خبر : الفوضى تطل من جديد! ...بقلم: عبد الناصر النجار

السبت 05 أكتوبر 2013 10:02 ص / بتوقيت القدس +2GMT



صور قوات الأمن الوطني خلال دخولها جنين تشعرك بأنك أمام جيش منظمة التحرير الذي نفتخر به، ولكن في الوقت نفسه فإن الهدف المعلن لدخول هذه القوات والمتمثل بالقضاء على مظاهر الفوضى التي تجدّدت في المحافظة خلال الأشهر الماضية، يضع مجموعة من علامات الاستفهام؟! وأهمها لماذا وكيف عادت هذه الفوضى؟ ولماذا سمح لها بالنمو حتى يستدعي الأمر إعادة استئصالها مرة أخرى؟

ولكن هل الفوضى المتجددة تنحصر فقط في محافظة جنين، أم أننا نشاهدها في كثير من المحافظات بطرق وأساليب مختلفة؟ لعل أبرز أشكال هذه الفوضى تلك التي تنتشر في مناطق (ج)، وخاصة حول القدس، حيث تحاول سلطات الاحتلال بكل الإمكانيات إبقاء هذه المناطق في حالة من عدم الاستقرار وتغذيتها بالمشاكل العائلية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها الكثير.
لا أدري إن كان المسؤولون بدرجاتهم المختلفة يمرون مثلاً من أمام "معبر قلنديا" وحتى مشارف رام الله والبيرة، وإذا ما مروا من هذه المحافظة ما هي انطباعتهم؟ وهل تكون ردودهم على الفوضى الشاملة في كل شيء، هي أن الاحتلال يمنع السلطة من القيام بدورها في هذه المناطق؟
لعلّ أبرز مظاهر الفوضى البناء العشوائي ووضع اليد على كثير من العقارات والأراضي التي يوجد مالكوها في الخارج، وإقامة أبراج لا أحد يعرف مدى صلاحيتها للسكن ومطابقتها للمواصفات؟ أم أننا سنشهد ـ لا سمح الله ـ في سنوات قريبة انهيار بعض هذه الأبراج بسبب الغش والرغبة في الثراء السريع؟!
لا نريد أن نتحدث عن فوضى المرور في هذه المناطق حيث تتزاحم السيارات المشطوبة والمسروقة وغير المرخصة وتلك التي يقودها أطفال لا يتجاوزون السادسة عشرة من العمر، ولا عن الفوضى التي تستمر عدة ساعات في صباح كل يوم ومسائه!.
السؤال: هل فوضى السلاح لم يسمع بها المسؤولون؟ وهل الاشتباكات بالأسلحة الرشاشة في عدد من الأحياء المقدسية، والتي لا يحلو لمستخدميها إلاّ أن يظهروا مهاراتهم بعد منتصف الليل؟! من أين يأتي هذا السلاح والفوضى، وما هي نتائج تراكمه؟
إضافة إلى تصاعد الجريمة في كل المحافظات يومياً نسمع عن سرقات واعتداءات و"زعرنة" دون أن تكون لدينا أرقام أو إحصائيات حقيقية عن تصاعد الجريمة.
يقول أحد المواطنين في ضواحي القدس، إنه سجل لدى شرطة الضواحي ثلاث جرائم وقعت له خلال السنوات الماضية، دون أن يتم الكشف عن أي واحدة منها أو حتى يتم الاتصال به لإخباره عما حصل في هذه القضايا.. والأمثلة كثيرة في هذا المجال.
جيد أن تكون هناك محاولات لإعادة الأمن، ولكن هذا الأمن يجب أن يكون في كل المناطق ويشمل كل مناحي الحياة.. وأن تكون سلطة القانون فوق الجميع دون استثناء، وفي كل المناطق (أ. ب. ج).. ولا تجعل الاتفاقات حجة لعدم القيام بهذا الواجب.. من يسكن في منطقة (ج) لا يستغني عن منطقتي (ب) و(أ) والسلطة بأذرعها قادرة على المحاسبة والملاحقة.. وإذا كانت سلطات الاحتلال لا تحترم اتفاقات أوسلو، وتقوم بكل جرائمها في المناطق (أ) دون حسيب أو رقيب، فمن الأولى، أيضاً، إعادة حساباتنا من أجل إعادة ضبط هذه المناطق ومحاسبة المعتدين والفوضويين فيها. أما إعادة الأمن فيجب أن نذهب إلى مفهوم الأمن الشامل للمواطن وهو الوحيد القادر على قطع دابر الفوضى بكافة أشكالها.
الأمن الشامل يعني أمن المواطن نفسه، والأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي.. وهذا يحتاج إلى تنمية حقيقية وتوفير موارد مالية حقيقية من أجل النهوض الحقيقي بالمجتمع، دون ذلك قد تستطيع أن تقضي على مظاهر الفوضى المنتشرة هنا وهناك ولكن دون اقتلاعها من الجذور لتعود وتنمو في ظل ظروف تساعد على ذلك.

abnajjarquds@gmail.com