في هذه الايام تكتب بالفولاذ الصيغة التالية لدول العالم المسماة "متنورة" وجيش منظمات "العدالة" فيه: العرب/المسلمون/سود الجلدة يمكنهم أن يذبحوا الواحد الاخر بالف وواحد من الطرق الوحشية. هذا يملأهم بالقلق واحيانا يزعجهم كقرصة بعوضة؛ اذا كان الاسرائيليون، اي اليهود، يقتلون عددا من العرب في حرب وقائية، او يحبسون اطفالا أو يجرون تفتيشات امنية متشددة في حواجز الطرق – فانهم يكونون مجرمي حرب، مرتكبي قتل شعب، وجديرين بكل مقاطعة وعقاب؛ اما اذا قتل العرب/المسلمون يهودا، اطفالا ونساء، قصفوا دون تمييز سكانا مدنيين يهود – فينبغي تفهمهم وتفهم معاناتهم.
إذن ما الذي يمكن قوله عليهم ولم يقل؟ كم يمكن أن نتفهم المعاضل الاخلاقية لاوباما الذي "يقلقه" فقط استخدام اسلحة الدمار الشامل؟ كم يمكن تفهم رئيس الاركان الامريكي الذي "يبكي" صبح مساء لان عمليا كل القوة العسكرية الامريكية هي مثابة خرقة تخاف التصدي للدفاع الجوي السوري؟ ليس الكثير!
بود أن اتناول نقطة واحدة وهي تصريحات اوباما في نهاية الاسبوع من انه تجري المبالغة في قوة الولايات المتحدة في حل المشاكل الطائفية في سوريا. وهو محق بالفعل! ولكن المشكلة هي اننا لا نريد للولايات المتحدة أن تحل المشكلة الداخلية السورية. ومع ان جون كيري، وزير الخارجية الامريكي النشط والعنيد، حلم بان يعقد مع الروسي مؤتمرا دوليا تكون فيه مصالحة بين الاسد والثوار، وتحل فيه المسألة الداخلية السورية. ولكن من يأخذه على محمل الجد؟
برأيي، نحن كأبناء الشعب اليهودي، علينا أن نطالب اوباما بشيء آخر تماما: ان نطالبه بوقف اعمال الذبح، وليس حل المشكلة السورية. الامر الاول المطلوب هو عقد مؤتمر صحفي خاص، دراماتيكي، والاعلان هناك بانه اذا اكدت له الاستخبارات الامريكية، وليس اي لجنة من الامم المتحدة، على مستوى من اليقين الاستخباري (خلافا للقضائي) بان نظام الاسد بالفعل ارتكب مذبحة كيميائية، وان الحديث يدور عن نية "ابادة شعب" فان الاسد هو مثابة "مجرم حرب"، والولايات المتحدة ستطارده ابتداء من هذه اللحظة كي تقدمه الى المحاكمة. الامر الثاني المطلوب هو أن تقود الولايات المتحدة خطوات هدفها تقليص القدرات العسكرية لنظام الاسد، دون اي تدخل بري. وعلى أفضل رأيي ليس لديها اي مشكلة في عمل ذلك، واذا حاول الروس اخافته بانهم سيزودون سوريا بصواريخ مضادة للطائرات حديثة فان اوباما المتردد سيقول للسيد بوتين: "الى الامام، سندمرها كالدمى".
والان، اذا لم تكن الاستخبارات الامريكية بقادرة على ان تقدم بسرعة للرئيس الامريكي "أدلة صلبة" (Hard Evidence) عما حصل في 22 آب في ضواحي دمشق، ومن فعل هذا – فان شيئا ما مهنيا مخلولا جدا في هذه الاستخبارات، او انها تعمل لاعتبارات سياسية. إذ ان العقل يقول ان المتابعة لما يجري في سوريا بشكل عام، وفي مجال السلاح الكيميائي بشكل خاص تقف على رأس سلم أولوياتها. واذا كان هذا هكذا، فاخرجوا وتعلموا بالنسبة لايران. فهل سيكون بوسعها أن تعرف، وفي الوقت المناسب، بان ايران دخلت الى مرحلة انتاج السلاح النووي؟ عندها أيضا هل ستنتظر الولايات المتحدة الاقرار من لجنة الامم المتحدة؟
اذا لم يكن الرئيس الامريكي بقادر على ان يتخذ سياسة حازمة، وحبذا لو أكون مخطئا، فاننا في اسرائيل في مشكلة عسيرة. فمعنى الامر ان حليفتنا الوحيدة اصبحت نمرا من ورق، وهي لن تفعل ما ينبغي حيال ايران التي تكتسب قدرة نووية. في كل الاحوال، واضح لي كي هو ساري المفعول العزف القديم ولكن الصحيح: منعزلون أو معانقون من مزدوجي الاخلاق "المتنورين"، فان قوتنا وحدنا ستقف لنا في وجه حيوانات الغابة من حولنا.


