غزة / سما / إن المخاوف الإسرائيلية من انتشار الأسلحة السورية غير التقليدية تحديداً ووصولها لجهات تعتبرها معادية ومنفلتة هي مخاوف حقيقية وجدية وتشكل هاجساً حقيقياً، لا سيما بعد أن باتت الجبهة الداخلية الإسرائيلية في قلب المواجهة، وربما بات هذا الخطر مع استمرار تدهور الحالة السورية أكثر الحاحية وحضوراً من خطر (القنبلة الايرانية) لأن الاخير لا زال ضمن الخطوط الحمر لنظرية الأمن القومي بينما الأول يعتبر الخطر الأهم ضمن التحديات الراهنة، ويشاركهم هذه الرؤية أمريكا والغرب وبعض العرب. تغالى اسرائيل كثيراً في تقديراتها لكمية ونوعية هذه الأسلحة بدافع التحريض وبدافع الهواجس الداخلية، حيث تقدر أن لدى سوريا ثالث أكبر ترسانة في العالم، وبخصوص نظام الأسد وسيطرته على الأسلحة الفتاكة تميل التقديرات الأمنية الاسرائيلية إلى وصفه بأنه لا زال متماسكاً ومسيطراً.المخاوف الغربية منذ أن بدأت تظهر علامات التفكك على الدولة السورية، وتطرح أسئلة اليوم التالي لما بعد الأسد، فقد انشغل الغرب وأمريكا في محاولة لإيجاد حل لمعضلة احتمالية استخدام النظام السوري لما يمتلكه من أسلحة غير تقليدية ضد المنتفضين عليه، والتي اعتبرها الغرب خطاً أحمر، يمكن ان يضطرهم للتدخل العسكري، وقد أعدت خطط دولية اقليمية تحسباً لذلك، الأمر الذى جعل المعارضة السورية تقوم باستخدامه وتوظيفه عبر بث وتسريب الكثير من المواد الإعلامية عن استخدام النظام لأسلحة كيميائية أو عن وجود جماعات اسلاميه تحيط بمواقع تخزين هذه الأسلحة استعداداً للسيطرة عليها. وتزداد المخاوف الغربية على خلفية الحالة الليبية، وما نتج عن سقوط القذافي من تسرب كميات هائلة من الأسلحة النوعية، ووصولها الى تنظيمات تعتبرها أوروبا إرهابية، وما يتردد من أن القاعدة والتنظيمات الإسلامية التي تخوض صراعاً الآن على أراضي دولة مالي، كان لها النصيب الأكبر من السلاح الليبي. وعليه فإن دوافع الغرب للتصرف حيال الأسلحة السورية باتت أكبر وأعظم، وبات احتواء خطر انتقالها لجهات أخرى يمثل اجماعاً دولياً وعربياً بما في ذلك الحليف الدولي الأكبر للأسد "روسيا"، لكن الأمر كله مرهون بتقديرات أمنية عن مدى سيطرة واستقرار نظام الأسد، أو مدى قربه من التفكك والانهيار. خطط بإجماع دولي تنتظر ضوء اخضر إن السيناريوهات المحتملة للتصرف في حال تدهور الوضع السوري إلى مستوى يصل حد امكانية وقوع مخازن الأسلحة الفتاكة تحت سيطرة جهات (معادية)، هي سيناريوهات أعدت بتعاون دولي وإقليمي، ولا نغالي إن قلنا أن ثمة اجماع دولي على جدية مثل هذه التهديدات، تتشارك فيه دول من طرفي متراس الصراع السوري، خطط تأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل ومن بينها الحجم الكبير لكمية الترسانة غير التقليدية وعدد مواقع تخزينها -في بعض التقديرات أكثر من 20 موقع- وحساسية نوعية السلاح، حيث خطر تسربه وانتشاره في حال القصف والتسبب بكارثة انسانية وبيئية. ويقع احتواء التهديد (الفتاك) بالطرق الديبلوماسية في مقدمة الخيارات لما لها فرص النجاح، ولأنها تنطوي على أقل الأضرار والأثمان، وهي تستند إلى مجموعه من عوامل النجاح، فروسيا التي تدعم نظام الأسد لا تقبل اذا ما انهار نظام الأسد أن تسيطر مجموعات اسلامية على بعض هذه الأسلحة، لأن في ذلك مسؤولية روسية وربما يشكل ذلك تهديدا لروسيا (خطر وصوله الى الشيشان)، كما أن إيران التي استطاعت أن تعقد صفقات مع أمريكا في العراق ربما سيكون لها مصلحة في عقد اتفاق يشمل أيضا تأمين هذه الأسلحة. أيضاً فإن الرئيس السوري يتمسك بهذه الأسلحة باعتبارها أحد أوراق قوته وربما يعتمد عليها في الحصول على صفقته الأخيرة. وعليه فالعمل الديبلوماسي لاحتواء الأمر ممكن، ونسبة نجاحه كبيرة، وهو بالنسبة للغرب ولإسرائيل أفضل بكثير من التدخل العسكري. بيد أن التدخل العسكري كخيار على كل مكوناته الأمنية والتخريبية و(الجراحية) وبأيدٍ داخلية وخارجية متعددة الجنسيات، وعربية فضائية والكترونيه، وقصفاً جوياً، سيظل حاضراً باعتباره خياراً لابد من الاستعداد له اذا فشلت الوسائل الديبلوماسية.