في لقاء جمعني و مجموعة من الصحافيين الثلاثاء 5/11/ 2013، مع مدير عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "اونروا" روبرت تيرنر، قال: "ان "اونروا" تشعر بقلق شديد وأنهم لا يرون أي اشارات ايجابية خلال الاشهر القادمة لتحسن الاوضاع التي تزداد تدهورا، و ان اسرائيل لا زالت و للأسبوع الرابع على التوالي تمنع دخول مواد البناء الى "اونروا"، ما يعيق العديد من المشاريع الانشائية التي تنفذها في قطاع غزة، وان 20 مشروع تنفذها "اونروا" توقفت بسبب عدم ادخال مواد البناء".
في قطاع غزة تدهورت الاوضاع الانسانية بشكل دراماتيكي وسريع بعد اغلاق مصر للإنفاق على اثر حملة الجيش المصري البدء بتدميرها والقضاء عليها نهائيا في شهر تموز/ يوليو 2013، و الذي اعتمد الفلسطينيين عليها للتغلب على الحصار الذي فرضته اسرائيل في منتصف العام 2007، وتدهورت الأوضاع الانسانية والاقتصادية، واثر ذلك على جميع مناحي حياة الفلسطينيين في قطاع غزة، وأظهر الحصار الظالم مدى تأثير ذلك على الاحتياجات الانسانية.
و في ظل الحصار الخانق والظالم ازدادت أعداد البطالة بشكل كبير، وارتفعت نسب الفقر بشكل أكبر، وحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن نحو 80% من سكان القطاع من اللاجئين يتلقون مساعدات، فاعتمد الغزيين كليا على الأنفاق وحفروها وتوسعوا في حفرها كبديل عن المعابر المغلقة، وأجبر قطاعاً واسعاً من الفقراء والعاطلين عن العمل إلى العمل الأسود في ظروف قاسية تشبه السخرة، وبأجور زهيدة، فمعظم الضحايا الذين قتلوا في الانفاق هم من الفقراء والعاطلين عن العمل، وهم ممن دفعهم الفقر والفاقة للمغامرة بحياتهم من أجل لقمة العيش.
الناس و الحكومة في غزة أسرفت في الاعتماد كليا على الأنفاق حتى بعد رفع إسرائيل الحصار الاسرائيلي جزئياً عن غزة على اثر جريمة سفينة مرمرة التركية لفك الحصار عن غزة، و الذي قتل 9 من المتضامنين الاتراك على متنها على ايدي قوات البحرية الاسرائيلية في شهر ايار 2010.
واستطاع الفلسطينيون إدخال جميع احتياجاتهم عبر الانفاق من السلع و المواد الغذائية ومواد البناء والوقود رخيص الثمن، وتم استغلاله لتزويد محطة الطاقة الوحيدة في قطاع غزة لتوليد الكهرباء، وشكلت الانفاق خلال السنوات الماضية شريان للحياة وساهمت في دخول البضائع و الافراد، وأصبحت التجارة عبر الانفاق تجارة رائجة، وأسهمت في انتعاش اقتصاد غزة الهش.
وبسبب فشل السلطة الفلسطينية في الضغط على الدول العربية والمجتمع الدولي المتواطئ لرقع الحصار عن قطاع غزة، وتكيف الغزيين مع الوضع القائم من دون أي رد فعل شعبي ضاغط مستمر على سلطات الاحتلال والمجتمع الدولي لرفع الحصار، استسلموا للواقع السيئ المعاش، والاعتماد بشكل كلي على الأنفاق.
الى ان جاءت لحظة الحقيقة وان الوضع الشاذ يجب أن يتوقف وان التحذيرات السابقة من خطورة الاعتماد على الانفاق للتغلب على اعباء الحصار الاسرائيلي لن تطول وعليه يجب يتم الضغط على دولة الاحتلال والمجتمع الدولي والاشتباك اليومي معها كفاحيا و سياسيا ودبلوماسيا.
وما نراه اليوم من تأثير إغلاق الانفاق ذلك على حياة الناس البائسة في ظل البطالة والفقر، واعتماد غالبية كبيرة من الناس على السلع المهربة من الانفاق رخيصة الثمن، مقارنة بالسلع المستوردة من اسرائيل مرتفعة الثمن والتي لا يقوى على شرائها غالبية الناس.
وعلى اثر تدمير الانفاق الى ارتفعت نسب ومعدلات الفقر التي وصلت الى نحو 40% والبطالة وفقد عشرات الآلاف من العمال الذين يعتمدون على الانفاق ومواد البناء التي يتم ادخالها عبرها، وقدر وزير الاقتصاد في حكومة غزة علاء الرفاتي الخسائر الاقتصادية في القطاع غزة بـ 460 مليون دولار حتى نهاية شهر ايلول/ سبتمبر 2013.
فالحصار المفروض منذ العام 2007، يتجدد بأشكاله المختلفة، والمستقبل القريب لا يبشر ببارقة امل لفكه، وهو المشكلة الرئيسية التي تواجه الفلسطينيين في القطاع، من إغلاق معبر رفح مع مصر المستمر ويعمل بطاقة تشغيلية محدودة وبشكل متقطع وبطيئ وللحالات الانسانية من المرضى والطلاب وأصحاب الحاجات الضرورية، في مقابل اغلاق المعابر التي تربط القطاع بإسرائيل.
والحصار وإغلاق الانفاق يفاقم من أزمة الوقود والكهرباء الخانقة والمتفاقمة التي يعيشها الفلسطينيين في القطاع، وتأثير ذلك على المستشفيات والمرضى، ومحطات الصرف الصحي وآبار المياه التي تعمل على الكهرباء، بالإضافة الى ان 57 % من اللاجئين يعانون من انعدام الامن الغذائي، و تقدم أونروا مساعدات غذائية لحوالي ثلثي اللاجئين الفلسطينيين اي ما يعادل 830 الف نسمة يحصلون على مساعدات غذائية بانتظام، بالإضافة الى المساعدات التي تقدمها مؤسسات دولية تعمل في قطاع غزة لشرائح اخرى من غير اللاجئين.
mustafamm2001@yahoo.com
mustaf2.wordpress.com


