في مقابلة موسعة بقلم مئير شليف في عدد رأس السنة من "يديعوت احرونوت" يطرح حاييم غوري وجها اخلاقيا لوجودنا في يهودا والسامرة. فهو يروي كيف وصل من الحركة من أجل بلاد اسرائيل الكاملة ("لا يحق لاي حكومة في اسرائيل أن تتنازل عن وحدة بلادنا الاقليمية") حتى مظاهرات اليسار في الشيخ جراح. "احتلينا عشرات المدن العربية، وفجأ، من أجل بيت ما كان ذات مرة يهوديا، تقول هذا ايضا لي؟ وماذا عن كل القطمون؟ هذا ضد العدالة البسيطة، الطبيعية، العادية للانسان النزيه".
منذ 41 سنة وأنا أعيش في كريات أربع (هي "حبرون" - الخليل) وأتخيل اني اصلح ظلما احيق إذ شطبت طائفة يهود الخليل وسلب ملكهم، وهنا يقولون لي ان العكس: أنا أرتكب ظلما، وحتى الملكية المسجلة في الطابو على بيت يهوي في الشيخ جراح او الخليل، العدالة تستوجب أن يشطب، لان الدولة اخذت من العرب مئات المدن والقرى.
في ذات المقابلة يروي غوري بألم بانه لا يوجد يوم يتوق فيه لصديق روحه حاييم بن دور، الذي سقط في بلد الشيخ. ولكن هذا الصديق ومعه 6.500 شاب وشابة وآخرين، واحد في المائة من عدد السكان (60 ألف بمقاييس اليوم!) لم يموتوا في كارثة طبيعية. هذا هو الثمن الفظيع الذي جباه منا العرب، والذي بسببه جلبوا على أنفسهم فقدان مدنهم وأملاكهم.
ذاكرة شخصية: الى جانبي، في باص من جبل المشارف، اطلقت النار فقتلت طالبة حين كنا نمر في ... الشيخ جراح. هناك أيضا ذبحت قافلة جبل المشارف. عزام باشا، الامين العام للجامعة العربية، الذي وعد بقتل اليهود الى أن تشحب أمام ذلك فظائع المغول، عبر بذلك عن ارادة الجماهير. يهودي علق بالخطأ في رام الله، يهودي القي به البريطانيون عند باب العامود، افترسا على الفور وهما حيين من قبل "الشعب".
وبالنسبة للبلدات والاملاك التي احتلها العرب – البلدة القديمة، عطروت، نفيه يعقوف، بيت هعربا، كاليا، بلدات غوش عصيون، بلدات النقب التي احتلها المصريون، وأخيرا بلدات "فك الارتباط" – كلها سلبت ونهبت وهدمت حتى الاساس. بموقف الشعب العربي كله، كانت حرب 1948 حرب ابادة. فهل في مثل هذه الحرب حب واحد للمعتدي وللضحية، للمنتصر وللمهزوم، وكلاهما يوزنان بالتساوي بميزان الاخلاق والقانون؟
14 مليون ألماني طردوا من شرق اوروبا في نهاية الحرب العالمية الثانية، 3 مليون منهم على ايدي التشيك، الذين هم من شعوب الثقافة الكبار في اوروبا. في 1945، في اثناء انفجار شعبي، طرد 800 الف ألماني. عدد الموتى والمفقودين: 267 الف. قانون خاص أعفى المسؤولين من العقاب. 1946: ابعاد رسمي، حسب القانون، لـ 2.250.000 ألماني. في أمر خاص صودرت كل الاملاك الخاصة للالمان، دون تعويض. في 2001 بقي في تشيكيا 40 ألف الماني فقط. وحظي الطرد بمصادقة كل القوى العظمى للحلفاء. في 1973 وقعت ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا على اتفاق تطبيع وعلاقات دبلوماسية. أما عن الطرد ومصادرة الاملاك فمروا مرور الكرام.
حسابنا الدموي مع الفلسطينيين لا يقل عن حساب الشيك والالمان، ولكن العقاب التشيكي كان خطيرا بلا قياس. فهل يعقل ان ألمانيا من بين الاقلية التي تبقت هناك سيجتاح بيتا في "شيخ جراح" ما تشيكي وصاحب البيت يحصل على امر اخلاء قانوني ولكن لا يمكنه أن يحققه لان هذا "غير عادل" اذا اخذت بالحسبان المدن والقرى التي طرد منها الالمان بسبب جرائمهم؟ اذا لم يكن كذلك فلماذا لكل العالم حكم وفقط لليهود حكم آخر؟
العالم غير مبالٍ تجاه ملايين اللاجئين من سوريا والملايين من ايران ومن العراق. وأنسال اللاجئين الفلسطينيين وحدهم قبل 65 سنة يقلقون "ضمائرنا". "انسانية" الاغيار هذه زائفة. لدى اليهود هي ببساطة غير مفهومة.


