خبر : قناة البحرين أم "قناة السلام" .. في غياب موقف رسمي فلسطيني !!..بقلم: هاني حبيب

الأربعاء 23 أكتوبر 2013 09:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT
قناة البحرين أم "قناة السلام" .. في غياب موقف رسمي فلسطيني !!..بقلم: هاني حبيب



بعد سبع سنوات من التردد والتروي، أعلن رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور البدء الفوري في المرحلة الأولى من "مشروع البحرين" بين البحرين الأحمر والميت والقاضي بضخ المياه البحرية المالحة من البحر الأحمر إلى البحر الميت شمالاً لتتم تحليتها ويعاد ضخ المياه المحلاة جنوباً باتجاه العقبة، وبحيث تذهب معظم المياه المحلاة إلى الأردن، فيما تنقل كميات أقل منها إلى كل من إسرائيل وفلسطين.

منذ العام 2006 بدأ الحديث عن هذا المشروع الاستراتيجي الإقليمي، عندما أخذ البنك الدولي على عاتقه التقدم بدراسة جدوى، أنجزها بالفعل في نفس العام، تبين بمقتضاها أن هذا المشروع سيكلف ما يزيد على 11 مليار دولار، بينما أشارت دراستان إضافيتان من جهات اقتصادية دولية، إلى أرقام أقل، واحدة أشارت إلى مليار دولار فقط بينما الثانية أشارت إلى أن التكلفة لن تزيد على خمسة مليارات دولار، علماً أن دراسات الجدوى هذه، موّلتها صناديق متبرعة وزادت تكلفة كل منها عن خمسة عشر مليون دولار، وقد اتفقت أطراف عديدة على أن تطلق على هذا المشروع "قناة السلام" عوضاً عن "قناة البحرين" في إشارة واضحة إلى المجالات السياسية الواضحة لهذا المشروع الاستراتيجي.
قليلة هي الأخبار الفلسطينية المتعلقة بهذا المشروع، خاصة من قبل الجهات الرسمية، غير أن منظمات فلسطينية غير حكومية دعت قبل أيام قليلة وبعد إعلان النسور عن البدء في المرحلة الأولى من المشروع، دعت السلطة الفلسطينية إلى وقف جميع أشكال التعاون في اطار هذا المشروع وطالبت بإعلان رسمي لا لبس فيه برفض المشاركة فيه، باعتبار أن الأمر لا يعدو كونه إجباراً للفلسطينيين على سلب إرادتهم وملكيتهم وتسوية حقوقهم، ذلك أن هذا المشروع وفقاً لهذه المنظمات، يقوض حقوق الفلسطينيين المائية، ويعطي صفة شرعية على سلب مياههم، باستبدال مياه نهر الأردن الطبيعية التي تستولي عليها إسرائيل بمياه محلاة من البحر الأحمر بكميات زهيدة وبتكلفة عالية.
بدايات المشروع لحظت أن مياه البحر الميت تنقص سنوياً بمعدل متر واحد، غير أن ذلك لا يعود لأسباب طبيعية، ولكن لأن إسرائيل تقوم بنهب مياه نهر الأردن، وبحيث لا تصل إلى البحر الميت إلاّ مياه قليلة، وبحيث نقص منسوب "الميت" بمقدار 27 متراً، منذ عام 1977. ويقدر الخبراء أن البحر الميت، في هذه الحال، سيختفي عن سطح الأرض بشكل كامل عام 2050، وبالتالي، فإن الأطراف التي تشجع إقامة هذا المشروع، تعتبره إنقاذاً للبحر الميت من الزوال، غير أن خبراء البيئة، يشيرون إلى أن صب المزيد من مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت، لن يجعل البحر "ميتاً" بل بحراً عادياً، ذلك أن المكونات الكيميائية الطبيعية له ستتغير بما لا يجعله مميزاً ومشكلاً لمعادن ثمينة انفرد فيها، وهذا رد على أن إعادة الحياة إلى البحر الميت سيخلف منشآت سياحية واسعة النطاق، ذلك أن السياح يأتون إلى البحر الميت لمميزاته الطبيعية التي ستزول، وهم لا يأتون إليه لمجرد أنه بحيرة كبيرة، والواقع أن الأردن استبق كل هذه التقديرات، وأعلن عن التعاقد مع مستثمرين أردنيين وعرب لإقامة مشاريع سياحية متنوعة ومتكاملة على شواطئ البحر الميت خلال السنوات الأربع المقبلة بقيمة 700 مليون دولار لتوفير خمسة آلاف غرفة فندقية جديدة، الإعلان الأردني هذا إشارة إلى جدية المشروع بالمرحلة الأولى من مشروع قناة البحرين بعد سبع سنوات من الحديث عنه.
منظمات البيئة، إقليمياً ودولياً، هي التي أعلنت عن معارضتها لهذا المشروع بسبب التداعيات البيئية الخطيرة له، ذلك أن صب مياه من البحر الأحمر إلى الميت سيحدث تغييرات أساسية ـ كما أسلفنا ـ في التركيبة الكيماوية الفريدة للبحر الميت، إلاّ أن الأكثر خطورة ربما، أن المياه الجوفية في وادي عربة قد تتلوث في حال حدوث تسرب من الأنابيب الناقلة للمياه المالحة، ولأن هذه الهيئات البيئية على من يقول إنه ليس هناك من بديل لتوفير مياه صالحة للشرب في منطقة هي الأكثر فقراً في هذه المياه، قالت إن البديل الممكن ينطوي على إعادة تدوير وحفظ المياه وإعادة تأهيل الجزء السفلي من نهر الأردن، وحتى الاستيراد من تركيا، وهي بدائل ثلاثة جاءت، أيضاً، في اطار دراسة الجدوى التي أعدها البنك الدولي، علماً أن أي خيار من هذه الخيارات، سيكون أقل تكلفة وأكثر حفاظاً على البيئة، كما أنه سينقذ البحر الميت من "الحياة"!
والأرجح، أن انطلاق العمل بهذا المشروع، يتزامن مع خطة كيري الاقتصادية، أو المسار الاقتصادي للتسوية السياسية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، كما من المنتظر أن يتم تحويل هذا المشروع بصفته "قناة السلام" على المستوى الدولي برعاية أميركية وفي اطار العملية التفاوضية الجارية الآن، الأبعاد السياسية لهذا المشروع لا تخفى على أحد، إلاّ أن عدم الحديث عنه أمر يثير الريبة والاستغراب!!
Hanihabib272@hotmail.com – www.hanihabib.net