خبر : أبجد هوز ... لنا شاهين

السبت 17 أغسطس 2013 11:08 م / بتوقيت القدس +2GMT
أبجد هوز ... لنا شاهين



حطي كلمن ، شكل المفاوض بقى منسجمٌ .. من منا لم تشرح صدره وتدخل البهجة الى نفسه ، هذه الاغنية الرشيقة خفيفة الظل خفة حسون لا يستقر على غصن ولا تكاد تراه العين حتى يختفي ، لكن الاذن تظل تسمع زقزقته المحببة والقلب ينبض احساسه ببساطة الحياة ، ومؤكد انها مرتبطة في اذهانكم بفيلم غزل البنات والكوميديان المعجزة نجيب الريحاني الذي كان ولا يزال يضحكنا بلا اسفاف ولا حركات سخيفة سمجة او بذاءة لسان ، ومؤكد ايضا انها تذكركم بسحر صوت الرائعة ليلى مراد ، ولكن .. هل سمعها احد منكم على هذا النحو ، شكل المفاوض بقى منسجم ، وليس الاستاذ ؟!

كلا بالطبع ، لانني انا التي استبدلتها وعن سبق اصرار وترصد حتى اواكب المرحلة وبشروطي وعلى طريقتي الخاصة ، فانا ارى ان المفاوض الفلسطيني ومن قبله المفاوض العربي لم ولن يختلفا ابدا عن نجيب الريحاني وهم يلقون به خارج الملهى الليلي وهو مغلوب على امره مقهور مدحور عاجز عن تحقيق اي من الاهداف السامية التي قد جاء الى الملهى من اجلها ، فلا يبقى له الا الاستماتة في التمسك بالطربوش ..و لا تشبيه طبعا ، فالفارق كبير بين المهمتين والمسافة شاسعة بين المكانين وان كان سمو الهدف يجمع بينهما ، فالمفاوض الفلسطيني يذهب لاستعادة ما سرق من وطن او حتى جزء منه ويعود وكل همه انقاذ ما تبقى من ذلك الوطن ، والريحاني قد ذهب لتخليص ليلى مراد من نصاب يدعي حبه لها فغدا همه استعادة طربوشه.

ايش حكاية الطرابيش معي ، اتدرون انها حكاية فعلا !! واراهنكم ان مؤرخي العرب وفلاسفتهم وحكماءهم وساستهم لو استعرضوا واقعنا المأساوي وعادوا القهقرى الى كوارثنا الاصلية ونكباتنا لوجدوا كل العلل ومعها كل الحلول تمتد في خط وهمي بين الطربوشين ، طربوش ابو عزمي العلي ابن التغريبة الفلسطينية وطربوش نجيب الريحاني ، ومن لا يصدقني فليجرب ولا احسبه الا سيجد ان المأساة قد زرعت في احد الطربوشين ، ونمت وكبرت وتوحشت فافترستنا جميعا ، وان افرازاتها وما وصلنا اليه من هوان على انفسنا وعلى الناس يتجسد في الطربوش الاخر ..

اعرف انكم ستقولون انت ما عندك غير حكاية الطرابيش ، زهقتينا ، معكم كل الحق ، وانا مثلكم مش ناقصه فلسفة ، ولم اكن اقصد بل ولم يكن في حسباني وانا ابدأ هذا المقال اي بند يتعلق بهذه النقطة بالذات ، ولكن الموضوع فرض نفسه دون ارادتي ، وتعالوا نحسبها بالبلدي ، الم تكن نقطة ضعفنا دائما كفلسطينيين وكعرب ايضا أننا ادعياء الثورية ومحترفو ركوب الموجات الوطنية ومستغلو الحس الوطني والقومي ومن يرون ان الحرب على العدو لا بد ان تسبقها او تتزامن معها حرب على من يخالفوننا الرأي من الاهل والعشيرة ويخرجون على طاعتنا ، هو طربوش ابو عزمي العلي اذن .. الم توصلنا كل تلك الآفات والمكاره الوطنية والنكبات والنكسات الى وضع اجبرنا على ان ننحي جانبا قيمنا واخلاقنا ونقبل استجداء العدو تحت غطاء ما يسمى بالمفاوضات ، والتي تنتهي كل مرة بالقاء مفاوضنا خارجا وهو قانع من الغنيمة بالتمسك بالطربوش ، هو طربوش نجيب الريحاني اذن !!

"والمكر فينا طبع جميل ، ان قلنا لأ لأ يعني نعم ٌ ".. الله ينور عليك يا ست ليلى ، هذا هو بيت القصيد ومكمن الداء ، ان قلنا لا يعني نعم ، وليتنا نقولها مكرا ودهاء وسعة حيلة ورجاحة عقل ، ما كان هذا حالنا ، ولاصبحنا حلوين كتير وفي خفة دم ولطف وظرف ليلى واخواتها في الاغنية اياها ، ولكنا ، واقصد نحن الفلسطينيين ومن قبلنا ومن بعدنا اخوتنا العرب نقول اللا قولة حصان حرون ، وقعقعة رعد لا يرجى منه غيثا ، نقول اللا من اجل اللا ، وان صحت فهي رمية من غير رام ، وان خابت كالعادة فلا حول ولا قوة الا بالله ، والنعم جاهزة ومعها كل ما يلزم من مرفقات التبرير ، والخيرة فيما اختاره الله .

ولكن .. وحياة الله حبيبتي اللكن هذه .. ولكن هي شهادة للحق والتاريخ ان العرب قد قالوا لا ، ولا ، ولا ، يعني لا بالتلاته ، وكانت كلها في مكانها الصحيح ، وكانت بلسما للجرح النازف ، وكانت نقطة ضوء في ظلمة تاريخ العرب ، وصفحة بيضاء ناصعة البياض في مسيرتهم حالكة السواد .. لاءات الخرطوم الثلاثة ، وان كنت ناسي افكرك ، لا للصلح مع العدو الاسرائيلي ، ولا للاعتراف به ، ولا للتفاوض معه ، وكانت تلك اللاءات الثلاثة التي تمخض عنها مؤتمر الخرطوم الذي تداعي اليه زعماء العرب ، عقب نكسة حرب الايام الستة وما نجم عنها من هزيمة لم تكن متوقعة ولا خطرت لاي عربي على بال ، و اود ان اذكركم هنا وبرسم عظمة زعماء تلك الحقبة من تاريخ العرب ، ان من اتحدوا في ذلك المؤتمر واتبعوا لاءاتهم الثلاثة بما يلزمها من دعم مالي لضمان قدرة دول المواجهة على الصمود، لم يكونوا اصلا على وفاق سياسي ولا ايديولوجي ولا باي حال من الاحوال ، لكنهم تناسوا خلافاتهم الشخصية ، بل وضربوا عرض الحائط بارتباطاتهم والتزاماتهم تجاه حلفائهم من الدول الاجنبية ، وتكاتفوا معا وتعاضدوا ، واستطاعوا في النهاية بتلك اللاءات الثلاث الشهيرة ان يحولوا هزيمة حزيران عام سبعة وستين الى نصر في اكتوبر ثلاثة وسبعين ، ولم يستطع العدو الاسرائيلي ان يجني اي ثمرة لانتصاره الساحق الماحق في حرب الايام الستة الا احتلال ارض ولكن بدون احتلال للعقول او حتى القلوب على ما يبدو الان ، وبدون كسر للعزيمة والارادة والصمود ، فلا احد قد اعترف به ولا احد تصالح معه ولا احد تفاوض لا من قريب ولا من بعيد ، رغم فداحة الهزيمة وهول الانهيار ..

ولكن .. يا ويلتي من لكن هذه ، ولكن وهذا مالا استطيع رغم كل ما قرأته عن تلك الحقبة من تاريخ العرب ان استوعبه او اقبله او حتى اتعايش معه ، بدأت لاءات العرب بكل كبريائها وشرفها وعزتها تتآكل وينخرها السوس بعد نصر اكتوبر المجيد ، طيب حد يفهمني يا عالم ، هزيمة او نكسة عام سبعة وستين بكل فداحتها لم تجبر مصر ولا سورية ولا الاردن على الرضوخ للامر الواقع والوقوع في شرك التفاوض مع العدو الاسرائيلي ، وسرعان ما تحولت الى نصر ، ونصر اكتوبر بكل عزته وفخاره ، الذي تغنينا به وتهنا به زهوا و لازلنا نتغنى و نزهو به لغاية اليوم اسقط كل اللاءات وبدأ مسيرة الانزلاق في وحل الاعترافات ، حتى بات النصر هزيمة نكراء ، واذكركم ايضا ان تلك اللاءات التي دعمت الصمود بعد الهزيمة حتى حولتها الى نصر كانت هي حاضنة حركات التحرير الفلسطينية التي ترعرعت واشتد عودها في ذلك الحين قبل ان تبدأ في الانضمام الى جوقة المطبلين للحلول السلمية واتفاقية كامب ديفيد وتابعتها اوسلو .

صدقوني انني لا ازايد على احد ولا ادعي انني اكثر وطنية من السائرين على درب المفاوضات والحلول السلمية ، لانني ببساطة شديدة اعلم علم اليقين انهم مكرهون وان ما رماهم على هذا المر ليس سوى ما هو اكثر مرارة .. هو التخبط وانسداد الافق وانعدام الاستراتيجية والرؤية الواضحة والافتقار الى الاتفاق والتوافق الى حد الاختلاف والانقسام ، ولا تنسوا الاقتتال ايضا ..

طبعا معلوماتي هذه قديمة ، وافكاري يمكن ان تعتبر بالية في ايامنا هذه الاسود من قرن الخروب ، والتي تحول فيها نسيم الربيع العربي الى ريح صرصر عاتية ، ولا ريح عاد وثمود ، اقتلعت اول ما اقتلعت الامن والسلام والوفاق والاخاء والاستقرار ، ثم بدأت تحصد الرؤوس وتسفك الدماء وتمزق وتقطع حتى بات المرء لا يدري هل ما يراه مجرد فيلم خيال علمي امريكاني ، ام برنامج كاميرا خفية ومقالب كثرت هذه الايام واصبحت في لهاثها خلف استقطاب المشاهد مستعدة لقتل الضيف قبل ان يضحك مقدم البرنامج ويقول لروح الفقيد ، والله العظيم كنا بنمزح معك ..

لكنني احاول هنا ان اعرض او اتعرض لواقع على الارض ، وهو ان لاءاتنا العربية والفلسطينية قد تحولت الى نعم كبيرة ومترهلة ايضا ، وان طريق السلام لم يوصلنا الا لواقع مؤسف ومؤلم ومخجل في اطار وهمي هو بالزبط ما يريده العدو لنا وبمقاساته ومعاييره .. ومن ثم تأتي المفاوضات متامهية مع كل ذلك الهباء فلا تحصد الا هباء ، صفر ضرب صفر او زائد صفر او حتى ناقص صفر يساوي صفر ، صح وللا انا فاشلة في الحساب ؟

"استاذ حمام نحن الزغاليل ، من غير جناح بنميل ونطير ، يعني انت قايلة فيها ياست ليلى ، نحن اذا استمر الحال على هذا المنوال سنغدو بالنسبة لاعدائنا اقل شأنا واهون على عدونا من الزغاليل ، وسيكون ذبحنا ونتف ريشنا واكلنا ايسر بكثير من الزغاليل ، التي على الاقل في عرف ليلى مراد تميل وتطير بغير جناح ، ونحن يا سادة ، اين اجنحتنا ، وما الذي كسرها ، وهل يعقل ان نبقى هكذا امة مكسورة الجناح ؟؟!! بصراحة وحتى الان لا اجد جوابا حسب معطيات واقعنا غير نعم يعقل ، ومن يرى غير ذلك فليتكرم علينا برأيه ويدلي بحجته.

لا بأس ، دعوني اوجز لانجز ، وفي شأننا الفلسطيني بالذات ، نحن يا سادة قد اسقطنا لاءاتنا منذ زمن وبدأنا رحلة الفلسطيني في بلاد عجائب النعم ، وقبلنا التفاوض ، كلمة واقفه في زوري ، كيف يمكن ان يكون التفاوض بين من يجلس داخل بيتي انا وينعم بدفئه وراحته ، وبيني انا التي طردت من البيت واقف في الشارع تحت الشمس الحارقه او في زمهرير البرد القارس ، الا يكون منطقيا بالنسبة للطرف الاخر ان يطيل التفاوض الى ما لا نهاية ، وهو ايش ناقص عليه !! بصراحة سيكون احمق من تأبط شرا لو تعجل انهاء المفاوضات والوصول بها الى ماهو مأمول منها ، وهو يرى قواي تخور يوما بعد يوم وعزيمتي تفتر ، والانكى من ذلك انني انشغل عنه بصراعات داخلية تمزقني اربا اربا ..

قبلنا مشروع الدولتين وانتظرنا السيد اوباما لننعم برؤيته لهذا الحل العبقري

فلم يأت من الغرب ما يسر القلب ، وحاولنا اللجوء الى المحافل الدولية لنقيم دولتنا حسب الاصول والقانون واعراف الشرعية الدولية فلم ندرك كل تمنيناه وعملنا من اجله ، وان كنا ، وهذا يحسب للرئيس ابي مازن وعمله الدؤوب واصراره على تحقيق هذا الهدف ، قد خطونا خطوة واسعة على هذا المضمار ومنحنا دولة غير عضو في الامم المتحدة ، ما اثار حنق اوباما وادارته واسرائيل من قبله ومن بعده .. وغضبنا كالعادة واقسمنا باغلظ الايمان وحلفنا بالطلاق ثلاثا الا نعود للمفاوضات الا بعد وقف الاستيطان ، وعدنا ، وحياة الله عدنا ، او اضطررنا للعودة والاستيطان لايزال قائما على قدم وساق ، وليتني استطيع ان اقولها ، ما احلى الرجوع اليه ، ولو من قبيل التندر والدعابة .

يبدو انني بدأت اتجاوز الخطوط الحمراء ، ارجعي يا لنا وخليكي في السيف سايد ، روحي لحالك وخلينا في همنا .. ابجد هوز حطي كلمن يمكن ان تصبح بقدرة قادر ابجد هوز زعلان منكم ، معكم حق ، وانا ما بدي ازعل حد ، انا ماشية يا عم ..

استنوا .. هاتوا الطربوش