عاد مراسلو صحيفة "لو موند" الفرنسية ممن مكثوا لشهرين بين الثوار في منطقة دمشق، الى بلادهم يحملون الادلة على أن الجيش السوري استخدم بالفعل سلاحا كيميائيا. وهذه هي المرة الاولى التي تأتي بها محافل غربية مستقلة وليست من الثوار بأدلة عن استخدام مثل هذا السلاح. وحسب المراسل جان بيير رامي والمصور لوران فان ديرستوك الذي وثق بالفيديو الهجمات الكيميائية والضحايا، فقد كانا شاهدين على مدى فترة طويلة على استخدام متواصل للسلاح الكيميائي في جوبر، الضاحية في دمشق التي دخل اليها الثوار منذ كانون الثاني. وادعى المصور بانه نفسه كان ضحية على مدى أربعة ايام لاعراض السلاح الكيميائي لانه اقترب من ساحة المعركة. وتتمثل هذه الاعراض بضيق النفس، الضرر بالرئتين، اوجاع الرأس والتقيؤ. وقد رأى المراسلان الثوار يسعلون بعد أن القى جنود يعتمرون كمامات الغاز قنابل عديمة الرائحة "تشبه عبوات الببسي كولا". وقد تقيأ الكثير منهم وغاب عن الوعي.كما أن سكان في احياء اخرى حول دمشق وحلب اشتكوا من أعراض مشابهة. د. حسان، طبيب سوري التقاه مراسلو الصحيفة في مستشفى "الفتح" في قرية بطنة، روى يقول: "المصابون لا يعودوا يسمعون او يتكلمون. عيونهم تغلق وتتقلص. عضلات الصدر تكف عن العمل. واذا لم يكن علاج فوري، فان الضحايا يموتون. وهناك من يبدأون بالتصرف كالمجانين على مدى يومين ويموتون بعد ذلك".وكان ينزل في المستشفى مصابو السلاح الكيميائي الذين يكافحون في سبيل حياتهم. وقد اصيب د. حسان نفسه بالغاز وعندما زاره المراسلون كان يستلقي على السرير ويحقن بالاتروفين. وروى بان الاطباء الذين يعالجون الثوار أخذوا عينات أنسجة من جثث الضحايا وحاولوا نقلها للفحص في بلدان مجاورة، ولكن ليس واضحا ماذا كان مصيرها. وحسب الشهادات في المستشفى، كان الهجوم الكيميائي الاول في 14 اذار في مدينة الطيبة و60 شخصا اختنقوا نقلوا الى المستشفى في ذات اليوم. وقدم الاطباء للصحفيين صورا وتسجيلات فيديو لهم. وكان الهجوم الكيميائي الخامس في 18 نيسان في جبهة جوبر. في المستشفى في صبحا احصي 150 مصابا في غضون اسبوعين. كما بلغت شبكة "العربية" عن مصابين بسلاح كيميائي في احياء في دمشق وفي مدينة حرستا. وروى رجال المعارضة بانه يوجد قتلى و 70 جريحا كنتيجة لتنشق الغاز السام. وبالتوازي أفادت وزارة الاعلام السورية عن وفاة مراسلة التلفزيون السوري يارا عباس في المعركة على مدينة القصير في كمين نصبه مسلحون للسيارة التي كانت تسافر فيها مع مصور. جون مكين زار سورياوافادت وكالة الانباء الفرنسية ان 80 في المائة من منطقة القصير، التي تقع في موقع مركزي مسيطر على مسارات التموين من لبنان الى سوريا، سقطت في أيدي الجيش السوري. وروى قادة من حزب الله قالوا: "نحن ننتشر بشكل يقطع عن الجماعات المسلحة التموين بالوسائل القتالية، الماء والغذاء وبالتالي فان المعركة قريبة من نهايتها".هذا وأجرى السناتور الجمهوري جون مكين زيارة مفاجئة الى سوريا والتقى بزعماء الثوار. ومكين الذين يعد من المؤيدين المتحمسين لتسليح الثوار هو الامريكي الاعلى مستوى الذي يزور الدولة منذ بداية الحرب قبل نحو ثلاث سنوات. ومكث مكين في تركيا والتقى هناك بقائد الجيش السوري الحر سليم ادريس. ودخل الرجلان الى الاراضي السورية معا والتقيا بكبار الثوار من مناطق مختلفة بما في ذلك من مدينة القصير. وطلب الثوار ان ينقلوا من خلاله طلبا الى واشنطن للمساعدة بسلاح مدفعي ودعوا الى الاعلان عن سوريا كمنطقة حظر طيران ومهاجمة قوات السلطة. وفي باريس التقى امس وزير الخارجية الامريكي جون كيري، وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف ونظيره الفرنسي لوران فابيوس. وتم اللقاء في مطعم منعا للصحفيين من الوصول الى المكان وعلى جدول الاعمال كان الاعداد للمؤتمر الدولي لحل النزاع في سوريا.وكان كيري أعلن قبل ذلك بان استخدام السلاح الكيميائي سيشكل "خطا أحمر" يسمح بتدخل عسكري الى جانب الثوار، الا ان جهات في باريس تقول ان الغرب يتجاهل عن قصد الادلة على استخدام مثل هذا السلاح كي لا يضر بفرص المؤتمر. وقد أعلن نظام الاسد عن استعداده للمشاركة في المؤتمر. كما أن لجنة التحقيق التي عينتها الامم المتحدة لم تنجح في ان تجمع حتى الان أدلة ثابتة، باستثناء الشهادات على استخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش السوري. وقال فابيوس، الذي شارك في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل انه "قلق من امكانية استخدام السلاح الكيميائي في سوريا وان هناك مزيدا من الادلة على ذلك". هذا وتصل خطة العقوبات السابقة ضد النظام السوري الى نهايتها في نهاية الشهر. وقد بحث الوزراء برفع الحظر عن ارساليات السلاح الهجومي الى الثوار. وتعد النمسا، هولندا والسويد اهم المعارضين لازالة الحظر الذي جاء كاقتراح من بريطانيا وفرنسا. والتخوف هو أن يسقط السلاح في ايدي عناصر اسلامية متطرفة. واقترح بتأجيل الحسم الى ما بعد المؤتمر الدولي في جنيف.