خبر : خطوة في الطريق الى تفكيك السلطة../هآرتس

الأحد 14 أبريل 2013 01:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
خطوة في الطريق الى تفكيك السلطة../هآرتس



 تعد استقالة سلام فياض من منصب رئيس الوزراء تطورا دراماتيكيا. وآثارها لن تتوقف عند المناطق أ في الضفة، بل ستصل الى اسرائيل، الى مساعي الادارة الامريكية الى استئناف المسيرة السلمية وكذا الى سياسة الاتحاد الاوروبي تجاه الفلسطينيين. لحكومة اسرائيل وجهاز الامن الاسرائيلي، للادارة الامريكية ولدول الاتحاد الاوروبي التي تدفع بثبات بالمساعدات الاقتصادية الى الفلسطينيين – كان فياض هو العنوان. الاقتصادي من صندوق النقد الدولي، الذي اكتسب تعليمه في الولايات المتحدة، كان رمز نقاء اليدين ومكافحة الفساد. وخطته لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية "من تحت الى فوق" نالت دعما هائلا في العالم.  ولكن هنا ايضا كانت تكمن بذور المشاكل. فياض، الذي يتولى منصبه منذ العام 2007، استقال بعد أن تدهورت علاقاته مع ابو مازن الى درك غير مسبوق. وكانت أزمة الثقة بينهما حادة ولا يمكن اصلاحها. فقد رأى ابو مازن والحرس القديم في فتح، المحيط به، في فياض خصما سياسيا يجب ازاحته.  استقالة فياض هي مؤشر آخر على التفكك الداخلي للسلطة الفلسطينية والازمة السياسية العميقة التي تعيشها. فمن أجل أن يبقى، يفرض ابو مازن نظاما شبه دكتاتوريا في الضفة، على نمط حسني مبارك. فالمدونون والصحفيون يلقى بهم الى السجن. والمظاهرات والانتقادت تقمع بيد من حديد، والحكومة لا تؤدي مهامها والحاكم يواصل التجول في العالم.  ويرى الرئيس الفلسطيني بغيظ كيف يراكم فياض الشعبية، ليس فقط في واشنطن وبروكسل بل وفي الضفة ايضا. ورأى مسؤولو فتح في فياض عائقا في وجه تطلعاتهم السياسية والاقتصادية. فقد رفض نقل الاموال لهم او تعيينهم وزراء.  وسقطت الازمة الاقتصادية التي ألمت بالسلطة كثمرة ناضجة في يد ابو مازن ومسؤولي فتح. فقد قرروا توجيه الضغط الجماهيري على ارتفاع الاسعار والبطالة العالية نحو فياض وحكومته.  واشتدت المواجهة بين ابو مازن وفياض في أعقاب معارضة فياض الخطوة احادية الجانب في الامم المتحدة. فقد اعتقد فياض بان هذه خطوة رمزية وعديمة الجدوى وحذر من الضرر الجسيم الذي ستلحقه بالسلطة العقوبات الاسرائيلية. وكان فياض محقا، حيث عمق تجميد اسرائيل لأموال الضرائب الازمة الاقتصادية في الضفة وكادت تؤدي الى انهيار السلطة.  ووقف فياض في السنة الاخيرة في عدة حالات على حافة الاستقالة، ولكنه تراجع عنها في كل مرة، ولا سيما بضغط من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. اما القشة التي قسمت ظهر البعير من ناحية فياض فكانت استقالة مقربه، وزير المالية نبيل قسيس، في بداية آذار. قسيس، الذي كان يتعرض للانتقاد الجماهيري الجديد جراء الازمة الاقتصادية، قدم استقالته وفياض، بصلاحيته كرئيس للوزراء، قبلها. اما ابو مازن، الذي كان مرة اخرى في رحلة الى الخارج، فقد تميز غضبا وطلب من فياض ان يعيد لقسيس كتاب استقالته. فرفض فياض وادعى بان هذا مس بصلاحيته كرئيس للوزراء – ذات الصلاحية التي طالب بها ابو مازن من ياسر عرفات حين عين في المنصب في 2003.  في الايام الاخيرة، عندما كانت استقالة فياض مسألة وقت، حاول وزير الخارجية الامريكي جون كيري ونظرائه الاوروبيين وقف الانهيار. فقد حاول كيري التوسط بين الرجلين، ولكن مساعيه كانت عديمة الامل منذ اللحظة الاولى.  وستضع استقالة فياض في علامة استفهام على استمرار المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية. فبدون حارس للصندوق، مشكوك فيه أن تواصل كل الدول دفع الاموال. واسرائيل هي الاخرى ستتردد بدونه في الدفع الى الامام بخطوات اقتصادية في الضفة. واذا كان هذا ما سيحصل، فان الازمة الاقتصادية في الضفة ستتعمق. ومن هنا وحتى الاشتعال العنيف، الطريق قصير.  ويعد رحيل فياض ضربة شديدة للادارة الامريكية ايضا في سعيها الى المضي قدما في المسيرة السلمية. وقال مسؤول اسرائيلي كبير ان فياض لم يعنى بالمفاوضات مع اسرائيل، ولهذا فلن يكون لاستقالته ظاهرا تأثير على الخطوة الامريكية. ومع ذلك، أضاف، بان رحيل فياض سيحبط الادارة الامريكية التي اعتمت عليه ورأت فيه عنوانا ومصدرا مسؤولا. وأعرب مسؤولون سياسيون في اسرائيل أمس عن أسفهم الشديد للاستقالة. وهذا أقل مما ينبغي ومتأخر أكثر مما ينبغي. فقد كان موقف حكومة نتنياهو من فياض عدميا. فمن جهة رأت فيه شريكا مصداقا في التنسيق الامني والاقتصادي. ومن الجهة الاخرى رأت فيه تهديدا بسبب نجاح خطته لبناء مؤسسات دولة. اسرائيل ليست السبب في الاستقالة ولكن لا بد أن سياسة نتنياهو بالتأكيد لم تساعد فياض على البقاء في منصبه.