لعل المتابع لشؤون اضرابات الطلبة في الجامعات الفلسطينية، خلال السنوات الماضية، يمكنه ان يلحظ بوضوح، بأن مؤشر تلك الاضرابات، آخذ في التصاعد والحدة في آن.
في الحالة الراهنة، حالة اضرابات جامعة بيرزيت، برزت الحدة بوضوح وجلاء، كما وتجلت روح التمرد على قوانين الجامعة والمجتمع، على نحوٍ يدعو للتساؤل والدراسة المتأنية.
من مظاهر هذا الاضراب، طول مدته، حتى بات يهدد الفصل الجامعي، وبالتالي سيؤثر سلباً على مسار العملية التعليمية والتربوية في الجامعة، وهذا يمس بشكل مباشر، بجموع الطلبة، وسمعة الجامعة الاكاديمية، الى جانب، بروز نوع من التعنت غير المفهوم وغير المقبول، ابان التفاوض مع ادارة الجامعة، او جهات نقابية اخرى. هنالك تعنت شديد، الى جانب تردد وعدم حسم الامور، والى جانب هذا وذاك تجلت ظاهرة العنف، وهي ظاهرة شديدة الخطورة، اغلاق ابواب الجامعة عنوة وبشكل حاسم وقاطع، ومنع الهيئة التدريسية والهيئة الادارية وغيرهم من دخول الحرم الجامعي بل واللجوء للعنف في منع دخول اي كان للحرم الجامعي.
هل أن السبب هو رفع الاقساط الجامعية فقط؟
مجريات الامور، تشير بوضوح وجلاء، الى غير ذلك.. هنالك اقرار من ادارة الجامعة، بتأجيل وتقسيط او مساعدة من هو محتاج، شريطة ان يتقدم بطلب بذلك، وهذا ليس عيباً او غير مألوف، معظم الجامعات في العالم، تعمل بهذا المبدأ، وكاتب هذه السطور، سبق وان درس الماجستير في الجامعة اليسوعية في بيروت، وفق هذه الصيغة، ولولاها لما درس ..
السبب الحقيقي لا يكمن في المطالب النقابية، فكلها تم التعامل معه بايجابية وشفافية، وتم التوصل الى حلول مرضية للاطراف جميعاً.
اميل للاعتقاد، بأن السبب الحقيقي الكامن وراء حدة الاضرابات وميلها نحو العنف، هو "الاحتقان الشبابي" ان جاز التعبير.
هنالك حالة من الاحتقان الشديد والخطر، في اوساط شبابنا الفلسطيني، هنالك آلاف الخريجين الجامعيين دون عمل، وآلاف الآلاف يعملون برواتب متدنية لا تسمن ولا تغني من جوع، وبغير اختصاصاتهم، والسوق ملأى بهؤلاء الذين ينظرون لمستقبل لا يرون فيه أفقا.
هنالك بطالة متفاقمة ويزداد خطرها، وهنالك عدم تكافؤ في الفرص، وهنالك محيط عربي مضطرب، بل وشديد الاضطراب ويؤثر سلباً على الشباب الفلسطيني، المضطرب اساساً. الى جانب ذلك، هنالك قوى سياسية تقوم بالتعبئة وتحميل السلطة مسؤولية ذلك .. ويصبح توجه الشباب، في مواجهة السلطة .. السلطة السياسية .. الاكاديمية .. او أية سلطة تواجهه.
الاحتلال هو من يتحمل مسؤولية الاحتقان الحاصل، خاصة في اوساط الشباب، الاحتلال هو السبب الحقيقي في البطالة وانسداد الافاق امام الشباب، والتحرر والاستقلال هو الخلاص.
قد تتحمل السلطة او سلطة الجامعة، بعض المسؤوليات .. لكن ذلك هامشي، بالمقارنة مع الاحتلال وما يتركه من آثار سلبية على مجتمعنا!


