القدس المحتلة / سما / لا يكف يائير لابيد، الذي عُيّن وزيرا للمالية قبل بضعة أسابيع، عن تصدر العناوين الرئيسية في إسرائيل. وإحدى الأسباب الرئيسية لذلك هي "البوستات"، أو الإعلانات، التي يكتبها لابيد من على صفحة "فيسبوك" الرسمية الخاصة به، حيث يتوجه إلى الشعب الاسرائيلي بشكل مباشر، مشاطرا الجمهور أفكاره وكذلك قراراته، ومبررا أفعاله وتصرفاته. وقد احتدم هذا النقاش العريض حول نهج لابيد قبل نحو أسبوعين، عندما كتب "بوست" مثيرا للجدل حول امرأة خيالية باسم "ريكي كوهين"، من "الطبقة الوسطى" في البلاد، تتقاضى معاشا سوية مع زوجها بقدر 20,000 شيكل (تعادل 5500 دولار أمريكي)، ولكنها مع ذلك تجد صعوبة في دفع الفواتير الشهرية ولا تنجح في شراء شقة لأولادها. وبحسب ما يقوله لبيد، هؤلاء هم الأشخاص الذين يتحملون العبء الاقتصادي في إسرائيل، وخطته الاقتصادية ستهتم بتقديم العون لهم. وقالت منظمة (مشروع اسرائيل) في تقرير ارسلته ل : جرّ هذا "البوست"،انتقادات واسعة في إسرائيل، بادعاء أن لابيد بعيد عن الشعب، وأن الأغلبية الكبيرة تكسب أقل من ذلك بكثير، وأن أجر 20,000شيكل يميّز الطبقات العليا، وكذلك أن لابيد يتوجه إلى جمهور ناخبيه فقط، وعلى الرغم من أن القضية قد غطيت بنحو موسع في وسائل الإعلام الإسرائيلية، إلا أن لابيد اختار أن ينشر رده، مرة أخرى من خلال صفحة "فيسبوك" الخاصة به، ولم يقم بنقل رد رسمي منظم إلى وسائل الإعلام. وهكذا تحولت صفحة "فيسبوك" الخاصة بلابيد إلى مصدر رئيسي وشبه حصري، لكل إعلان ورد يصدر عن وزير المالية، وكثرت الادعاءات أن لابيد، الصحفي السابق، يعمل ضد وسائل الإعلام، ويتجاوز الصحافيين، متنازلا عن الطرق التقليدية لنقل البلاغات الرسمية للجمهور. وقد أدى الأمر أيضاً إلى تبادل الانتقاد بين الصحافيين أنفسهم، خاصة الذين يقتبسون من صفحة "فيسبوك" الخاصة بلبيد، المتوفرة للجميع، ويحصلون على اعتماد صحفي بفعل ذلك، بينما العمل الصحفي الحقيقي يحتاج للقيام بتحقيقات، وتفسير، وقيمة إضافية، والتي لا يمكن للقراء بأن يحصلوا عليها بأنفسهم من مصادر أخرى. وتقول (مشروع اسرائيل) : كذلك، فإن "البوستات" التي يكتبها لابيد بنفسه، هي شخصية، مصاغة على غرار زاوية صحافية أو مدونة حتى، وفي الغالب تنقصها الدقة، وفي عديد من الأحيان، يخطئ لابيد في المعطيات، مما يفسح المجال لانتقاده بشأن نقص المهنية وقلة الفهم في المجال الذي أؤتمن عليه. وفي مرات أخرى لا تتماشى تصريحاته مع تصريحات جهات أخرى رسمية. وبحسب ما يقول النقاد، يجب على لابيد يكون ملتزماً تجاه المؤسسة التي يقوم بتمثيلها، لكونه وزير فعلي. كذلك، ادعي بحقه بان هدفه الوحيد من كتابة هذه "البوستات" هو التملق وإقناع الجمهور بهدف حشد الدعم. ونشرت "يديعوت أحرونوت" مقالا ينتقد نشاط لابيد على "فيسبوك"، وما وضع وزارة المالية في موقف حرج للغاية عندما أسرع لابيد بنفي برامج التقليصات في ميزانيات الثقافة والتعليم العليا في إسرائيل، بينما هددت شخصيات رفيعة المستوى في وزارة المالية مندوبي الطلاب برفع قسط التعليم في الجامعات، وبرأي كاتب المقال، فإن لابيد وقف مباشرة إلى جانب الطلاب من دون أن يفحص الأمور بشكل عميق، وبهذا فقد "ترك" رجال وزارته وحدهم في ساحة الميدان، واضطر أن يوبخهم أمام الدولة بأسرها. "لا يوجد أي تجديد عالمي في استعمال "فيسبوك" كوسيلة اتصال جماهيرية لرجل سياسة في عمله. وزراء المالية في اليونان، اسبانيا وقبرص وضعوا أفكارهم على صفحات "فيسبوك" في ظل الأزمات الخانقة التي أطاحت بدولهم. لكن يوجد تجديد عالمي في استعمال "فيسبوك" من قبل وزير المالية (الإسرائيلي)، وهو أنه أصبح منصة للبيد كي يصرخ علانية بوجه الموظفين التابعين له وأن يصفي الحسابات معهم". ومن ناحية أخرى، كتب محرر صحيفة هآرتس "ألوف بن"، أنه يدعم اختيار لابيد التواصل مع الجمهور بشكل مباشر من على صفحات "فيسبوك"، وفسر المحرر كاتبا: "من ينتقد لبيد يُخطأ وبدرجة كبيرة. لا بديل للشفافية في الحكم. وكل قناة تواصل أخرى تقوي وتزيد من هذه الشفافية. وتابع "ألوف بن": "أنا أؤيد تواصل الوزراء من خلال "فيسبوك"، "تويتر"، البريد الالكتروني، المدونات وفي الموجة التالية التي سوف تتطور في الانترنيت. أريد أن أقرأ ما يكتبه لابيد من دون أي مصاف...". الاتصال المباشر مع الوزير، يخدم بحسب أقواله الديموقراطية ومصالح الشعب، وهذا أهم من مصالح رجال الصحافة بما يتعلق بسبق صحفي أو ما شابه.