تقيم منظمة حماس علاقات سياسية مع مصر، الرئيس محمد مرسي وحركته الاخوان المسلمين، ولكن تحت الارض، بكل معنى الكلمة، تخترق صناعة الانفاق حدودا جديدة. ففي حملة خاصة تجري في الاشهر الاخيرة تحفر حماس أنفاقا جديدة في منطقة "الحائط الفولاذي" – المشروع الطموح الذي بدأه الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، لمنع استمرار التهريب الى قطاع غزة. في الفترة الاخيرة تحفر آليات ثقيلة ومتطورة تستخدمها حماس أنفاقا واسعة بقطر نحو خمسة أمتار – من الطرف الفلسطيني الى الطرف المصري. وأشار مصدر أمني اقتبست عنه الصحافة المصرية الى أن هذه أنفاق مزودة جيدا، بما في ذلك الكهرباء ووسائل الاتصال، مبنية مع حيطان من الاسمنت لمنع الانهيار. وتأتي الانفاق للسماح بنقل المعدات الثقيلة والسيارات. الواضح هو أن حملة "النسر" لتصفية أعشاش الارهاب في سيناء والتي شرع فيها الجيش المصري في آب 2012 تبوء حتى الان بالفشل. فالبدو المحليون يواصلون اختطاف السياح مطالبين بتحرير اقربائهم المحتجزين في السجون، والوسائل القتالية تتدفق الى شبه الجزيرة. وجماعات الارهاب الاسلامي المتطرف تزدهر. وفي محاولة لاثبات نشاطات ونجاحات يبذل الجيش المصري جهدا في هدم الانفاق في منطقة رفح. عدد الانفاق التي حفرها الفلسطينيون في رمال رفح في السنوات الاخيرة يقدر باكثر من 1.000، حيث أنه في الشهر الاخير فقط فجر، اغلق أو هدم على ايدي قوات الامن المصرية 250 منها. وكشفت محافل عسكرية مصرية النقاب عن أنه في الاسبوع الماضي غمر 76 نفقا آخر بهدف دفعه الى الانهيار – وهي وسيلة امتنع الجيش الاسرائيلي عن استخدامها تخوفا من المساس بحياة الناس. وحسب صحيفة "المصري اليوم"، فقد حصلت قوات الامن المصرية على المعلومات عن المكان الدقيق للانفاق من أقمار صناعية أمريكية. كما علم بان المصريين استخدموا مياه المجاري لتنفيذ المهمة. "الخسارة المالية المتحققة كنتيجة لهدم صناعة الانفاق هي خسارة هائلة"، يدعي مشغلو الانفاق الذين اشاروا الى أن اكثر من 30 في المائة من البضائع التي تستخدمها غزة تنقل عبر الانفاق. واضافت محافل من الطرف المصري تقول ان "عشرات الشاحنات المحملة وصلت الى الانفاق التي كان يفترض أن تنقل البضائع عبرها الى القطاع، ولكنها اضطرت الى العودة الى مصر". ولاقت حملة هدم الانفاق اسنادا كاملا من وزير الدفاع المصري الجنرال عبدالفتاح السيسي، الذي صرح مؤخرا بانها ستستمر رغم الضرر الشديد الذي تلحقه بحماس. واحتجت أوساط المنظمة الاصولية الفلسطينية عدة مرات حتى الان امام المصريين على هدم الانفاق، بالتوازي مع فتح معبر رفح بين مصر وغزة بشكل منتظم. ومع أن المصريين زادوا ساعات النشاط في المعبر، الا ان رجال حماس يواصلون شق طريقهم الخاص حفاظا على صناعة الانفاق. ويأتي الضرر الذي يلحقه الجيش المصري بحماس بالتوازي مع العناق الذي تحصل عليه المنظمة من قادة الدولة. فقد استضاف حكم الاخوان المسلمين في مصر بعد الانتخابات المكتب السياسي للمنظمة بل واثروا على اعادة انتخاب خالد مشعل لرئاسة المكتب السياسي. وهكذا يكونوا عززوا التيار الاكثر برغماتية في المنظمة الفلسطينية. وفضلا عن المصلحة الجزئية التي ترى فيها حركة الاخوان المسلمين في حماس منظمة ابنة لها، فان المصلحة المصرية لاثبات تأثير على حماس ترمي الى اجتذاب الدعم الاقتصادي من الولايات المتحدة. وذلك بعد أن انطلق في الفترة الاخيرة المزيد فالمزيد من الاصوات في الكونغرس الامريكي التي تدعو الى اعادة النظر في حجم الميزانية الامنية التي تمنحها الولايات المتحدة لمصر في اطار التزامات اتفاقات السلام مع اسرائيل.