية ضد حليفها التقليدي الولايات المتحدة، بعدما كانت المرة الاولى إبان حرب 1973، عندما قامت بالحظر النفطي دعماً لجمهورية مصر العربية في هذه الحرب، الا ان الموقف السعودي هذه المرة، يبدو انه ينطلق من رؤيتها لتداعيات "الربيع العربي" والأداء الأميركي الذي شجع جماعة الإخوان على الوصول الى الحكم في اكبر دولة عربية، جمهورية مصر العربية، وموقفها المشبوه من دعم ثورة 30 يونيو المصرية التي أطاحت بالجماعة، كما أطاحت بالعلاقات الودية التقليدية بين القاهرة وواشنطن.
ولم يكن من المستغرب ان تسعى موسكو لملء الفراغ الاميركي، وبدعم من الرياض التي ما تزال تعارض الموقف الروسي من الأزمة السورية، والحديث عن امكانية الدفع باتجاه عقد صفقة تسلح بين القاهرة وموسكو بدعم مالي من الرياض، يبدو انه ينطلق من الدور السعودي الذي تراجع بفعل الدور القطري لصالح الولايات المتحدة، هذه الأخيرة، اتهمت من قبل العديد من المحللين والقادة السياسيين انها تتخلى عن حلفائها وأصدقائها، الأمر الذي يشجع هؤلاء الحلفاء والأصدقاء على عدم التمسك المبدئي، بهذه التحالفات، خاصة وان هناك قوى أميركية، داخل البيت الأبيض، كما في الكونغرس، تشير الى ان أوباما، اقل حنكة سياسياً من نظيره الروسي، وهذه القوى تأخذ على أوباما، سياسته المتراجعة في الشرق الأوسط، وتنتقده انتقاداً شديداً، ما اثر على شعبيته المتراجعة داخل أميركا ذاتها.
موسكو التي تخشى ان تفقد قاعدتها العسكرية الكبيرة والوحيدة في الشرق الاوسط، في ميناء طرطوس السوري، جراء تداعيات الازمة السورية، تستثمر التراجع الاميركي لصالح البقاء في الشرق الاوسط، ان لم يكن في طرطوس، فليكن في قاعدة عسكرية في جمهورية مصر العربية، ومع ان هذا الأمر سابق لأوانه إلا ان تكثيف الدور الروسي سياسياً وعسكرياً، يكفي مؤقتاً على الأقل، حتى تتمكن موسكو من أن تصبح القوة الأكثر تأثيراً على سياسات هذه المنطقة الملتهبة من العالم.
كانت الولايات المتحدة، أول دولة أجنبية تعترف بقيام المملكة العربية السعودية وتتبادل معها العلاقات الدبلوماسية في ثلاثينات القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت ظلت السمة الأساسية للعلاقات بين البلدين في إطار التحالف القوي، غير أننا نشهد هذه الأيام متغيرات حقيقية إزاء ميزان التحالفات والمصالح في إطار خارطة جديدة للمنطقة، ترسمها تداعيات الربيع العربي، سلباً وإيجاباً، ما يشكل انقلاباً حقيقياً، كانت بداياته الأوضح في الدور السعودي الذي بات يرعى هذه الخارطة الجديدة، على وقع التحالف المصري ـ الروسي، والتراجع الاميركي الواضح!!
Hanihabib272@hotmail.com
www.hanihabib.net