خبر : فرنسا تزايد على أميركا في "حب إسرائيل"! ...هاني حبيب

الأربعاء 13 نوفمبر 2013 10:44 ص / بتوقيت القدس +2GMT
فرنسا تزايد على أميركا في "حب إسرائيل"! ...هاني حبيب



في اللحظات الأخيرة، تبدد التفاؤل بالتوصل الى اتفاق بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد حول الملف النووي الإيراني، الذين اجتمعوا في جنيف قبل أسبوع، كافة الإشارات التي صدرت في اليوم الأول لهذه الاجتماعات أكدت ان التوصل الى هذا الاتفاق بات وشيكاً، وزير الخارجية الأميركي جون كيري قطع زيارته للمنطقة العربية ليصل الى جنيف لكي يشهد على مثل هذا الاتفاقـ داعياً مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون الى المشاركة في هذا الحدث .. لكن ذلك لم يحدث، إذ ان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، وصل ايضاً، الى قاعة المحادثات، وسرعان ما تبددت بشائر هذا الاتفاق، مثيراً العديد من القضايا التي على طهران التسليم والالتزام بها، قبل الإعلان عن نجاح هذه المحادثات.

سبق وصول فابيوس الى جنيف، إشارة الرئيس الأميركي باراك اوباما لاحتمال التوصل الى انفراج حول الملف النووي الإيراني، ما يسمح بتخفيف العقوبات الأميركية والدولية عن إيران، في وقت اعلن البيت الأبيض عن وقف اية إجراءات جديدة بتشديد العقوبات التجارية والمصرفية على إيران، في الوقت ذاته، أعلنت لندن انها بصدد تبادل العلاقات الدبلوماسية مجدداً مع طهران من خلال تبادل القائمين بالأعمال، وهي مؤشرات ذات دلالة على ان المباحثات في يومها الأول وقبل وصول وزير الخارجية الفرنسي إلى جنيف كانت تجري بشكل جيد وبناء بحيث امكن القول ان الاتفاق بات وشيكا بالفعل!
مع وصول فابيوس تعثرت المباحثات من جديد، بعد ما اعلن وزير الخارجية الفرنسي "أن مصالح إسرائيل ودول المنطقة يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار في اي اتفاق مع إيران" في اتفاق واضح لا لبس فيه ان باريس اعتمدت التحفظات الإسرائيلية على الاتفاق الذي كان من الممكن التوصل اليه في اليوم الأول من المباحثات في جنيف، خاصة ان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اعلن عن رفضه لهذا الاتفاق، مشيراً ضمنياً الى ان الولايات المتحدة من خلال وزير خارجيتها جون كيري "فرطت" في الأخذ بالاعتبار التحفظات الإسرائيلية، الأمر الذي دفع بجون كيري الى إرسال مبعوث خاص الى إسرائيل لمناقشة الحكومة الإسرائيلية حول موضوعات المباحثات والتأكيد على ان "الاتفاق المرحلي" مع إيران، يهدف أساساً الى التوصل الى اتفاق يعفي إسرائيل من ان تقوم بالهجوم على المواقع النووية الإيرانية ويحافظ على مصالحها الأمنية، الا ان الهجوم الإسرائيلي على جون كيري استمر، رغم هذه التوضيحات، الأمر الذي دفع جون كيري، الى المجيء الى إسرائيل شخصياً، غير ان ما تناقلته وسائل الإعلان الإسرائيلية حول عدم مصافحة نتنياهو للضيف الأميركي، ومعاملته بازدراء في مطار بن غوريون، كانت علامة مؤكدة على تصاعد التوتر بين الجانبين على خلفية الرؤية الأميركية للحل حول الملف النووي الإيراني.
قبل أسابيع، اعلن في تل ابيب وباريس عن زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى إسرائيل في السابع عشر من الشهر الجاري، جدول الزيارة أشار الى ان الضيف لن يلقي خطابا أمام الكنيست - البرلمان الإسرائيلي - وانه بدلاً من ذلك، فإنه سيلقي خطابه أمام جمهور من طلبة الجامعات الإسرائيلية، حينها استشاط رئيس الكنيست غضباً معلنا انه سيقابل هولاند بكل معالم الازدراء، هولاند كان ينوي تكرار تجربة الرئيس الأميركي باراك أوباما عندما زار إسرائيل واستعاض عن القاء خطابه أمام الكنيست بخطاب امام طلبة الجامعات، خروجاً على عادة الرؤساء الأميركيين عندما يزورون الدولة العبرية، غير ان هولاند تراجع عن تكرار هذه التجربة، واشار وزير خارجيته فابيوس الى ان الرئيس الفرنسي سيلغي خطابه امام الكنيست.
من هنا يمكن ان نلاحظ ما يفسر الموقف الفرنسي، بالغ التأثير بالموقف الإسرائيلي إزاء الملف النووي الإيراني، بشكل فاق موقف الحليف الاستراتيجي، الولايات المتحدة وزايد عليه أثناء مباحثات جنيف التي نجح في إفشالها، لصالح التعنت الإسرائيلي، وعلى الرغم من الموقف الأميركي الذي لا يمكن ان يشك احد بأنه يصب لصالح إسرائيل في نهاية الأمر، والأكثر غيرة على هذه المصالح الدائمة من الرؤية الفرنسية ذات الطابع التكتيكي المغامر.
بعض وسائل الإعلام الفرنسية التي تناولت الموقف الفرنسي من مباحثات جنيف، ثم تراجع هولاند فيما يتعلق بأجندة زيارته الى الدولة العبرية، فسرت الأمر على انه دليل على تزايد ضعف الرئاسة الفرنسية فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية الفرنسية وما تعانيه من مشكلات على هذا الصعيد أثرت سلباً على شعبية الحزب الحاكم، الأمر الذي دفع بالرئاسة الفرنسية على ان تحاول تحقيق مواقف تثير وسائل الإعلام على المستوى الخارجي، بما يعدل من شعبيتها، إذ ان فرنسا من خلال استخدامها المؤثر "للفيتو" داخل مباحثات جنيف، إشارة الى انها باتت تلعب دوراً دولياً، يتساوى وربما يزيد عن التأثير الأميركي فيما يتعلق بالقضايا الدولية، غير ان دوافع هذه المواقف قد يتم الوقوف عليها بعد الجولة الثانية من مباحثات جنيف والمتوقع ان تجري فور انتهاء زيارة هولاند لإسرائيل ودولة فلسطين!

Hanihabib272@hotmail.com

هاني حبيب