خبر : الفرصة ألأخيرة للسلام ...بقلم: د.ناجي صادق شراب

السبت 21 سبتمبر 2013 08:43 م / بتوقيت القدس +2GMT



لقد تجاوز الفلسطينيون والإسرائيليون بدور أمريكى ضاغط ومؤثر مارسه وزير الخارجية الأمريكية من خلا ل ست زيات للمنطقة في تجاوز عقبة إستئناف المفاوضت ، ودفع بالطرفين إلى طاولة المفاوضات ، وهو إنجاز لا يمكن التقليل من شأنه في أعقاب المواقف المتصلبة للطرفين في التمسك بمواقفهما من المفاوضات . الفلسطينيون ذهبوا للمفاوضات وليس معنى ذلك انهم قد تخلوا عن مطالبهم بوقف الإستيطان الذي ما زال قائما رغم إسستئناف المفاوضات ـ ولا ألإسرائيليون تنازلوا عن المطالبة بالإعتراف بيهودية إسرائيل كدولة . وهذا أمر لا خلاف عليه ، لأنه لو تنازل كل طرف عن مواقفه أو إستسلم للواقع التفاوضى الذي لا يبدو لي يعمل لصالح الفلسطينيين ، والجديد في هذه المرة إسرائيل التي في وضع تفاوضى أفضل . هنا يأتى الدور ألأمريكى وأهميته في الدفع بالمفاوضات إلى مسارات نهائية ، ففى حال عجزالفلسطينيون والإسرائيليون عن الإتفاق التفاوضى رغم إنه يتوفر توافق تفاوضى سابق يمكن البناء عليه، يأتى الدور ألأمريكى ليس من خلال الوساطة ، وبل من خلال تقديم المبادرات التي يمكن أن تجسر بين موقف الطرفين ، وهنا لا بد من طرح قاعدة تفاوضية أنه لا يمكن لأى طرف أن يحصل على ما يريد بالمعنى المطلق وهو ما يقود إلى القاعدة التفاوضية الثانية وهى التنازلات ، وهنا السؤال أين تقع دائرة التنازلات لكل طرف وخصوصا الطرف الفلسطينى الذي قدم من التنازلات إلى درجة الحد ألأدنى الذي يصعب معها تقديم مزيد من التنازل ، ومع ذلك التنازل أمر قائم ، لكن ماهيته وحدوده ، ومقابل أى تنازل يمكن إن يقدم ، وعلاقته بصورة التسوية النهائية ، هذه كلها مسائل تؤخذ في الإعتبار . المعيار في النهاية في المحصلة النهائية للمفاوضات في ضؤ عدم الحصول على شئ علي أرض الواقع ، او خسارة ما قد أنجز. .

وفى ظل المعطيات القائمه والتطورات ألأقليمية التى تشهدها المنطقة يمكن القول أن هناك فرصة تلوح فى سماء المنطقة ، وهذه المرة قد تكون الفرصة ألأخيرة لجميع ألأطراف وخصوصا إسرائيل ، لكن هذه المرة هى فرصة السلام ألأخيرة للجميع ، والتى إن لم تتحقق فسيكون البديل خيار الحرب والعنف والتشدد والتطرف والذى قد يأخذ المنطقة بأسرها ، ومصالح الولايات المتحده والدول ألأخرى الى الخطر الحقيقى ، وسيكون من الصعب على الجميع الخروج منها قبل حقبة زمنية طويله ، ولا أحد يمكنه التنبؤ بتداعياتها وتآثيراتها على مستقبل دول وأنظمة حكم قائمه.فالمفاوضات تأتى هذه المرة فى ظل تحولات فى موازين القوى التى تحكم علاقات المنطقة بغيرها من الدول ، والتى تحكم أيضا المصالح ألإستراتيجية للولايات المتحده فى المنطقة ، وتأتى أيضا فى ظل بروز فواعل إقليمية جديده لا يمكن تجاهل دورها، وتأتى في ظل تعثر ثورات التحول العربى ، وفقدان الإخوان للحكم في مصر، والذين كانوا وما زالوا يمثلون عمقا ودعما لحركة حماس التي قد فقدت الكثير من حلفائها ، وتواجه أزمة حقيقية في غزة ، وخصوصا بعد التأزم في العلاقات مع مصر ، مما قد يعنى تراجع دورها كقوة مؤثرة وحاسمه في العملية التفاوضية . وتأتى المفاوضات وخيارات الحرب والتسوية السياسية تتراوح بالنسبة لسوريا ، والتي بلا شك في كل الحالتين ستكون لها إنعكاسات على دور إيران وحزب الله ، وكل هذه التحولات لها أيضا تأثيراتها على مستقبل المنطقة ، وإعادة صياغتها ، ومفتاح كل هذه التحولات هى القضية الفلسطينية ، ما يعنينا إن هذه التغيرات والتحولات ستحكم تفكير المفاوض الفلسطينى ، وتعيد الحسابات الإسرائيلية ، وستدفع بدور أمريكى أكبر لتحقيق تسوية سياسية تنتهى بها المفاوضات بعد أشهر قليلة ،وقبل أن تدخل امريكا في زخم الإستعداد لإنتخابات رئاسية جديدة . . والذى قد يبعث على قدر بسيط من التفاؤل أن هناك فرصة للسلام مع القياده الفلسطينية التى يمثلها الرئيس عباس والذى يجعل من خيار المفاوضات خياره الرئيس ، وصحيح أن حالة ألأنقسام السياسى الفلسطينى ستلقى بظلالها على الموقف الفلسطينى لكنها لا تمنع من الذهاب الى المفاوضات ، والفرصة ألأخرى ألأدارة ألأمريكية الجديده وعزم الرئيس اوباما حتى ألأن على قيام الدولة الفلسطينية وألأقتراب من تسوية القضية الفلسطينية ، ولا شك ا ن هناك موقفا عربيا داعما ، لكن يبقى مستقبل هذه العملية التفاوضية مرهون بإسرائيل وخياراتها فى ظل حكومة يمينية يترأسها نيتانياهو وإئتلافه الداعم والمتبنى للأستيطان فى ألأراضى الفلسطينية ولو على حساب أى تسوية سياسية مع الفلسطينيين , وإصرار أسرائيل التمسك بالمبررات ألأمنية ، وتمسكها بمفاهيم تقليدية تحكمها رؤية أيدولوجية متعصبه ، وتلويحها بخيار الحرب فى معالجة الملف النووى ألأيرانى ، والتخوف من ذهاب الحكومة ألأسرائيلية فى حال وجدت نفسها فى مأزق المفاوضات والسلام أن تذهب لخيار ألأنتخابات المبكرة حتى تعيد مسيرة التفاوض من حيث بدأت ، وهنا يأتى الدور ألأمريكى ، وتوظيف علاقاتها ألإستراتيجية مع أسرائيل للضغط الفاعل دون هذه الخيارات ، وهنا قد يبدو الأعلان ألأمريكى أن أيران لن تملك القدرة على تصنيع القوة النووية قبل عام من ألأن ، وإذا ما ربطنا بين تحديد عام لأمكانية الوصول الى أعلان أتفاق بقيام الدولة الفلسطينية وهذا التصريح يمكن القول أن هناك فرصة للسلام .

لقد أعتادت أسرائيل ومعها الولايات المتحده اتهام الفلسطينيون بأنهم قد أضاعوا فرصا كثيرة للسلام وخصوصا فى عهد الرئيس ألأمريكى كلينتون ، وأنهم يجيدون فن أضاعة الفرص الحقيقية للسلام فى وقتها المناسب ، وهناك من يذكر حتى بأتفاقات ميناهاوس والتى وقتها لم تكن هناك مستوطنات إسرائيلية على ألأراضى الفلسطينية ، وحتى مع التسليم مع وجهة النظر هذه ، لكن ما يتم تجاهله حتى لو وافق الفلسطينيون كانت أسرائيل سترفض ذلك لقناعتها أنها لم تصل ال السلام الذى تريده والذى يقوم على توسيع ألأرض التى تحتلها ، وتقلص من أى أمكانية لقيام الدولة الفلسطينية الكاملة . وهذه المرة الفرصة ألأخيرة هى لأسرائيل دون غيرها ، دول عربيه مستعده للدخول فى علاقات كامله معها وفقا للمبادرة العربية التى أعطت أسرائيل أكثر مما قد حصلت عليه فى كل حروبها مع الدول العربية ، وقياده فلسطينية مستعده لأى أتفاق مقبول ومعقول ومتوازن قد يفضى بقيام الدولة الفلسطينية ، وعلى أستعدا د لأخذ أعتبارات أسرائيل ألأمنية ، ووضعا دوليا مؤيدا لها من ناحية ، ومعارضا وغير محتمل لبقاء أسرائيل كسلطة إحتلال ، وألأستمرار فى بناء ألأستيطان ، والتمسك بمعايير ألأمن التى يمكن التغلب عليها من خلال أى أتفاق سلام يقترب من الحقوق الفلسطينية ، وعليه أسرائيل باتت من وجهة النظر هذه عبئا إستراتيجيا على مصالح العديد من الدول الكبرى التى لها مصالح مباشرة فى المنطقة ، وأيضا عدم إأنتهاز هذه الفرصة ان تفتح كل أبواب المنطقة امام خيار حرب شامله هى الخاسر ألأكبر منها . وعليه فلم تعد هذه هى فرصة السلام ألأخيرة للفلسطينيين بل قد تكون فرصة السلام ألأخيرة لإسرائيل ، ومعها الولايات المتحده التى لها مصلحة مباشرة فى تسوية هذا الصراع وقيام الدولة الفلسطينية ، والتى بات قيامها مصلحة للجميع بما فيهم أسرائيل . هذه الفرصة ألأخيرة لتتحول الى حقيقة واقعة تحتاج الى رؤية سياسية شامله لكل قضايا المنطقة والى دور أمريكى قوى وفاعل . وأخيرا إما خيار السلام وإما خيار الحرب، والذهاب إلى إحياء موجة جديدة من الإرهاب والتطرف والتشدد، وهو قد يهدد مصالح جميع الدول .ولا خيار وسط بينهما ، وخيار الحرب وسط موازين القوى الجديده ، وتنامى دور الفواعل الأقليمية الجديده وتنامى قدراتها على المقاومة والرفض ، يكشف لنا من بعيد كيف ستكون صورة الحرب الجديده ، وهذه المرة لن يكون خيار الحرب الذى تقرره أسرائيل ، والتى قد تملك قرار بدءه ، لكنها لن تملك خيار أنتهائه ووقفه فى كل الأحتمالات ، ومن يملك خيار بدء الحرب ولا يملك خيار وقفها هو الذى سيدفع ثمن هذا الخيار ، وهذه هى الفرصة ألأخيرة لأسرائيل وليس للفلسطينيين فقط.

*أكاديمى وكاتب عربى

drnagish@gmail.com