خبر : انتفاضة ثالثة \ بقلم: عامي دور - أون \ معاريف

الخميس 22 أغسطس 2013 10:39 م / بتوقيت القدس +2GMT



            حركتا تحرر وطنيتان تتصارعان منذ أجيال على ذات البلاد التاريخية – بلاد اسرائيل. الحركة الصهيونية تقول: كلها لي. هذه مُلك ابائي واجدادي وعدنا بها الرب الذي في السماء، اما الحركة الفلسطينية فتدعي: هذا مُلك لنا منذ الأزل وانتم الاحتلال الاجنبي الذي يستولي عليها بقوة الذراع.

            خلافا لقضية "اثنين يمسكان بخرقة الصلاة"، التي تعنى بمُلك منقول، فان الصراع على البلاد المقدسة هو على مُلك ثابت ليست الملكية الرسمية هي التي تقرر حق الحيازة عليه، بل الايمان الديني. وها هو، للمرة التي لا ندري كم، يبدأ الطرفان الصقريان بالحديث على تحديد خط التقسيم والملكية على الارض. الحديث. ليس خوض مفاوضات لانه في الصيغة الحالية لا يبدي أي من الطرفين الاستعداد لاعطاء اي شيء. الاستعداد هو فقط للاخذ. وعليه فمن المهم ان نفهم بان هذه الاحاديث لن تؤدي الا الى باب فولاذي مغلق مفتاح قفله الصدىء القي به منذ زمن بعيد الى قعر البحر.

            في هذه الاثناء يوجد الطرفان في مرحلة الاحاديث الاولية التي يمكن في بعضها الوصول الى توافق، مثلا في اي مكان تجرى اللقاءات، في اي ساعة تبدأ الجلسة، وربما أيضا يتفق على لون الملابس التي سيرتديها المندوبون الذين يجلسون حول الطاولة، وربما ايضا يتحقق تفاهم على تعديلات حدودية طفيفة في مناطق ليست لها أي اهمية. ولكن عندما تأتي لحظة الحقيقة والمواضيع على الطاولة تكون ما درج على تسميته "المواضيع الجوهرية"، فان التوافق لن تقوم له قائمة، كون الطرفين يريدون بالضبط ذات الشيء.

            الموضوعان المركزيان هما صخرة الخلاف الحقيقية بين الطرفين. خلاف غير قابل للجسر. الفلسطينيون يريدون دولة خاصة بهم، عاصمتها القدس، وأن يعود كل لاجئي 1948، مع انسالهم وابناء أنسالهم الى املاكهم المهجورة. بتعبير أبسط، يجري الحديث عن "تقسيم القدس" وتحقيق "حق العودة".

            من الجانب الاسرائيلي الرد على هذين المطلبين قاطع لا لبس فيه: لا ومرة اخرى لا. لن يكون ابدا. التفسير لهذا الرفض الذي لا لبس فيه يقول على النحو التالي: الدولة لا يمكنها أن تتقاسم مع كيان أجنبي الملكية على عاصمتها التاريخية، العاصمة التي كانت رمزا للاماني الوطنية على مدى الفي سنة. الموضوع الثاني ملموس أكثر بكثر وكله مبنيعلى فهم معنى الكلمات. الفلسطينيون يسمون هذا "حق العودة"، بينما اسرائيل تتعامل مع هذا الادعاء بتعبير "المطالبة بحق العودة".

            اذا ما تحققت هذه المطالبة، فان دولة اسرائيل لن يكون بوسعها أن تعيش ككيان سيادي ومستقل، وفي الارض التي بين نهر الاردن والبحر ستكون دولة يكون فيها اسرائيليون أقلية. وستكون هذه أقلية مطاردة تعدم بالذبح او بتأكيد القتل. وتحقيق مثل هذه المطالبة تسمى بالعبرية "انتحارا". اسرائيل لن توافق ابدا على التنازل في هذين الشرطين، ولا حتى عن صفر طرفهما. وبالتالي فان مصير الحديث المتجدد الجاري بين الطرفين هو السير في الطريق ذاته والشطب عن الخريطة محاولة حل "النزاع".

            مثل عربي عتيق يقول: "ما لا يسير بالقوة يسير بمزيد من القوة". وكاعادة صياغة لهذا القول يمكن القول انه بعد تفجير المحادثات سيحاول الفلسطينيون تحسين المثل والايضاح هنا بتهديد مبطن بان "ما لا يسير بالاقوال يسير بالقوة، وما لا يسير بالقوة – يسير بمزيد من القوة". والمعنى العملي لمثل هذا التهديد ينبغي أن يكون واضحا لكل من يسعى الى مواصلة رؤية اسرائيل وطنا له. الانتفاضة الثالثة على الطريق. انتفاضة أكثر عنفا، أكثر اجراما. ولكن كون الارادة الوطنية الاسرائيلية غير مستعدة لان تعود الى صفحات التاريخ السوداء للكارثة – واضح باننا على مثل هذه الانتفاضة ايضا سنعرف كيف نتغلب.