خبر : في ليلة حب ...لنا شاهين

السبت 28 سبتمبر 2013 01:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
في ليلة حب ...لنا شاهين



قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف ، مذ حكيت لي حكاية الكركي والذئب وانا اتعجب كيف يصل الغباء بمخلوق حد وضع رأسه بين انياب عدوه طمعا في ثواب او خشية من عقاب ، فهل من الكائنات من هو اشد غباء وطمعا من ذلك الطائر ؟ قال بيدبا الفيلسوف ، نعم يا ملك الزمان وسيد العصر والأوان ، انهم عرب ليسوا على هيئة الطير ولكنهم على شاكلة بني الانسان ، لم يحشروا رؤوسهم فحسب بل كل اجسادهم بين فكي ذئب اسمه اوباما ويعمل رئيسا لدولة الامريكان ..

 

الشيخ باراك حسين اوباما الذي اعتاد ان يدغدغ احاسيس العرب والمسلمين كلما خاطبهم في عموم او خصوص ، بتلاوة ما تيسر له من آي الذكر الحكيم والاستشهاد بكل ما يسمح به الوقت والظروف من حكم ومواعظ دينية ، يبدو انه قد كان في عجلة من امره فنحى المقدمات والحواشي جانبا واعرض صفحا عن شغل الحواة والجلا جلا الذي اشتهر به وطرق الموضوع مباشرة ودون ان يبسمل ويحوقل كعادته في سبك الدور على من يخدع من العرب ، واعلن اعتزامه ضرب سوريا حتى يستطيع هو ومن يمثلهم من جموع الامريكان ان يضعوا اعينهم في عين التاريخ دون شعور بالخجل من فعلتهم النكراء لو تركوا حاكما يقتل اطفال شعبه بسلاح كيماوي يفلت من العقاب ، ولان الشيخ اوباما لم يقدم المشيئة هذه المرة فقد جاء اداؤه مرتبكا ومشوشا ومتخبطا كما لم يحدث لرئيس امريكي من قبله ، بدءا بطلبه تفويضا لا مبرر له من الكونجرس وانتهاء بقبوله المبادرة الروسية وايقاف تنفيذ الضربة العسكرية ، مرورا بتصريحاته وكلماته الموجهة للشعب الامريكي بما في ذلك قصة معارضة زوجته ميشيل للضربة بكل ما فيها من رومانسية مغرضة ، وكلها تجسيد باوضح ما يكون لمعنى التناقض بين الهدف والمسعى ، فقد كانت كل اقواله ومساعيه تصب في خانة الدعوة الى مناهضة ضربته لسوريا وعدم اقرارها ، بينما يفترض ان هدفه الاساس هو حشد الدعم لهذه الضربة والموافقة عليها ..

 

الحكاية كما اخرجها اوباما ذاته فيها ميشيل ، تخيلوا ايها السادة زوجة الرئيس الامريكي تستقبله في مخدعها بالبيت الابيض بعد عودته من جولات الجدل بشأن الضربة العسكرية لسوريا وسجالات الموافقة عليها او رفضها وهي ليست معصوبة الرأس و لا تصرخ في وجهه نحن بنات طارق ، ان تقبلوا نعانق او تدبروا نفارق.. الخ ، بل بابتسامتها الساحرة وهي تهمس في اذنه ، سيدي الرئيس هذه ليلة للحب وليست للحرب ، انا اعارض الضربة الامريكية لسوريا ..

 

بس خلصت ، وبحسب بيدبا الفيلسوف في الفصل الذي تركة عبد الله بن المقفع خاليا بلا كلمة واحدة عند نقله كتاب كليلة ودمنة الى العربية ، ليسجل فيه عرب زماننا هذا خلاصة حكايات الضياع والهوان والفرقة والتشرذم وخيانة الذات ، فقد خرج الذئب اوباما في اليوم التالي يقص رؤيته في ليلة الحب تلك على الناس وهو يعلم كم يقدس الشعب الامريكي الجانب الاسري من حياة رؤسائه وكم يؤثر راي السيدة ميشيل في موقفه من تاييد او معارضة قرار الرئيس ذاته .

 

على رسلكم ودعونا نتوقف قليلا لالتقاط الانفاس وحتى لا ننجرف لاهثين خلف ما يريدنا هذا الاوباما ان ننجر اليه .. انا قد توقفت بالفعل وعدت فقرأت ما كتبته سابقا عن اوباما وهالني كيف وقعت في المصيدة ، واكتشفت ان اوباما اروع واكثر مهارة وحرفية في اللعب من رونالدو وميسي الاثنين في واحد ، لماذا رونالدو اولا ؟ لانني مدريدية متعصبة ، اوباما قد سيطر على الكرة تماما ، وسحب دفاع الخصم كله خلفه بعيدا عن مرماه ثم ركل الكرة (دبل كيك) وظهره الى المرمى فاحرز الهدف الذي كان يريده منذ البداية وبالطريق السهل الممتنع ودون تكلفة من اي نوع ... الساحر اوباما لم يكن يريد عقاب الاسد ولا انقاذ اطفال سوريا من مخزونه الكيماوي ، بل كانت غايته المنشودة هي تفكيك الترسانة الكيماوية السورية وضمان عدم وصولها الى حزب الله او غيره ، بما قد يشكل خطرا على امن اسرائيل ومن ثم ولاياته المتحدة .

 

شيخ اوباما ، صورتك قد اضحت متناقضة الى حد يثير الضحك والبكاء في آن واحد ، ليس كشخص اوباما في حد ذاته ولكن بصفتك من اختاره مجلس صنع الرؤساء الامريكان رئيسا للولايات المتحدة في هذه الفترة بالذات ولاسباب جعلت شخصيتك وتكوينك وجذورك هي الضالة المنشودة بالنسبة لهم .. انيابك قد طالت وكبرت بما لا يخفى حتى على ليلى الصغيرة الطيبة الى حد السذاجة ، وبراثنك قد غدت اطول من صواريخك ، وهيئة الذئب في شاكلتك تبلورت وتجسدت ، فما عاد للعمامة والقفطان ولا للصليب على صدرك مكان ، فلم لا يكون اللعب على المكشوف ، وهو اصلا لم يكن في يوم من الايام لعب على المتغطي ، عند كل ذي صواب من امة طاش صوابها فاجتهدت في البحث عن حتفها بظلفها ..

 

بتصدق يا سيدي الشيخ ، وللا سيدي الرئيس ، او سيدي السفاح ، انني فكرت كسيرا و كسيرا ، بالسين وليس بالثاء على قولة عبد الحليم في قارئة الفنجان ، وانا اتوقف طويلا عند سؤالك البريء براءتك من دم ابن يعقوب ، " ماذا ستكون رسالتنا ، اذا استطاع ديكتاتور ان يقتل مئات الاطفال على رؤوس الاشهاد ، ثم يفلت من العقاب ؟" لا فض فوك ومات حاسدوك يا ابا الحسين ، والله ان الدمعة قد كادت تفر من عيني وانا اتخيل اؤلئك الاطفال الذين يشغلك القلق على مصيرهم وهم يحتمون في الغرف المحصنة ويضعون كمامات واقية من الغازات الكيماوية في كل مدن وقرى اسرائيل ، ام تراني اظلمك ظلما بينا بتفكيري غير السوي هذا ، فربما تكون قد قصدت اطفال العرب الذين قتل منهم الالاف وليس المئات حتى الان وبكل وسائل القتل التقليدية وغير التقليدية .. والحبل على الجرار

 

مؤكد انك تشير بتباكيك هذا على قتل الاطفال بالغاز الكيماوي الى اطفال غزة الذين لا يملكون كمامات واقية ولا غرف محصنة ولا حتى مخابئ تحميهم من الطبيعة لو غضبت وليس من جنون ديكتاتور او .. وخد بالك من او هادي .. او تعطش عدو للقتل وسفك الدماء تحت مختلف الذرائع وايضا على رؤوس الاشهاد ، واولها اشهادك انت ، وان كنت قد نسيت فاسأل مستشاريك وارجع الى مجلس شيوخك ونوابك ، او حتى الى قيادة جيشك الذي صنف الفسفور الابيض عندما قتلت اسرائيل به مئات الاطفال في غزة على انه سلاح كيماوي ..

 

ياعمي انتي وين يالنا شاهين والعالم وين ، اطفال غزة مين واطفال عرب ايش !! القضية اكبر من شوية اطفال يمكن الموت كان افضل لهم من الحياة في راي البعض.. القضية قضية امن اسرائيل وبقاء اسرائيل ، وتسيد اسرائيل على العالمين ..والقضية ، او ما كان هو القضية وغدا الان واقعا قيد التنفيذ الذاتي ، فهو تجزيء العالم العربي ومن ثم تفتيت المجزأ وزرع فايروس التآكل الذاتي في المفتت ، فيذبح الابن ابيه ويخنق الاب ابنه ويسفك الاخ دم اخيه ولا يبقى كيان واحد في المنطقة متماسك صلب يستطيع ان يحمي نفسه حتى من نفسه غير اسرائيل ، والمجد لامريكا والبركة كل البركة في بروتوكولات حكماء صهيون التي لم ولن يقرأها احد منا الا من رحم ربي

 

ويا شيخ اوباما ، قد اجدت اداء دورك فسحرت على اعين المسحورين اصلا بجهلهم وحقدهم وطمعهم ، حتى طغى النظر في التعامل مع نتائج مناوراتكم والاعيبكم الظاهرية على التفكير فيما اقترفتموه من شرور وآثام الوصول بالوضع في بلادنا الى حدود التيه بين الحق والباطل ، والسيرعلى حد سكين فك الارتباط بين الدكتاتورية والديمقراطية ، فلم يعد انقاذ الشعب ممكنا دون ان تعني حمايته من الدمار على يد العدو الخارجي ، استمرار دكتاتورية حاكم ظالم . وحتى لم يعد في بلادنا العربية كلها الا اخوة اعداء .

 

ويا دبشليم الملك ، نعم هناك من هم اغبى واكثر طمعا من الكركي الذي ادخل رأسه بين فكي الذئب لينتزع الشوكة التي قضت مضجعه ، وعندما انجز مهمته بنجاح وطلب المكافأة قال له الذئب ، وهل هناك مكافأة اكبر من حياتك ! لقد تركتك تخرج رأسك سليما من فمي .. نعم ، انهم العرب الذين لم تخرج رؤوسهم بسلام من فم الذئب.

 

سؤال اخير واعذروني ان اطلت عليكم فاثقلت ، هل عاد الوضع في سوريا ورديا حالما آمنا مستقرا بعد ان ابتعد شبح الضربة الامريكية العسكرية ، ربما مؤقتا ؟؟ يعني بالبلدي او بالمشرمحي على قولة السوريين ، ما الذي خرج به الشعب السوري واطفاله وكل العرب بعد ان خرج اوباما بتاكيد بقاء اسرائيل متفردة بامتلاك اسلحة دمار شامل في المنطقة ؟؟

 

ويا ست ام ماليا ( اسم الابنة الكبرى للسيدة ميشيل ) ما دمت ماليا ايدك من زوجك فاطلبي منه ان يحذف لنا اجابتين في لعبة الربيع العربي هذه ، ووشك عليها ، لن نستعين بصديق بعد اليوم .

 

قلبك ابيض يا لنا شاهين ، قال يعني باقي فيها اصدقاء .