خبر : الهلباوى:إذا لم يستخدم الجيش قوته فسنرى نساءنا يتسولن أمام مساجد ليبيا والسودان

الأحد 22 سبتمبر 2013 10:46 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الهلباوى:إذا لم يستخدم الجيش قوته فسنرى نساءنا يتسولن أمام مساجد ليبيا والسودان



القاهرة الشروق

تفكير الجماعة «ضحل».. والمحتوى «ليس سليما» والقيادة «لم تكن مُبهِرَة»

على الإخوان الاعتذار عن أخطائهم ووقف بذاءاتهم.. والخروج من السرية إلى العلنية

الإخوان سقطوا.. ومستقبل الجماعة محفوف بالمخاطر

أجرى الحوار : حمدى سليم

رغم وحدة المنبع الفكرى، فإن اختلافًا كبيرًا يميز القيادى السابق فى جماعة الإخوان الدكتور كمال الهلباوى عن باقى رموز الجماعة، قد يكون سبب انفتاحه عنهم مكوثه فترة من حياته فى بريطانيا، بعيدًا عن كهف الجماعة وكهنتها، وقد يكون لأن الهلباوى نشأ داخل جناح مختلف أقل تزمتًا وتطرفًا، بجماعة الإخوان.

فى هذا الحوار، لـ«التحرير» مع الهلباوى يظهر الرجل تباينًا عميقًا بينه وبين الإخوان، من خلال تحليله الواقع الحالى وواقع الجماعة، ومن خلال نصائحه لرفاق الأمس، من قيادات الجماعة.

■ كيف ترى مستقبل الإخوان بعد انهيار الجماعة والقبض على قادتها؟

- المستقبل محفوف بالمخاطر، حيث إن الواقع يقول إنه منذ اعتلاء الإخوان الحكم فى مصر، فشلوا فى إنجاز مقتضيات الوظيفة ومتطلبات السلطة، وما كان يأمله الناس منهم مثل الحكم الرشيد أو على الأقل حكم يخالف ما كان عليه النهج السابق، كما ظهر عجز كبير فى أداء مرسى وبدا أنه يعيش فى عزلة عن الشعب، ولم يهتم بتنفيذ أهداف ثورة 25 يناير. وفى ضوء أن أول مرة فى التاريخ يخرج قطاع كبير من الشعب ضد الإخوان لدرجة أنه لا أحد من قياداتهم يستطيع السير فى الشارع، ولا يمكنه الجلوس على مقهى، ولا أن يخطب فى مسجد ولا يهدى الناس وبعد الاعتصامات (يقصد اعتصامات رابعة والنهضة وما تبعها) التى دارت فى إطار من التحالف الإسلامى الذى سمى نفسه «تحالف دعم الشرعية»، وما صدر عن هذا التحالف من بذاءات وفتاوى غريبة جدا، لم يفكر فيها الإخوان يومًا ما، إنما تحملوها لأنهم هم من يرعون ذلك، مثل فتاوى عاصم عبد الماجد وصفوت حجازى وكلام محمد البلتاجى وغيره من الناس الذين تحدثوا، حتى محمد بديع، فى ضوء هذا كله، فمستقبل الجماعة فى الحقيقة محفوف بالمخاطر.

الناس فى مصر يفكرون الآن فى منع الأحزاب على أساس دينى ويعتبرون أن الاحزاب الإسلامية مشابهة لما كان عليه الأساس الدينى فى أوروبا فى العصور الوسطى، الأمر الثانى أن بعض الناس يطالبون بوضع الإخوان على قائمة الإرهاب فإذا انتهجوا الإخوان سياسة جديدة واعتذروا لهذا الشعب واعترفوا بأخطائهم واعتذروا عنها وتوقفت البذاءات التى نسمعها أو التى نقرأها على الجدران أو فى المواقع الإلكترونية على شبكة الانترنت وبدؤوا برنامجًا لإعادة تربية الشباب وقاموا بمراجعات وبناء جسور الثقة بينهم وبين الشعب وأعلنوا أنهم سيعتزلون السياسة عشر سنوات على الأقل، وركزوا على الدعوة ربما يستعيدون بعض الثقة بينهم وبين الناس، أما إذا استمروا فى ما هم عليه من نهج وإصرار على ما يسمى بالشرعية وإصرار على الحشد وإصرار على المسيرات والتحالف من أجل الشرعية، بما فيه من عنف وتكفير ورفع أعلام القاعدة، فأعتقد أنهم يجهزون لدعوة تكون فى الإنعاش، وليست دعوة حقيقية، وعليهم أن يخرجوا من السرية الكاملة إلى العلنية الكاملة ومن القطبية إلى البناوية.. هذا ما يساعد فى أن يكون لهم مستقبل، ويتوقف المستقبل على أدائهم ومن أخطر ما يواجه الإخوان المسلمين من عقبات فى المستقبل هو ضعف قراءتهم الواقع، حتى وهم فى السلطة لم يستطيعوا قراءة الواقع وحين سئلوا عن 30 يونيو وحركة تمرد قالوا «زوبعة فى فنجان»، والذى لا يقرأ الواقع جيدًا لن يفهم المستقبل على الإطلاق.

■ إذا سلمنا بوجهة نظرك وهى «أن يخرج الإخوان من السياسة لمدة 10 سنوات على الأقل ويتفرغوا للجانب الدعوى».. السؤال: هل للإخوان دور دعوى؟

- هم عندهم قسم للدعوة وعبد الرحمن البر (مفتى جماعة الإخوان) قال لى ذات مرة إنه يضم 12 ألف إمام مسجد.. هذا جيش.

■ لكن فكر من يصفهم عبد الرحمن البر بأنهم «أئمة» فكر ضعيف يكاد يكون ضحلًا.. نحن نراهم فى المساجد.. هم ينشرون التطرف بسبب ضحالة ثقافتهم وعجزهم عن التفسير وعدم قدرتهم على تقديم دليل من القرآن والسنة على ما يقولون.

- لا بد أن يتم تأهيلهم وتربيتهم جيدا على أسس التربية الإسلامية الصحيحة، يجب إعادة تأهيل الدعاة فكريًّا وثقافيًّا ونفسيًّا.

■ ما رؤيتك لمصير كوادر وشباب الإخوان فى ضوء ما هو حاصل الآن؟

- شباب الإخوان لن يبقوا كما هم، وأتوقع أن يترك غالبيتهم الجماعة، وجزء منهم سيبحث عن طريقة أخرى، والفريق الثالث قلة ستبقى لأنها توافق على منهج قيادات الإخوان حاليا، أما القيادات أنفسهم فقد يبقون كما هم فى السجن بلا أثر كبير فى المجتمع.

■ هناك مجموعات من شباب الإخوان تحاول أن تتشكل خارج الإطار التقليدى أو خارج إطار تنظيم الجماعة مثل «إخوان بلا عنف» وخلافه، هل هناك مستقبل محتمل لهذه المجموعات؟

- من أهم المجموعات التى تتشكل حاليا مجموعة «تحالف شباب من أجل مصر»، وهم مجموعة ما زال الكثير منهم داخل الإخوان، لكنهم بدؤوا يشقون طريقًا خارج الجماعة، وكونوا حزبًا اسمه «شباب من أجل مصر» وأبلغونى أنهم جمعوا 10 آلاف توقيع منها 7 آلاف من أعضاء فى جماعة الإخوان، وأنهم كانوا ضد اعتصام رابعة العدوية وضد استمرارية الأمر الحالى، وكانوا مع فض الاعتصام مبكرا قبل الإصابات والقتل وما إلى ذلك، وهم يريدون أن تكون لهم علاقة جيدة مع كل مؤسسات الدولة على أن يبدؤوا بالتنمية، وأن يحدثوا ثورة زراعية وصناعية وتقنية وعلمية، وشعرت أنهم يتلمسون الطريق الصحيح، وأنه لا داعى أبدًا لأن يكونوا على علاقة سيئة مع مؤسسات الدولة، مثل جماعة الإخوان التى كانت علاقتها سيئة مع الجيش والشرطة والقضاء والأزهر والإعلام.. مش ممكن.

■ هل لك لقاءات منتظمة معهم؟

- لا.. ليست لقاءات منتظمة، لكنى قبلت أن أكون مستشارًا للشؤون السياسية فى الحزب الجديد الذى شكلوه، ورفضت أن أكون رئيسًا له.

■ إذا كان علينا واجب السعى إلى إدماجهم فى المجتمع، فهل هم قابلون للاندماج فى تقديرك؟

- تقديرى أنهم سيسعون إلى هذا الاندماج، ولا بد أن يبذلوا بعض الجهد للاندماج وقبول المجتمع، لأنه كان فيه نوع من التربية تركز على العزلة الشعورية عند الشباب عن المجتمع، وكأنه مجتمع جاهلى، وأنا دائمًا أقول لهم خذ أى أسرة نموذج، ولتكن أسرة الهلباوى على سبيل المثال، فستجد فيها علماء وفقهاء وفيها فلول وبلطجية وفيها نساء منتقبات ونساء محجبات ونساء سافرات، هذا هو المجتمع الذى نعيش فيه إذا كنت تقبل أسرتك الصغيرة فمن باب أولى تقبل المجتمع الكبير.

■ نتذكر هنا أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قَبِلَ إسلام الناس بالقول؟

- دائما أقول للشباب إن بوابة الإسلام هى شهادة لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.. أما بعد دخول البوابة فهناك تحسينات وكماليات وترتيبات منها ما هو ضرورات ومنها ما هو واجب.. منها ما هو نفل أو سنة من السنن حسب مراتبها.. بعض الشباب شغلوا أنفسهم بقضية التكفير، فى حين أن مسألة تكفير شخص أو الجماعة المعينة أو حزب معين أو بلد معين تشكل خطورة ما بعدها خطورة.

■ إذن هل تعتقد أن شباب الإخوان يحتاجون إلى مراجعات فكرية؟

- كل الإخوان يحتاجون إلى مراجعات فكرية وليس الشباب فقط، يحتاجون إلى مراجعات فكرية وسياسية وثقافية بحيث تعالج هذه المراجعات مسألة السرية والعنف والتشدد الذى يصل إلى حد التكفير أحيانًا، وكذلك لغة الخطاب، فالإخوان الآن من الصعب أن يتكلموا مع الشعب، بينما هناك لغة بينهم يفهمونها مع بعضهم البعض.

■ ما رأيك فى الأحزاب التى تصف نفسها بأنها أحزاب إسلامية أو ذات مرجعية دينية، وما تقييمك لتجربتها؟

- الإسلاميون فى مصر يجب أن يجلسوا أولا مع بعض، وأن يتفقوا على سمات ومعالم للمشروع الإسلامى، وأن يضعوا خطًا للفكر الإسلامى وللطريقة والمنهج الإسلامى، ولا بد أن يقبلوا بعضهم فى البداية حتى يقبلهم الناس.

■ هل يضمن التنظيم الدولى للإخوان أى مستقبل للجماعة؟

- لا أحد يضمن شيئا، أنت تعيش فى عالم متصارع فيه قوى عالمية وقوى محلية، والإخوان يدوب داخلين فى السياسة والإدارة فى دول مثل مصر وتونس والمشاركة فى ليبيا، والمشاركة البرلمانية فى أماكن أخرى، فلا أحد يضمن شيئًا.

■ بصرف النظر عن الضمان هل يوفر التنظيم الدولى أرضية صلبة لوجود إخوانى سواء فى مصر أو فى مختلف دول العالم؟

- الأزمة فى مصر فرضت على التنظيم الدولى عبئا أكبر مما يستطيع أن يحملها.

■ هل التنظيم الدولى كيان ضخم مؤثر يخطط ويقود عمليات كبرى فى دولة هنا أو أخرى هناك، أم أن ذلك التنظيم مجرد أشخاص؟

- أنا عشت فى هذا التنظيم، وأعرف عنه الكثير، وهو تنسيق دولى لا يصل إلى مستوى التنظيم، ربما بعد ثورة 25 يناير والربيع العربى يكون الناس اللى فى التنظيم الدولى «شموا نَفَسْهم شوية» وأصبحوا يأتون إلى مصر ويخرجون منها، إنما انقطعت هذه الميزة بخروج مرسى وعزله، وتَحَمَّلَ التنظيم الدولى عبئًا كبيرًا، فضلًا عن قضايا أخرى مثل قضايا فلسطين والأردن وسوريا وما إلى ذلك.

■ سؤالى هو: هل التنظيم الدولى مجموعة من الأفراد أم كيان؟

- نواة التنظيم تتكون من إخوان من دول مختلفة، مثل مصر وسوريا وبعض دول الشمال العربى، وبعض دول الخليج، وإندونيسيا وماليزيا، يرسلون من يمثلهم لمناقشة الموضوعات المختلفة، والأوضاع المتأزمة فى السياسة والإعلام والتربية.

■ هل علاقات الجماعة مع القوى الدولية توفر أى مستقبل للجماعة، خصوصًا أن القوى الدولية تعمل بمنطق براجماتى بحت، وهى قوى تريد دائمًا أن تحتفظ بمخلب قط هنا، وآخر هناك؟

- ظنى أن الإخوان عاشوا طول عمرهم فى عداء مع القوى الغربية الرسمية بسبب قضية فلسطين، ولا أعرف متى ولا كيف بدأت العلاقة بين إخوان مصر وأمريكا بشكل قوى، وأعتقد أنها علاقة لن تصب فى صالح الإخوان أبدا، ولا فى صالح الشعوب العربية.

■ يمكن أن تصب فى خانة تبادل المصالح.

- ستكون مصالح مؤقتة، وغير مفيدة، فالغرب يريد باستمرار هيمنته، وأن تسود استراتيجيته.

■ ويمكن للقوى الدولية والغربية استخدام قوى محلية من أجل هذا الهدف.. ومن هذه القوى جماعة الإخوان التى يمكن أن يستخدمها الأمريكان.

- كل شىء ممكن.. مع الأمريكان كل شىء ممكن.

■ إذن كيف نتعامل نحن مع هذا الوضع؟

- نحن مين؟

■ نحن كدولة وكمجتمع.

- ظنى أنه لا يجب أن يُسْمَح لأحد بعلاقات مع الغرب والقوى الدولية إلا من خلال إطار الدولة، كما كان يفعل الإخوان زمان حين يأتى أحد من الخارج ليقابلهم كانوا يشترطون فى ذلك وجود مسؤول من وزارة الخارجية، وهذا مناسب لأن تكون الدولة على علم بما يجرى، لكن الإخوان تناسوا هذا الكلام.

■ جماعة الإخوان قبل ثورة 25 يناير كانت ديناصورًا سياسيًّا تخشاه كل القوى والجميع يسعى إليها ويخطب ودها طلبًا للتنسيق معها.. كيف انهار هذا الديناصور بتلك السرعة؟

- لأن المحتوى لم يكن سليمًا والقيادة لم تكن مُبْهِرَة، والتكوين اتضح أنه كان هشًا والتفكير ضحل، كل هذا سبب الانهيار.

■ هل الإشكالية هنا تعود إلى عيوب هيكلية فى التنظيم أم أخطاء فكرية؟

- لا.. العيب فى التربية والتنشئة، لكن التنظيم قوى، ومشكلة التنظيم أنه أهم من الفكر عند بعضهم (بعض الإخوان) فيستخدم بسهولة فى أى شىء.

■ هل يمكن أن تغير جماعة الإخوان مبدأ السمع والطاعة مستقبلًا فى ضوء الانهيارات التى حدثت؟

- لا تُغيرِه، لكن تُنضِجه، يعنى السمع والطاعة تكون مبصرة، هذا هو الواجب فإذا فعلت الجماعة هذا وكان هناك ثقة كاملة طيبة بين القادة والقاعدة يمكن أن تنجح، فى ظل مبدأ السمع والطاعة.

■ لكن هل يمكن أن يستقيم مبدأ السمع والطاعة فى العصر الحديث المطلوب فيه أن نفتح عقولنا جميعا أمام بعضنا، مع ملاحظة أنه إذا سُمِحَ بفتح عقول الجميع لن تكون هناك سمع وطاعة؟

- السمع والطاعة مبدأ موجود فى أى مجموعة، أى حزب سياسى يسمع ويطيع فى الأمر السياسى بعد النقاش، والحوار لا أحد يتخذ موقفًا مخالفًا.

■ فهمت أنك تعنى الالتزام بالقرار الجماعى للمجموعة أو الحزب.

- نعم وعلى سبيل المثال حزب العمال فى بريطانيا قليل جدا من الأعضاء الذين خرجوا عليه، واتخذوا موقفًا مخالفًا مثل جورج جالوى مثلا الذى اتخذ موقفًا من قضية فلسطين يخالف موقف حزب العمال.

■ كيف ترى دور الجيش المصرى حاليا؟

- الجيش قام بدور وطنى بامتياز، وإذا لم يستخدم الجيش قوته فى حماية الأمن والوحدة الوطنية فى مصر فأخشى أن تنتقل الحروب المشتعلة فى دول بالمنطقة إلى مصر، ونرى نساءنا يتسولن أمام المساجد فى الخرطوم وفى ليبيا، وليت الإخوان والإسلاميين يفهمون هذا ويقدرون هذا الوضع الصعب.. ليس هناك الآن فى مصر جهة منظمة غير القوات المسلحة القادرة على حماية الوطن من التفتت والتدخل الأجنبى.

■ ما قراءتك للمشهد فى سوريا؟

- تدمير سوريا بهذا الشكل خطأ، سواء استمر بشار الأسد فى السلطة أو لم يستمر، سواء حكمها الإسلاميون أو حكمها الجيش الحر، فسوريا ذهبت إلى دمار، ولا يستفيد من هذا الدمار إلا إسرائيل وأمريكا طبعًا، ولذلك فدعوات الجهاد فى سوريا كانت دعوات غير ناضجة، وكان من الواجب على العلماء أن يصروا على إصلاح الطرفين فى سوريا بدلا من وصول المشهد لهذا الحد، وبالمناسبة أقول لمن ينادون بوضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب، إن وضع أى فصيل على قائمة الإرهاب والعجز عن مواجهته وتصنيف مصر على أنها دولة عاجزة عن مواجهة الإرهاب أو تعانى منه، خصوصا بعد ظهور أعلام تنظيم القاعدة فى بعض المظاهرات، فضلًا عن حرق الكنائس واستهداف قساوسة وما يدور فى سيناء واتهام مصر بأنها دولة راعية للإرهاب أو تعانى منه.. كل هذا يفتح الباب على مصراعيه للتدخل الأجنبى