غزة / سما / انتهت الحرب الاخيرة على غزة بإعلان رئاسي مصري واضح عن وقف الأعمال العسكرية يشمل اتفاق تهدئة عام وعمومية فيما يتعلق برفع الحصار، وترك مطالبات الأطراف مفتوحة لحوار تكميلي يجري لاحقاً، أهم المطالب الاسرائيلية التي بقيت عالقة من وجهة النظر الاسرائيلية وتسعى لتضمينها في الاتفاق الذى يستكمل هذه الأيام هي: مدة التهدئة (تطالب بتهدئة طويلة الامد) والحزام الأمني على طول الحدود الشمالية والشرقية بعمق يتراوح من 300م – 500م، ووقف تهريب السلاح، ووقف أشكال نشاط المقاومة العسكري قرب الحدود بما في ذلك ما يتعلق بأعمال التجمهر، بالإضافة لما تسميه اسرائيل بالقنابل المتكتكة، كما تسعى اسرائيل الى تعزيز العلاقة الأمنية مع المؤسسة الأمنية المصرية، من خلال المضامين الأشمل والترتيبات غير المباشرة التي قد تترتب على مثل هذا الاتفاق. أما المطالب الفلسطينية؛ فتتمثل بالزام اسرائيل بتهدئة كاملة دون استثناءات مقرونة برفع الحصار البري والبحري، وتأكيد السيادة الفلسطينية على الحدود البرية شمالاً وشرقاً، بالإضافة لتناول ملف الأسرى بشكل عام، وملف اعتقال محرري أسرى صفقة شاليط على وجه الخصوص. استثمار نتائج الحرب الحوارات غير المباشرة التي تجرى الآن في جمهورية مصر هي استكمال لجولات الحوار التي جرت أثناء الحرب، وتم تأجيلها بقرار اسرائيلي على ما يبدو بسبب خشية نتنياهو من تأثيراتها السلبية ربما على حملته الانتخابية، ولا يبدو أن الأطراف المتحاورة الآن قد عادت لنقطة الصفر، والأرجح انهم يستكملون ما تم الاتفاق عليه بشكل أولى سابقاً، فمعظم الموضوعات المطروحة لا تشكل قضايا خلافية كبيرة، حيث ان التهدئة وهى أساس الاتفاق أمر متفق عليه، ويشكل استمراره مصلحة مشتركة، لكن مدة التهدئة هي التي يختلف عليها، فإسرائيل تريدها طويلة والفصائل ترى في طولها هدية مجانية لإسرائيل تتمثل في تحييد أوراق قوة الفصائل لفترة طويلة من الوقت، مقابل رفع الحصار، لكن القضية الخلافية الأبرز تتمثل برأينا في المطلب الاسرائيلي المتعلق بالحزام الأمني، حيث الفصائل لا يمكن أن تقبل أن تمنح موافقتها على أمر يشكل تعدياً على السيادة الفلسطينية ويمنح السيطرة الأمنية الإسرائيلية على جزء من القطاع شرعية فلسطينية، وفى نفس الوقت اسرائيل لن تقبل بتنازلها الرسمي عن هذا المطلب، الأمر الذي قد يجعل الطرفين يفضلان ابقاء الأمر على ما هو عليه مع سعي كل طرف لفرض الأمر الواقع على الطرف الآخر، السعي الفلسطيني الدائم لفرض واقع السيطرة والتحرير للحزام عبر تشجيع زراعته والتجوال فيه، واسرائيل عبر عدوانها وممارساتها الارهابية ضد من يقترب منه، أي سيبقى موضوع منطقة الحزام الأمني حالة صراع واشتباك وتسخين، سيحاول الطرفان ضبط لهيبها والسيطرة عليه لكى لا يتحول لمفجر يهدد التهدئة. الأمر الذي قد يضطر الراعي المصري لتقديم اقتراح ينطوي على وصول الطرفين الى تفاهم غير مكتوب وغير مصرح به، تستطيع حكومة حماس واسرائيل التعايش معه، يستند الى تفهم كل طرف لمطالب الآخر. أما المطلب الإسرائيلي بوقف تهريب السلاح والذى يعد قضية خلافية هامة أخرى، فلن تقبل بها الفصائل وهى تمثل قضية مبدأية هامة، فمن المرجح أن يتم استثنائها من الاتفاق على أن تحتفظ اسرائيل بموقفها وحقها في منع ذلك، كما كانت تقوم به سابقاً عبر وسائل دبلوماسية وعسكرية وأمنية خارج أراضي القطاع، ومن غير المستبعد أن تسعى اسرائيل لتحقيق الأمر عبر اتفاق مع الأمن المصري، حيث يتكفل المصريون بوقف التهريب عملياً في إطار رزمة تفاهم أمنى أوسع بين مصر واسرائيل يكون اتفاق التهدئة جزءاً منه وممراً اليه، تفاهم يأتي في إطار معالجة أمنية شاملة للحالة الأمنية في سيناء والقطاع ضمن مفهوم يرى في سيناء والقطاع كمنطقة أمنية واحدة. ونستطيع ان نقرأ التوجه الرسمي المصري الذى صرح به السيد عصام الحداد مستشار الرئيس مرسى والقيادي السابق في مكتب الارشاد لحركة الاخوان، عن القرار المصري لإغلاق الأنفاق بذريعة التهديدات الأمنية التي تشكلها الأنفاق على أمن مصر، وهو أمر يستهجنه الفلسطينيون في ظل حكومة الاخوان، وفى ظل استمرار الحصار، وفى ظل غياب المصالحة، ويستغرب أكثر صمت الفصائل عن هذا الأمر، وكأنهم يعرفون أمراً غير معلن، أمراً ربما يرتب لفتح معبر رفح للبضائع كبديل للأنفاق بعد أن توصلوا لتفهم إسرائيلي، أو عدم معارضة على الأقل ناتج عن ما تم التوصل الية في الحوارات غير المباشرة المتعلقة بالتهدئة، والسؤال هل يتم الأمر في مسار موازي ومكمل لمسار المصالحة أم أن المسارين غير مرتبطين ببعضهما؟!