خبر : خطاب هنية: الكرة تنتقل بين ملعبين ...بقلم: أشرف العجرمي

الأربعاء 23 أكتوبر 2013 09:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT
خطاب هنية: الكرة تنتقل بين ملعبين ...بقلم: أشرف العجرمي



اختلف المراقبون والمحللون حول مضمون خطاب رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، وهنالك من رأى في الخطاب نصف الكأس الفارغة بينما رأى آخرون نصف الكأس المليئة. ونحن هنا لا نريد التعليق على المواقف التي قيلت وبعضها كان مستعجلاً أو مبنيا على موقف مسبق في هذا الاتجاه أو ذاك، ولكن ما يهمنا محاولة قراءة وتحليل المضمون لرؤية أن كان الخطاب يحمل جديداً أم أنه مجرد تكرار لمواقف سابقة كما يقول بعض معارضي "حماس".

على الرغم من نفي هنية لأحاديث تناقلتها وسائل الإعلام عن مأزق حركة حماس إلا أنه يقر ضمناً بذلك عندما يقول إن "أوضاعنا لا تحتمل المزيد من الخلافات والمشاحنات وشيطنة طرف لآخر". ففي هذا اعتراف بشكل غير مباشر بسوء الاوضاع، وهي بالمناسبة سيئة لدى الجانبين، سلطة "حماس" والسلطة الشرعية في رام الله. وكل طرف لديه ما يكفي من المشاكل والهموم التي جميعها هموم تخص الشعب الفلسطيني بأسره. وهذا في الواقع يشكل بداية لتفكير صحيح، إذا كان الاستنتاج الصواب هو الذهاب نحو الحاضنة الوطنية الموحدة.
ولكن النقطة الأبرز في الخطاب هي المتعلقة بالمصالحة والتي تحتوي على جديد بالتأكيد، وإن كان ليس بالمستوى المطلوب من الوضوح، فهنية تحدث عن البحث في آليات تطبيق اتفاق المصالحة، وتشكيل حكومة الوحدة وتحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني، وأيضاً تفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، وخطاب هنية لم يتحدث عن تحفظات أو استثناءات خارجة عن الاتفاقات وخاصة اتفاق القاهرة.
صحيح أنه كان من المفروض أن يكون هنية أكثر وضوحاً وتحديداً في القبول بتطبيق اتفاق القاهرة، ولكن كلماته تحتمل الإيجابية وتفتح فرصة أمام البدء فوراً في تنفيذ اتفاق المصالحة.
وحتى لا يكون الموقف مبنيا فقط على التحليل لابد من البدء فوراً في استكشاف حقيقة ما يكمن وراء الخطاب وهل يعبر فعلاً عن موقف جديد لحركة "حماس". ومن غير الصحيح أن نبدأ بالتشكيك في نوايا "حماس" ونحن نعلم أن الظروف تغيرت وأن الواقع المحيط لا يستوعب البقاء منقسمين ومشتتين.
الوضع في قطاع غزة صعب للغاية من حيث تشديد الحصار على القطاع وازدياد الأسعار وشح الوقود، وظروف "حماس" سيئة من حيث عدم توفر موارد مهمة كانت تأتي من الأنفاق وغيرها، وخاصة بعد تدهور العلاقة مع إيران وفشل خيار التعويل على البديل القطري، وبلغت الصعوبة التي تعاني منها "حماس" إلى مستوى عدم القدرة على تسديد فاتورة الرواتب والإنفاق الحكومي، وحتى راتب العيد دفعت منه سلفة تقدر بألف شيكل فقط، وهذا إنما يدلل على الضائقة الكبرى التي تجد نفسها فيها، وبالتالي هناك أساس للاعتقاد بأن توجه "حماس" نحو المصالحة صادق وينبع بالأساس من مصلحة الحركة المباشرة.
وفي الجانب الآخر من المعادلة أيضاً يوجد مأزق كبير لا يتوقف فقط على الوضع الاقتصادي السيئ وازدياد حجم مديونية السلطة وعدم قدرتها على تسديد كل التزاماتها، في ظل تهديد دول بوقف تمويل السلطة وأخرى تنتظر الضوء الأخضر من الولايات المتحدة التي تربط الأشياء بالمفاوضات، وإن كانت أفضل حالاً من وضع غزة. كما أن الاستيطان يقضم الأرض بشكل دائم ولا تقدم في المفاوضات، ولا أحد يعلم ماذا سيحصل في نهاية الفترة المخصصة للتفاوض والتي تنتهي بعد حوالي ستة شهور، وهل سيبقى الوضع على حاله أم أنه سينفجر بطريقة أو أخرى.
على ضوء ما تقدم هناك مصلحة مؤكدة في توحيد الصف والجهد لمواجهة القادم الذي قد يكون أسوأ من الوضع الراهن ولا أحد يملك ترف إضاعة الوقت، والوحدة في كل حال تعزز قدرة الشعب الفلسطيني والقيادة في الصمود في وجه الضغوط التي تواجهنا جميعنا والتي قد يترتب عليها ضرر كبير على القضية الفلسطينية. وخاصة في حالة فشل المفاوضات والذهاب مجدداً إلى الأمم المتحدة.
وعندما تكون القيادة والسلطة موحدة يمكن اعتماد خطة واستراتيجية موحدة تساعد في دفع القضية لا أن تتصرف كل جهة على عاتقها.
والشيء الآخر المهم هو أن من يتوقع أن تستسلم "حماس" وترفع الراية البيضاء هو واهم حتى لو كانت في وضع ضعيف يمكنها أن تقلب الطاولة على طريقة المثل الشعبي "علي وعلى أعدائي"، وهنا قد تلجأ للتصعيد مقابل إسرائيل أو تذهب لخيارات أخرى صعبة ولكنها ستقود حتماً لمضاعفات على الكل الوطني.
نحن بحاجة لفحص مدى جدية "حماس" في موضوع المصالحة وهذا لا يتم عبر التصريحات في وسائل الإعلام وإنما من خلال حوار صريح ومباشر مع قيادتها، ولهذا الكرة الآن في ملعب القيادة بعد أن كانت في ملعب "حماس" وهي تنتقل من هنا إلى هناك، والقيادة يجب أن تفحص ذلك فوراً بإرسال وفد رفيع المستوى للجلوس مع قيادة "حماس" في غزة واختبار نواياها، والمضي قدماً على درب المصالحة إذا كانت الفرصة متاحة لذلك، وهذا ينبغي أن يتم بدون تأخير فالوقت يداهمنا جميعاً، وإسرائيل لا تخطط إلا لمزيد من الحروب والدمار، ولا تستعجل التسوية وما يعنيها مصالحها كما تراها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية.