"شعرت فجأة بأن عشرين يدا تقتطعني عن الرفقة الذين جئت معهم الى ميدان التحرير. جروني من بين عشرات آلاف المتظاهرين – كان في الميدان آنذاك 100 ألف انسان على الأقل – ودفعوا بي الى زقاق ثم أسقطوني على الاسفلت ومزقوا عني ملابسي وضربوني بقسوة. وانحنى بعضهم فأغلق فمي كي لا أصرخ طالبة النجدة. وعندها وقفوا في صف طويل. وتحسسني 25 حيوانا بشريا واغتصبوني. ولم يكن لي أمل في الهرب. وحينما انتهوا كنت على يقين من أنهم سيقتلونني. لكنهم فروا وتركوني نازفة على شفا الاغماء الى أن جاءت سيارة اسعاف ونقلوني الى مستشفى". هذه هي الشهادة المثيرة للقشعريرة لـ ن.ع من القاهرة، وهي واحدة من الـ 19 فتاة اللاتي اغتُصبن في نهاية الاسبوع الماضي في طريقهن للتظاهر اعتراضا على حكم الرئيس مرسي. وتحدثت فتاة اخرى وافقت على الكشف عن اسمها الشخصي فقط وهي مروة كيف أشار اليها "شباب ذوو نظرات مجنونة في أعينهم"، أشاروا اليها من بعيد حينما كانت تسير الى الميدان متمسكة بأذرع رفيقاتها وكلهن في العشرينيات من أعمارهن. "فصلوني عن الجماعة وخلعوا ملابسي ولزوني الى جدار وأمسكوا بيدي ورجلي ونفذوا عملهم القبيح. ومن حسن حظي أن جاء بعد نصف ساعة ملثمو البلاك بلوك وطردوا عني مجموعة المغتصبين. وغطاني واحد من البلاك بلوك بقميص ونقلني الى شقة سكن. لم يوافق صاحب البيت على ادخالنا فعدنا الى الشارع وحينها انقضوا علي مرة ثانية. حتى إن البلطجي الذي حاول أن يُخلصني لم ينجح في جعلهم يهربون وتكرر الكابوس". نشرت المنظمة النسوية المصرية "نظرة" أمس تحقيقا مزعزعا عن ظاهرة الاغتصاب الجماعي لنساء شابات يأتين للتظاهر في ميدان التحرير. "نحن ننظر في قلق شديد الى تدهور مكانة النساء والى عدم الاكتراث الذي تُظهره السلطة ورفض اجهزة الامن والشرطة تجنيد أنفسها من اجل ضحايا الاغتصاب والتحرش الجنسي"، جاء في التقرير. وتبين انه لم تتم الى اليوم اعتقالات بمبادرة من الشرطة. "في حالة تقديم شكوى اغتصاب يطلبون من الضحية ان تُمسك بالمهاجم وتقوده بنفسها الى مركز الشرطة ليجري عليها تحقيق مُهين وفحص طبي. ويوبخهن ايضا رجال الشرطة بقولهم "لباسكن يدعو الى الاغتصاب". يهاجم المفكر والأديب الدكتور علاء الأسواني، مؤلف رواية "عمارة يعقوبيان" الذي تنبأ قبل عشر سنوات بالثورة على مبارك، إهانة ضحايا الاغتصاب الجماعي في مصر. "افتخرنا سنين طويلة بالأدوار البارزة التي أدتها النساء عندنا وأنا ألاحظ الآن توجها الى مس متعمد بهن بتشجيع من السلطة الجديدة"، يقول. "يصعب علي جدا ان أُسلم بسلوك اجهزة الامن. لو أنهم أمسكوا بمجرم أو قاتل لجروه فورا الى الشرطة وفتحوا له ملفا جنائيا. لكنني أسمع في حالات الاغتصاب شكاوى من الفتيات البائسات اللاتي حاول رجال الشرطة اقناعهن بالتخلي والاكتفاء بطلب اعتذار من المهاجمين". تعرض نوارة مصطفى، وهي متطوعة في منظمة "نظرة"، تعرض "المرشد للمغتصب المبتديء"، الذي جمعته من شهادات عشرات الضحايا: "يجب قبل كل شيء تحديد الضحية في الزحام في الميدان والاشارة الى الرفاق بتعقبها. وفي المرحلة الثانية اقتطاعها بعنف عن رفاقها ونقلها الى زقاق ثم ضربها وإذلالها وشتمها كي لا تعارض. وتحذيرها من أنها اذا حاولت الهرب فسيتم تصويرها عارية وتُرفع الصور الى الشبكات الاجتماعية ثم الاصطفاف في صف واعتقاد ان الضحية مجرد شيء مغطى بملابس وتجريدها واغتصابها وترك المكان قبل ان يأتي رجال الشرطة أو البلاك بلوك". تُقدر المتطوعات في منظمة "نظرة" أن الاخوان المسلمين انشأوا "مجموعات الاغتصاب" كي يُسيئوا الى سمعة المظاهرات ولجعل العائلات تُبقي البنات في البيوت و"لتطبيق الاسلام الحقيقي الذي يمنع النساء من الاحتكاك أو الاختلاط بالرجال". "في نهاية عهد مبارك لاحت زيادة مقلقة على ظواهر التحرشات الجنسية ولم تكن النساء يستطعن الخروج للعمل"، ورد في التحقيق. "وفي فترة حكم المجلس العسكري بدأت ظاهرة "الفحص عن العذرية" لدى المتظاهرات اللاتي اختطفن من الميدان لاذلالهن وردعهن هن وعائلاتهن. ومنذ تولى مرسي والاخوان الحكم لم يعودوا يريدون ان يروا نساءا خارج البيوت. واللاتي يُصررن على الخروج يُعرضن أنفسهن لخطر الاغتصاب الجماعي. وعندنا براهين قاطعة على أن المهاجمين زرعهم "الاخوان" وحصلوا مقدما على التزام ألا يعاقبوهم. هذا هو السلاح الجديد للسلطة التي تريد جعل المتظاهرين عليها يهربون وتضايق النساء اللاتي أدّين دورا مهما في المظاهرات. وهم يرون ان دور النساء قد انتهى وان التي تعتقد غير ذلك ستتلقى أفظع عقوبة".