خبر : هذه المرة اوباما محق \ بقلم: عوديد عيران \ معاريف

الإثنين 16 سبتمبر 2013 10:14 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

          هو يتردد، هو يتذبذب، هو يفر من النار. كل هذا صحيح، وعلى الرغم من ذلك فانه محق بل وله حتى احتمال غير سيء في أن ينجح – إذ ان لاوباما يوجد حظ الناجحين. عندما دخل البيت الابيض في المرة الاولى في بداية 2009 كان الاقتصاد الامريكي يشهد أزمة عميقة، احدى أشد الازمات في تاريخها. وعندما دخل البيت الابيض كان الجنود الامريكيون يقتلون في العراق وفي افغانستان. عندما دخل البيت الابيض كان هناك من بحثوا عن شهادة ميلاده الكينياتية او الاندونيسية، فقط كي يثبتوا بانه مرفوض لرئاسة الولايات المتحدة.

 

          منذئذ، خرج الجيش الامريكي من العراق، وللقليلين جدا من الامريكيين تؤثر حقيقة أن العراق منقسم اليوم الى ثلاثة مناطق حكم ذاتي. الاقتصاد الامريكي يخلق اكثر من مليوني مكان عمل في السنة. في الشهر الماضي خلق الاقتصاد الامريكي ضعفي ونصف اكثر من أماكن العمل مما في نفس الشهر قبل سنة. هذا ما يهم الامريكي وبقدر ما هو مؤلم، ولكنه حتى لا يتوقف لينظر الى صور جثث الاطفال السوريين الذين اصطفوا صفوفا وليس عليهم ولا حتى قطرة دم واحدة، إذ انهم لم تطلق النار عليهم – بل رشوا بالغاز. ورجاء لا تنسوا: اوباما، الرئيس الذي يحب الكثيرون في امريكا كرهه، انتصر مرة اخرى في الانتخابات للرئاسة في تشرين الثاني  2012 وهو سيجلس في البيت الابيض حتى كانون الثاني 2017.

 

          لقد ارتكب الرئيس اوباما الاخطاء بل وربما الكثير من الاخطاء. فقد اخطأ في موقفه من رئيس الوزراء نتنياهو، أخطأ في معالجته لعلاقات بلاده مع مصر، واخطأ عندما قرر خطوط حمراء في سوريا وتجاهل المعلومات الاولية في أنه تم تجاوزها – واخطأ عندما توجه الى الكونغرس لتلقي اذنه لعملية عسكرية امريكية في سوريا.

 

          ولكن لاوباما يوجد حظ المنتصرين ولهذا فلا ينبغ شطب امكانية أن تتطور الازمة السورية في الطريق التي يمكنه أن يسجلها في جانب ذخائر ميزانه كرئيس. فالتهديد باستخدام السلاح الامريكي حقق حتى الان عدة انجازات لا بأس بها للسياسة التي يتخذها اوباما. الرئيس الاسد يمكنه أن يهدد الى أن يفقد صوته برد شديد، ولكن هو ايضا لا بد يفهم بانه اذا كان محبا للحياة في القصر الرئاسي، فمن الافضل له أن يمتص العملية الامريكية، ان يطلق عدة شعارات ممجوجة الى الهواء ويمتنع عن اعطاء ذريعة للولايات المتحدة أو جيران سوريا لاطلاق العنان لانفسهم.

 

          الانجاز الذي لا يقل أهمية للرئيس اوباما كان اجبار روسيا على عمل شيء ما لمنع الهجوم العسكري الامريكي. والاقتراح الروسي لابعاد مخزونات الغاز عن تحكم النظام السوري لا يزال بعيدا عن التحقق. وحتى بعد ذلك سيكون من الصعب فحص التزام النظام السوري بالتعهدات التي اخذها على عاتقه في موضوع الغاز، وماذا ستكون عليه المعاني الاوسع للاتفاق على الصراع الداخلي في سوريا. اذا كان ممكنا تحقيق تعطيل السلاح الكيميائي عن الصراع العسكري دون رصاصة واحدة، فلا ينبغي أن نرى في ذلك فشلا.

 

          المقارنة بين استخدام السلاح الكيميائي على أيدي النظام السوري وبين البرنامج النووي الايراني هي مقارنة مصطنعة، ولكن حتى هكذا لا يوجد في طهران ما يدعوهم الى الاحتفال بانه اوباما أظهر ترددا وامتناعا عن استخدام الجيش الامريكي. فمحاولات التأجيل من جانب روسيا، محاولات التملص، التمويه والاخفاء للسلاح ستسهل فقط على الرئيس اوباما اصدار الامر وستزيد الشرعية الداخلية والدولية له. من جهة اخرى، فان استعداد روسيا للتعاون – دون تذاك وتملص – مع المبادرة الامريكية في تقييد سوريا هو سابقة سهلة بالنسبة لزعماء ايران، الذين لا بد ينظرون بقلق على السابقة التي يحتمل أن تستخدم في المستقبل تجاههم ايضا.   

 

          صحيح أن عدم الهجوم على سوريا هو انجاز لبوتين، ولكن هذا انتصار طفيف يتقزم امام الانطباع في أن روسيا اضطرت لان تفرض على النظام الذي يعيش تحت كنفها خضوعا ما للاسرة الدولية. لكل اولئك في اسرائيل ممن يسعون الى أن يروا معالجة امريكية نشطة وحازمة للبرنامج النووي الايراني، فان الموقف الامريكي من السلاح الكيميائي السوري طفيف جدا وربما حتى مقلق. ولكن اذا كان تأجيل العملية العسكرية سيخلق تعاونا امريكيا – اوروبيا – روسيا في المفاوضات مع ايران ايضا، فان هذا التأجيل هو نتيجة طيبة لاسرائيل.


باحث في معهد بحوث الامن القومي سابقا

ملحق سياسي في السفارة الاسرائيلية في واشنطن

وسفير في الاردن والاتحاد الاوروبي