كتبت فى هذا المكان أكثر من مرة أن الفترة المقبلة ستشهد مواجهة شاملة بين الدولة بكل أجهزتها وجماعة الإخوان على كل الأصعدة تقريبا.
واليوم فإن هذا الاتجاه يتعزر أكثر وأكثر فى ظل مجموعة من المؤشرات والأحداث والوقائع على الأرض.
المؤشر الاول والأبرز هو قيام الحكومة بشطب جمعية الإخوان من سجلات الجمعيات الأهلية المعتمدة فى وزارة التضامن الاجتماعى تطبيقا لحكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، من دون انتظار لتأييد الحكم من عدمه، أو من دون انتظار لحكم من القضاء الإدارى.
المؤشر الثانى هو تحديد جلسة 4 نوفمبر المقبل لمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى فى قضية مهاجمة المتظاهرين أمام قصر الاتحادية فى 5 سبتمبر الماضى.
المؤشر الثالث هو استمرار القبض على غالبية قيادات وكوادر جماعة الإخوان على ذمة قضايا متنوعة يتعلق معظمها بالعنف والتحريض ومهاجمة المنشآت العامة وقطع الطرق وتعطيل المواصلات.
المؤشر الرابع هو إعلان وزارة الداخلية انها سوف تتصدى بكل السبل لاحتجاجات الإخوان التى تخالف القانون، وانها لن تسمح تحت أى مسمى باعتصام أنصار الجماعة أو غيرهم فى أى مكان.
المؤشر الخامس هو رفض الحكومة أكثر من مرة بوضوح لفكرة المفاوضات مع جماعة الإخوان التى تنتهى بالقبلات والأحضان، واصرارها على ضرورة قبول الجماعة أولا لخريطة الطريق التى تم إعلانها فى 3 يوليو الماضى.
أما المؤشر السادس والأهم فهو ما ورد فى الحوار المميز والمهم للزميل ياسر رزق رئيس تحرير المصرى اليوم مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع فى الأيام الثلاثة الماضية.
فى تقديرى ان إعلان السيسى ان تركيبة وأفكار ومعتقدات جماعة الإخوان كانت ستقود فى كل الأحوال إلى الصدام بينها وبين الدولة وهو مؤشر فى غاية الأهمية، لأنه يكشف بوضوح ان الصدام كان حتميا فى ظل إصرار الجماعة على اخضاع المجتمع لـ«فكرها الأممى» وليس الاندماج فيه.
طالما ان السيسى الذى يمثل القوات المسلحة يؤمن هو وقادة هذه المؤسسة بهذا التصور، فما فهمناه انه لم يكن هناك أمل يرجى، خصوصا ان بقية القوى الحية فى المجتمع من قضاة وإعلام ومجتمع مدنى وأحزاب ونقابات وشباب وأزهر وكنيسة كانت على خلاف جوهرى مع الجماعة.
ما قاله السيسى يكشف ان زمن المواءمات والصفقات السرية أو السريعة انتهى وانه على أى طرف من الطرفين ان يتنازل، ويتغير.
إذن ماذا عن المستقبل؟!.
أغلب الظن ان الدولة سوف تواصل عملية حصار الجماعة ماليا واجتماعيا واقتصاديا إضافة إلى الحصار الأمنى المطبق فعليا.
أغلب الظن ايضا ان هذا الحصار سيكون مختلفا عن كل ما مر فى علاقة الطرفين طوال السنوات الماضية.
والمتوقع انها ستلجأ إلى ايذاء الجماعة فى عصبها الأساسى وهو الاقتصاد. أى تقوم بتفكيك الشبكة الاقتصادية والاجتماعية التى تعتبر الكنز الرئيسى للجماعة ومن خلالها تتمكن من تجنيد الآلاف الذين يردون الجميل للجماعة عبر صناديق الانتخابات.
قد يتفاجأ الإخوان فى المرحلة المقبلة بأن الانتماء للجماعة سيكون مكلفا ليس فقط من خلال القبض والتحقيق والمحاكمة ولكن اقتصاديا.
السؤال الجوهرى: إذا كانت الدولة قد شرعت عمليا فى هذه الاستراتيجية، فما الذى تملكه الجماعة كى ترد أو تواجه هذا الأمر؟!.
سؤال مفتوح على إجابات كثيرة.


