يشهد قطاع غزة موجة جديدة من الأزمات التي طفت على السطح عقب تشديد الإجراءات الأمنية في سيناء ضمن خطة أمنية شاملة أعدتها , وتضمنت الخطة إغلاق كافة المعابر من وإلى سيناء الأمر الذي تبعه تلقائيا إغلاق تام لمنطقة أنفاق التهريب وتوقف كامل لتهريب الوقود ومواد البناء وكافة السلع التي اعتادت عليها أسواق القطاع، وإثر ذلك خيمت حالة من القلق والتوتر على الوضع الاقتصادي لقطاع غزة، وذلك بعد أن سوقت الحكومة المقالة خلال السنوات الماضية أنفاق رفح كمصدر رئيسي لجلب البضائع والسلع التي يعاني القطاع من نقص في وجودها، وعملت على خلق حالة من التعود لدى المواطن الغزي على تلك البضائع التي تشكل بديلا أفضل وبأسعار أقل من المستوردة عبر المعابر التي تتحكم إسرائيل في إدخالها أو منعها من حين إلى آخر، ما يجعل الحياة تتوقف في غزة فور الإعلان عن توقف عمل الأنفاق، وتبدأ السلع بالنفاد يوما تلو الآخر ومنها ما ينفد في اليوم الأول كالوقود، وتبدأ أسعار سلع أخرى بالارتفاع تصل في بعض الأحيان إلى درجة الاشتعال كمواد البناء والسجائر وغيرها من السلع.
انفاق الموت (اقتصاد غير رسمي):-
إن ما يسمى بالاقتصاد غير الرسمي أو ( اقتصاد الظل,أو الاقتصاد الموازي أو الاقتصاد الأسود او الاقتصاد الخفي)أسماء عديدة لمفهوم واحد, تشوبه كثير من النتائج السلبية على الاقتصاد الوطني لأنه مرتبط بظروف غير طبيعية، بمعنى أن توقف الأنفاق يترتب عليه نتائج سلبية سواء للتجار الذين يتعامون في الأنفاق أو المستهلك، والنتائج قد تكون وردية في فترة من الفترات للذين استفادوا من تجارة الأنفاق لكنها لم تعد كذلك بعد الآن، وبالتالي في ظل الوضع الأمني غير المستقر بمصر وفي سيناء بشكل خاص لا بد أن تترتب عليه نتائج سلبية على كل من يتعامل بقطاع الأنفاق ومن لهم علاقة بذلك من تجار وموزعين ومستهلكين على حد سواء".
في ظل هذه الظروف مجتمعة، فان غزة في وضع لا تحسد عليه على المستوى الاقتصادي في ظل الحصار والإغلاق. والنتيجة أن الوضع الحالي مأساوي بكل المقاييس واستمراره يجعل من القطاع مكانا لا يمكن العيش فيه لان هناك ترديا واضحا في كل مؤشرات الاقتصاد الكلي، سواء من حيث ازدياد نسبة البطالة وارتفاع معدلات الفقر وتراجع حجم الاستثمار، وربما خلال فترة وجيزة توقف المساعدات نظرا للأوضاع السياسية في المنطقة، وبالتالي فمن المتوقع أن يبقى أكثر من 80 ٪ من سكان القطاع يعتمدون على المعونات الاغاثية من قبل المؤسسات الدولية ووكالة الغوث الدولية.
وفي ظل التحولات الجديدة على الساحة السياسية المصرية يبقى المواطن الغزي الذي اعتاد على سلع الأنفاق مجبرا على انتظار دفع فاتورة ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش المقبل عليه على كافة المستويات، نتيجة الربط غير الرسمي للاقتصاد بغزة مع مصر.
بالتالي في ظل هذا الواقع، فان الحل للخروج من الأزمة هو :
1- إنهاء الانقسام وعودة الوحدة الوطنية وتشكيل حكومة انتقالية، من الكفاءات المهنية (تكنوقراط) .
2- وضع خطة استراتيجية تنموية لقطاع غزة ضمن الخطة الاستراتيجية للاقتصاد الوطني ككل.
3- العمل على إنهاء الحصار والإغلاق على غزة والأراضي الفلسطينية بشكل عام واعتبار الضفة وغزة وحدة جغرافية واحدة كما نص اتفاق اوسلو.
4- العمل مع المجتمع الدولي لإعادة اعمار قطاع غزة ليكون شريكا حقيقيا وقويا في الاقتصاد الوطني الفلسطيني.
5- تفعيل شبكة الامان المالي العربية التى اعلنت عنها سابقا عن دفع مبلغ 100 مليون دولار شهرياً دعماً للسلطة الفلسطينية.
ودون ذلك سوف يستمر الوضع من سيئ إلى أسوا في القطاع خاصة في ظل عدم الاستقرار في مصر الشقيقة مع غزة.
والسؤال هنا : أين بدائل الحكومة المقالة في قطاع غزة في ظل إغلاق الأنفاق؟


