"نعم مائتان وخمسون يورو غرامة البصاق في الشارع في لندن" هذا الخبر سمعته في الإذاعة يوم 26/9/2013.
حرّك الخبرُ أشجاني، واستدعى أخبارا أخرى من العالم حول الموضوع نفسه:
ففي سنغافورة أيضا غُرّم تسعةُ أشخاص لأنهم أيضا بصقوا على الأرض، وخُيِّروا بين دفع مبلغٍ مالي، وبين التطوع في برامج النظافة العامة في الشوارع، فاختاروا التطوع.
وفي الهند أيضا جمعتْ بلدية ممومبي 437000 $ ، هي مجموع مخالفات البصاق على الأرض، وتبلغ الغرامة الفردية أربعة دولارات على الباصق.
أوردتُ الأخبار السابقة بعد أن صار البصاقُ على الأرض عادة غير مستقبحة في وطني، ولم يعد الأمر غريبا بين كثيرين، وصار كثيرون يبصقون على يمين ويسار.
إن البصاق كذلك جزءٌ من كارثةٍ أكبر وهي انتشار القمامة في الشوارع والمتنزهات، على الرغم من وجود حاويات قمامة فارغة غير بعيدة عن مكان قذف النفايات.
مَن يرغب في رؤية مناظر القمامة فلينظر إلى الحدائق صباح يوم السبت بعد عطلة يوم الجمعة، فإنه يرى عجبا!!! أكواما من القمامة، وإلى جوارها عشرات حاويات القمامة فارغة!!
تذكّرتُ وأنا أشاهد عبوات المأكولات الفارغة تتناثر في كل مكان، وإلى جوارها معلبات المشروبات الفارغة، وبقايا القهوة والشاي في الأكواب الورقية والبلاستيكية في حديقة الجندي المجهول في غزة، تذكرتُ صديقا حدثني عن رحلته إلى سنغافورة، وكيف رفض بائعٌ أن يبيعه قميصا، لأن صديقي المشتري كان يعلك اللبان حتى يتخلص من بقايا البصل في طعامه، فسنغافورة تفرضُ غرامة كبيرة على تاركي بقايا اللبان، لأن تنظيفه من الشوارع يكلف الدولة الملايين!
تذكرتُ صديقا آخر لي سرد لي قصة صاحب منزلٍٍِ في غزة، قرر أن يتخلص من بئر المجاري في بيته غير المربوط بالشبكة، فقام بتفريغه في الشارع العام، فالشارعُ العام عند كثيرين هو ملكية عامة، ينبغي على كل فردٍ أن يحصل على حقه الشخصي من الشوارع والمتنزهات، ليس بالتنظيف، ولكن بالتوسيخ!
أسئلة تحتاج إلى إجابات:
ما فائدة التربية والتعليم، إذا كان محيط الجامعات والمدارس من أكبر أماكن تجميع القمامة؟
ما مستقبل الشعوب التي يحتاج كلُّ فردٍ فيها، إلى موظف نظافة يمشي وراءه لتجميع ما يخرج من فمه من نفايات؟
متى يمكننا أن نستفيد من تجارب الأمم، لنعرف أن الشوارع في الأوطان هي مرايا للشعوب، فمن يزر بلادنا، يمكنه أن يحكم علينا بمجرد سيره في شوارعنا دقيقة واحدة فقط؟!!
كيف نُفسِّر تزيُّن الشباب وبقاؤهم وقتا طويلا أمام المرايا يصففون شعرهم في بيوتهم النظيفة، بعد أن يحلقوا ذقونهم ويغتسلوا، ولكنهم عندما يخرجون إلى الشارع يبدؤون يومهم بالبصاق فيه؟!!
لماذا تنشط البلديات في جمع الضريبة من البائعين في الأسواق، ولا تفرض عليهم غرامة رمي النفايات فيه، فمن أراد أن يرى كارثة بيئية فليزرْ سوقا شعبيا في غزة بعد انفضاضة بساعة من الزمن؟!!


