خبر : الضربة متي وكيف؟لافروف وخيانة (ليبيا) وعلاقة الملف المصري والأردن يلاعب الجميع

الأربعاء 28 أغسطس 2013 09:00 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الضربة متي وكيف؟لافروف وخيانة (ليبيا) وعلاقة الملف المصري والأردن يلاعب الجميع



عمان / وكالات / غرقت منطقة الشرق الأوسط خلال الساعات القليلة الماضية بالسؤال التالي: متى وكيف ستوجه الضربة العسكرية الغربية للنظام السوري؟.
الإجابة على هذا السؤال شغلت أوساط القرار والمحللين السياسيين في عمان والقاهرة وبيروت وبقية عواصم المنطقة.
لكنها بكل الأحوال إجابة تبدو متدحرجة ومتأرجة في آن واحد داخل مساحة تضيق كلما اقتربت عقارب الساعة نحو الإحتمالات والسيناريوهات.
الأوراق في العاصمة الأكثر ترقبا لما سيحصل وهي عمان إختلطت على نحو مباغت عصر الاثنين مع تصريح وزير الخارجية الروسي لا فروف وهو يقول بأن بلاده لن تدخل حربا مع أحد من أجل أحد.

عملية خلط الأوراق أكملتها موسكو بعدما صرح الناطق باسم خارجيتها الثلاثاء عن وجود قدرات دفاعية جوية لدى النظام السوري قادرة على الرد والتصدي وهي نفسها الرسالة التي اختصرها وليد المعلم وزير خارجية دمشق.
دائرة الحيرة والتساؤل توسعت مع التصريح الروسي الثاني الذي بدأ يناقش تفصيلات الرد على ضربة عسكرية مفترضة مما يضع هذه الضربة في دائرة اليقين ومما يزيد الشكوك في خلفية وأسرار الموقف الروسي الغامض.

المحلل السياسي الأردني المتخصص بالملف السوري الدكتور عامر السبايلة لاحظ بأن الموقع الالكتروني لفضائية روسيا اليوم تجاهل طوال مساء الاثنين التركيز على عبارة لافروف الغامضة حول عدم التدخل لصالح النظام السوري.
هذا التجاهل من وجهة نظر السبايلة مقصود اذا ما أخذ بالإعتبار أن قناة روسيا اليوم تعتبر مؤشرا حيويا ودقيقا لأولويات واعتبارات موسكو في المنطقة.

هذا يعني برأي محللين متابعين بأن الروس المتضامنون مع نظام دمشق لأسباب تتعلق بالخيانة الاقتصادية والمالية والنفطية التي تعرضوا لها في ليبيا يطورون موقفا غامضا قليلا قد ينتهي باقرار مبدأ توجيه ضربة عسكرية محدودة.
السبايلة يرجح أن شيئا ما حصل بعد تداعيات زيارة الأمير بندر بن سلطان الى موسكو وبعد اتصالات الأزمة الطارئة بين الثنائي لافروف وجون كيري.

كيري الذي هاتف لا فروف والمعلم بدا نشطا في الساعات القليلة الماضية في مؤشر واضح على أن الدبلوماسية الامريكية ترمم أو تبني شكلا من أشكال التوافق الدولي قبل توجيه ضربة عسكرية محتملة على شكل إنذار نهائي لبشار الأسد يفرك اذنيه قليلا قبيل التمهيد لانجاز خط الإنتاج المتعلق بلقاء جنيف الثاني.
 التقديرات هنا تشير الى أن توجيه ضربة عسكرية مؤذية وليست حاسمة بات مرجحا, وأنها خطوة من وجهة نظر الأمريكين والأوروبيين قد تنتهي بتسجيل ثلاثة اهداف في سلة واحدة هي: تجميع وتصليب الجبهة الدولية لاغراض انجاح لقاء جنيف الثاني, ومعاقبة نظام الرئيس بشار الأسد لإضفاء مصداقية على خطاب الرئيس الأمريكي بخصوص السلاح الكيماوي على ان يشارك بعد الضربة العسكرية المحدودة في لقاء جنيف وفقا لقواعد جديدة للعبة يمكن ان تكون موسكو قد أقرتها .

أما الهادف الثالث في نفس السلة فيتمثل في توسيع هامش المناورة امام السعودية وواشنطن لاحضار المعارضة السورية الى لقاء جنيف بعد اظهار الخشونة في وجه نظام دمشق.
هنا حصريا ترجح أوساط اردنية سياسية رسمية بان تصريح لافروف الذي أثار الغموض وتسبب بطرح الأسئلة قد يكون مرده رسالة ضمنية لبشار الأسد توحي فيها موسكو بأن عليه الحضور الى لقاء جنيف بدون نوايا إعادة الترشح لانتخابات الرئاسة.
 روسيا تفعل ذلك بسبب الإحراج الذي شعرت به بعد ظهور السلاح الكيماوي في أرياف دمشق والغوطتين.
لكن هذه القراءة بمجملها لا تنير أي جزء فاعل من عتمة الظلام التي غرقت بها المنطقة فيما يخص الملف السوري وان كانت تحاول تفكيك لغز الاستدراكات الروسية.

بالمقبل لا تبدو ايران متشنجة او مستفزة وتميل الى الصمت قدر الامكان دون إطلاق تهديدات في حالة ضرب سورية , الامر الذي يرجح رسائل أمريكية لطهران بخصوص عدم الاستجابة للضغط الاسرائيلي وتجنب خيار الحرب الاقليمية الشاملة.
مواقف ايران التي يعلنها الرئيس روحاني ومستشاروه حتى اللحظة اقرب الى بالونات اختبار في قياسات مراقب سياسي بحجم الوزير الأردني الأسبق وجيه العزايزة الذي يرى بان القرار في ايران للمرجعية التي يمثلها خامنئي وليس لروحاني.

خلافا للكثير من اتجاهات التحليل المرحلية يستبعد العزايزة المجازفة بتوجيه ضربة عسكرية ويتصور بأن تداعيات هذه الضربة لن تنتهي بضمانات من أي نوع لأي طرف في المنطقة فلا أحد يستطيع توقع رد فعل الحليف الإيراني وحزب الله سيدخل الى المعركة بقوة.
وتركيا- يشرح عزايزة- لا تستطيع بسبب الملف الكردي المجازفة بدخول مباشر في هذه الحرب والنظام السوري الجريح قد يؤذي الأردن وعمان لا مصلحة لها بأن تكون طرفا والجيوش الغربية ستعمل على توفير مقاتلين بالوكالة وليس من المتوقع ان نشاهد جنديا امريكيا أو غربيا على الأرض السورية, والحسم غير ممكن عبر صواريخ كروز وهجمات جوية يمكنها أن تؤذي المؤسسات السورية دون أن تحدث فارقا نوعيا على الأرض في المعركة.

لهذه الأسباب جميعها يقدر عزايزة بأن طبول الحرب التي قرعت قد يكون هدفها الأساسي التغطية على المشهد المصري وتمكين المعادلة الجديدة في مصر من العبور نحو الاستقرار ما دامت طبول الحرب هذه لا تتميز بطول النفس والاستقرار.
الأردن بدوره غادر بعد إستضافة اجتماع رؤساء الأركان الأخير منطقة الحياد المرنة واللعوبة التي بقي فيها طوال العامين الماضيين مما أنتج بالمقابل هجمة شرسة في الاعلام السوري على ملك الأردن ودولته كما أنتج بالمقابل سلسلة لا متناهية من التحذيرات المحلية تحت عنوان (لا للتورط).

لدى الأردنيين بطبيعة الحال مبررات يمكن ترويجها بإعتبارها أخلاقية وانسانية والى حد ما أمنية لتفسير موقفهم الأخير الذي يساند معارضي بشار الأسد وخصومه سياسيا ولوجستيا بالتزامن مع الاستمرار في ترديد نغمة تقول بأن المملكة لن تكون طرفا في أي عدوان عسكري على سورية كما اكد رئيس الوزراء عبد الله النسور ثلاث مرات للقدس العربي مباشرة.

اللاجئون وأخطار الكيماوي والضغط الدولي الخليجي هي عناصر ثلاثية تستخدمها عمان في تبرير تفاعلها مع البيئة المتحولة للملف السوري على أمل التمكن من تحقيق المعادلة الصعبة والتي يرى البعض انها مستحيلة والتي تتمثل في الحصول على مساعدات اقتصادية, والبقاء في دائرة التاثير الاقليمي, والجلوس على طاولة جنيف الثانية , وبنفس الوقت تجنب إغضاب النظام السوري والتلاعب مع كل الأطراف اوملاعبتها إلى أن تنقشع خمية الخيارات الدولية.

بالنسبة للمؤسسة الأردنية لا مجال للإشتراك في اللعبة السورية الا بالطريقة الحاصلة حاليا .
وبالنسبة للجبهات الوطنية الأردنية التي تعارض التورط لا مجال ولا مصلحة في تورط او اشتراك المؤسسة العسكرية الاردنية على امل ان تتفهم دمشق ذلك بكل الأحوال.
ختاما, وسط غابة من التساؤلات تتدحرج احتمالات الضربة العسكرية فيما اعلنت واشنطن بانها ستعرض أدلتها قريبا على استخدام النظام للسلاح الكيماوي .
 

الإحتمالات قوية بأن يكون الهدف الأعمق من الضربة العسكرية او من التلويح يقوة بها هو حصريا حصول توافق دولي يضمن الروس في الحد الأدنى يعيد الجميع الى مربع المناطق الآمنة وهو هدف اردني استراتيجي مرحلي بامتياز الآن.