خبر : مصارحات لأمي في ذكراها الثالثة ...بقلم خليل أبو شمالة

السبت 21 سبتمبر 2013 07:46 م / بتوقيت القدس +2GMT
مصارحات لأمي في ذكراها الثالثة ...بقلم خليل أبو شمالة



ثلاث سنوات على غيابك عن الدنيا ، أشعر ان الدنيا قد غابت عني خلالها ، وانني اعيش كما لو كنت مبنى عالي دون جدران وجذور ، ثلاث سنوات تهت خلالها عن الدنيا ، وتاهت الدنيا عني ، لم يعوضني فراقك أحد ولم تلهي الدنيا فكري عنك ، أحاول الاستمرار والعيش والمواجهة ، وأجد نفسي ضعيفا عندما احتاج لكلماتك ، وهمساتك / وحضنك الذي أعطاني دفئا وحنانا وسكينة ، وقوة المضي .
أمي ،،،
غبتي يامن كنت أجد الرحمة من أجلها ، ولا أعرف كيف يمكن أن أعوض رحمتي بسواكي، غبتي وكنت أظن أنني أصبحت رجلا قادرا على تجاوز فراقك ، فاكتشفت أني كطفل أحتاج بلهفة أن أطرق رأسي على صدرك في سكون ، ودمعي يملأ الجفون ، غبتي وقد تبعثرت أوراق حياتي ، أحاول أن أعيد ترتيبها ، ولكني وبمنتهى الصراحة أقول : أن غيابك حول السهل الى صعاب.
كثير من يدعي حرصه علي ، وأكثر من يحاولوا تقديم النصح والارشاد ، ولكني لم اعش صدق الاحساس والشعور الفطري الذي عشته مع كل حرف كان يخرج من بين شفتيكي، طاهرا نقيا صافيا ، لا تنتظري منه مقابل.
أمي ،،،
أنا انسان كباقي البشر ،أخطئ وأصيب ، أسامح ولا أغفر ، ارتكب الخطأ وربما الخطايا ، اجتهد على قدر ما وهبني ربي من قدرة ذهنية ، وأشعر بالعجز في أحيان ، أحاول وأبذل جهد ، وأحيانا أفقد القدرة على المحاولة ، ولكني مع كل هذا لا أشعر انني أكثر تقصيرا الا تجاهك ، سواء في حياتك أو مماتك . كيف لا ، وأنا لم اعوضك ولو بالقدر البسيط ما عشتيه من حياة واجهتي فيها الفقر والصعاب وتحملتي من أجلي ، وذرفتي دموعا مع كل كلمة "آه " خرجت مني، أو نظرة حزن عشتها ولو للحظات .
أذكر وانتي تخبريني في أوقات كثيرة كي لا أنسى فقراء يعيشون معنا في الحياة ، كيف كنتي لا تتناولي على مائدة الافطار في شهر رمضان الا الخبز الجاف وكاس من الشاي ، وتسهري ليالي حالكة الظلام على ضوء الفانوس ، وقدمك على ماكنة الخياطة والقدم الاخرى على سرير أحد أخوتي ، أيام وسنين حلمتي أن تملكي بيتا يسترك ويسترنا معك حتى لو كان بيت شعر .
أمي ،،،
كنت أول أبنائك الذي عاش صدمة اكتشاف مرضك ، وأول شاهد على صعود روحك لبارئها ، أشهر من المرض والألم لم تذرفي دمعة واحدة رغم وقاحة الألم ، ويأس الشفاء ، لم يغب تفكيرك واهتمامك عن السؤال عن كل واحد منا ، ولم تتوقف وصاياكي لنا ، واستمر لسانك بالدعاء لنا . والله الذي يحيي ويميت لو عشت القادم من الأيام من اجل ذكراك ،لن استطيع الوفاء لك .
أمي ،،،
كما كنت في حياتك افتخر انك أمي ، فأنا اتغنى بين الناس بذكراك ، ويزداد اعتزازي ان من ربتني وتعلمت منها معاني لم اتعلمها من كتب وعلماء ، وزرعت في وجداني قيم مستعد أن افني حياتي من أجلها ، هي امراة .....هي أمي .
أمي ،،،
ثلاث سنوات على رحيلك ، أشتاق اليك ، لنظراتك ولمسة يديك وطهارة كلماتك وحنان قلبك ورقة أنفاسك ، وحسن تقديرك ،وصواب نصحك وارشادك . فلا عشت ولا كنت ان لم اعترف ان ما بي من خير فان أساسه انتي ، وما بي من شر ، فانتي بريئة منه أمام الناس وأمام رب العالمين .
يا أمي
وجدت ضالتي.