خبر : طول عمري بخاف ....لنا شاهين

الإثنين 21 أكتوبر 2013 06:03 م / بتوقيت القدس +2GMT
طول عمري بخاف ....لنا شاهين



مؤكد انكم قد اكملتم العبارة ، ولن اخذلكم وانكر ان ذلك ما قصدته فعلا .. طول عمري بخاف مالحب ، وسيرة الحب .. ولا تدعوا خيالكم يجمح بكم فتنتظروا ان أشخصن القضية او أبدأ كتابة مذكراتي ، فانا هنا لا اغني على ليلاي بل على ليلى قيس وجوليت روميو ، وكيلوباترا انطونيو وانا كارينينا ، ومئات من قصص الحب التي حفظها التاريخ ورواها لنا بكل احزانها وقسوتها ليجعلنا عن قصد او غير قصد نخاف من الحب ..حديثي اليوم قد يبدو غير مألوف ، فلنلملم اطرافه ونعمد الى صلب الموضوع فنطرقه .

كثير من المآسي التي عرفها التاريخ كان باعثها الرئيس هو الحب ، والامثلة على ذلك وفيره بدءا بآلهة الفراعنة والاغريق واساطير جبل الاولمب ومرورا بالياذة هيمروس وحرب طروادة واسبرطة والتي اشتعلت نارها بسبب عشق الامير باريس الطروادي للاميرة هيلين الاسبرطية ورفضهم تزويجها له فاختطفها ، وهات اللي يحلها ، حرب طاحنة ساحقة ماحقة لم تبق ولم تذر . وفي تاريخنا العربي ليس هناك ما هو ابشع من مأساة البرامكة ، بغض النظر عن النعرات القومية ، فجعفر البرمكي الذي كان ملكا غير متوج في بغداد رغم اصله الفارسي ، احب العباسة اخت هارون الرشيد وتزوجها سرا ، عرفي وللا مسيار او مسفار لا يهم ، المهم انه اخفى الامر عن الرشيد لعلمه بانه رغم اخوته له في الرضاعة وحبه الشديد له لن يقبل ان يزوجها وهي من اشراف العرب لبرمكي اعجمي حتى لو كان جعفر وزيره ومستودع اسراره وحبيبه ايضا ، ولن اطيل عليكم رغم ان التاريخ اطال كثيرا في وصف مذبحة البرامكة وتشتيتهم واستئصال شأفتهم من قبل الرشيد ، قلبت الدنيا لجعفر واهله وكل من تبعه ووالاه ظهر المجن ، وعبس له وجه الزمان عبوسا قنطريرا بسبب حبه للعباسة ، واشياء اخرى بالطبع ، لكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت هي الحب .
طيب اليس معذورا من يقرأ هكذا حكايات لو امتلأ قلبه رعبا من الحب ، وما جنون قيس في حب ليلى سوى نقطة في بحر كوارث الحب تلك ، ناهيك عن عذابات جميل بثينة ، ودوخة كثيرعزة ، وثورة عنترة عبلة ، وبالمناسبة ، بعد كل ما قراناه وسمعناه وشاهدناه من افلام سينمائية عن عشق عنترة لعبلة والذي خلده بشعره ، هل يعرف احدكم على وجه اليقين ما اذا كان عنترة قد تزوج عبلة ام لا ؟ انا شخصيا اشعر بان التاريخ قد اغفل او اهمل هذه المعلومة عن قصد ، وكأن الرسالة هي ، لايهم ان كان تزوجها ام لا ، المهم هو اثر ذلك الحب في تشكيل اسطورة عنترة الفارس الذي لا يشق له غبار ، وسلاح الدمار الشامل في حينه ، وانعكاس ذلك الحب على مسيرة قبيلته و استغلالها اياه في صنع امجادها ، سؤال خبيث ، هل كانت عبلة تحب عنترة بجد !!

هل احرض ضد الحب وادعو للكراهية ؟ اولا انا لم ادع الى الكراهية بل الحب هو الذي يحملها الينا كخلية فيروسية نائمة ، سرعان ما تستيقظ وتنشط عندما يفتر الحب او يتقلص او ينقلب على عقبيه فينفرط عقد المحبين وتتبدل المحبة عداوة ، او سرعان ما يوقظ هذا الحب خلايا كراهية نائمة عند اشخاص اخرين ، وانا بصراحة لا اعرف مأساة في هذه الدنيا سببها الكراهية ، ولكني اعرف ان سبب استمرار بعض المآسي والكوارث هو الكراهية الناجمة عن الحب اصلا ، فمؤكد ان اطالة حرب طروادة كان احد افرازات الكراهية التي نتجت اصلا عن اشتعال الحرب بكل مآسايها ووحشيتها ، واساس تلك الحرب كما اسلفت كان هو الحب .

تريدون مثالا اكثر وضوحا على ان الكراهية تكون في الغالب وليدة الحب ، كلكم تعرفون قصة يوسف الصديق عليه السلام ، احبه ابوه يعقوب حبا جما فحقد عليه اخوته وكرهوه الى ابعد حدود الكراهية ..

تريدون مثالا اخر ، فلنرجع الى بداية الخليقة ، والجريمة النكراء التي يتندر الناس بانها قتلت نصف البشرية وان كان ذلك غير صحيح ، فما اعلمه هو ان البشرية في ذلك الحين كانت ستة اشخاص ، رجل وزوجته واربعة ابناء ، ما يهمني هنا هو ان قابيل قتل هابيل بسبب الحب ، حواء كما يقال كانت تلد توأما في كل مرة ، ولد وبنت ، وقرر آدم ان يزوج الولدين عندما كبرا كل لتوأم الاخر ، ولسوء الحظ كانت توأم قابيل واسمها اقليميا اجمل بكثير من توأم هابيل واسمها لبودا ، فأحب قابيل اقليميا توأمه ولم تنزل له لبودا من زور ، وحينما اصر ابوه على تزويج اقليميا لهابيل قتل قابيل هابيل وكان ما كان ، ولوان قابيل لم يهم شغفا بتلك الاقليميا لما حدثت اول جريمة قتل في التاريخ .

الشيئ بالشيئ يذكر كما يقولون ، وما دمنا في بداية الخليقة فلنرجع قليلا الى الجنة حيث كان آدم وحواء في احسن حال واهنأ بال الى ان وسوس الشيطان لحواء فلعبت براس آدم وعصيا امر الله واكلا الفاكهة المحرمة فنفاهما الله الى كوكب الارض وبدأت كل مآسينا وكوارثنا وآلامنا واحزاننا .

ما للحب وخروج آدم وحواء من الجنة ؟ تمعنوا في اصل الحكاية وستجدون انه لو لم يحب آدم حواء او لو انه كان لا يطيق النظر اليها من اساسه ، لما توافقا معا واكلا تلك الثمرة المحرمة ، ثم بدءا تشغيل خط الانتاج البشري بعد ان بدت لهما سوآتهما . اعرف ان كل ما حدث بترتيب من الله عز وجل كوسيلة للتكاثر ، ولكن هذا لا يمنع ان نلقي بتبعات ما حدث على الحب .

انا اليوم اهرف بما لا يروق للكثيرين من الاحبة والحبيبات ، فانا ارى اننا نحتاج من وقت لاخر الى التوقف قليلا والنظر الى الصورة من زاوية اخرى ، ومن لم يقتنع حتى الان بما اوردته من وقائع هي بلا جدال على سبيل المثال لا الحصر ، فليجب على سؤالي ، هل سمعتم مرة قول قائل فلان انخرب بيته وافلس واصبحت حاله تصعب على الكافر لانه كره فلانة او حتى كره فلان ؟ كل الاحاديث وايضا الاشاعات التي نسمعها ترجع خراب البيوت وتدهور الاحوال ، على الصعيد الشخصي ، للحب وليس للكراهية ، وربما يقال بل ان السبب هو كراهيته لزوجته مثلا وليس لحبه لفلانة او علانة ، فليرجع القائل الى الخلف خطوة وسيجد ان كراهية ذلك الرجل لزوجته كانت بسبب حبه لفلانه .

امانة عليكم لاتسيؤوا فهمي ، فأنا والله احب ولا اكره ، ولست اروج للكراهية فهي اكثر شرا وبشاعة بكل تاكيد ، ولكني احاول ان اشدكم الى المربع الذي ابتغي الوصول اليه بعد كل هذه الرحلة الطويلة ، لماذا نخاف من الحب ، والاهم من ذلك لماذا نخوف ونرهب ونرعب ابناءنا ، والاناث منهم على وجه الخصوص من الحب .. انا شخصيا كملايين الفتيات في العالم العربي والاسلامي ، طول عمري بخاف مالحب وسيرة الحب ، لماذا ؟ لانني مذ وعيت ، وربما مذ فتحت عيني على الدنيا وانا لا اسمع في عناوين نشرة التوعية والتربية الاسرية الا عن مآسي الحب ومخاطره والتي قد تصل بالبنت الى القتل باي وسيلة متاحة حتى لو كانت الرجم ، ولا تستغربوا ، فهناك من رجمت لانها تملك جوال ، و الرجم هذا كان في احدى القرى الباكستانية وليس في غزة ، والمرأة المرجومة كانت اما لولدين ، رحمها الله وكان في عون الولدين ، ولا اذكر ان تلك النشرة التوعوية الاسرية قد خرجت عن المألوف ولو مرة واحدة فذكرت خبرا ولو عابرا وبدون صورة عن حلاوة الحب وضرورته لاستمرار البشرية وتخفيف احتقان الانسان

الان تتهموني بالانحراف والترويج للحب ، نعم ، انا اروج للحب ولكن بدون انحراف ، وكل ما ذكرته لكم من مآسيه وكوارثه ليس للتخويف ولكن لامعان النظر والتفكر في الامر .. فالحب ثقافة وضرورة ، وعلى قولة نزار ، الحب في الارض بعض من تخيلنا ، لو لم نجده عليها لاخترعناه .. ماشي يا نزار ، نحن قد وجدناه والحمد لله ولكن علينا ان نعلمه لاولادنا وبناتنا كما ينبغي ان يكون ، ليس بترك الحبل على الغارب ولا بالتعتيم والتسويد والترهيب وحده .

ياللي ظلمتو الحب .. العيب فيكم يا فحبايبكم .. هذا هو القول الفصل ، فلنروج لثقافة الحب وادبياته ونزيح عنه تلك الستارة السوداء لننعم برؤيته في النور ، وحتما سنراه بعين غير عين الخوف والرهبة الى حد الرعب ، والاهم من ذلك كله ان نربي اجيالا تملك الجرأة على الخوص في حديث الحب بشكل موضوعي وبناء ، وليس كمادة في قانون العقوبات الاجتماعي ترتكب خلف ستار ردعه واستئصاله ابشع الجرائم ، وهل هناك ابشع من تلك العقوبة التي فرضت على فتاة باحدى تلك المجتمعات الرجعية المتخلفة حين احبت شابا من طبقة اعلى من طبقتها !! سامحوني ان اثرت اشمئزازكم وغضبكم بذكرها ، عقوبة الفتاة كانت هي ان يغتصبها رجال القرية في حفل عام وعلى عينك يا تاجر وفي حضور اهلها وذويها ، اللي ماعرفوش يربوا بنتهم .

ألست على حق وانا اقولها بالفم المليان ، طول عمري بخاف مالحب وسيرة الحب ؟ .. وايضا ألست على حق وانا اروج لثقافة حب دون تخويف وترهيب ؟ اوليس الله محبة .. والخير محبة .. والنور محبة .. على قولة الست ام كلثوم.